الأحد، 4 نوفمبر 2012

رسالة إلى جمال عبد الناص


رسالة إلى جمال عبد الناصر من نزار قباني


السيدُ نامْ ..
السيدُ نام كنوم السيف العائد من إحدى الغزواتْ
السيدُ يرقد مثل الطفل الغافى فى حضن الغاباتْ
السيدُ نام .
وكيف أصدق الهرم الرابع ماتْ ؟
القائد لم يذهب أبداً
بل دخل الغرفة كى يرتاحْ
وسيصحو حين تطل الشمسُ
كما يصحو عطر التفاحْ
الخبز سيأكله معنا ..
ويقولُ لنا ..
القائد يشعر بالإرهاق ،
فخلّوهْ يغفو ساعاتْ ..
ـ2ـ
يا من تبكون على ناصرْ
السيد كان صديق الشمسِ ،
فكفّوا عن سكب العبراتْ
السيد ما زال هنا ..
يتمشى فوق جسور النيل،
ويجلس فى ظل النخلاتْ
ويزور الجيزة عند الفجر
ليلثم حجر الأهراماتْ
يسأل عن مصرَ .. ومن فى مصرَ ..
ويسقى أزهار الشرفاتْ
ويصلّى الجمعةَ .. والعيدينِ
ويقضى للناس الحاجاتْ
ما زال هنا عبد الناصرْ
فى طمى النيلِ ، وزهر القطن ،
وفى أطواق الفلاحاتْ ..
فى فرح الشعب ..
وحزنِ الشعب ..
وفى الأمثال وفى الكلماتْ ..
ما زال هنا عبد الناصرْ
من قال الهرم الرابع مات ؟
ـ3ـ
يا من يتساءل : أين مضى عبد الناصر ؟؟
يا من يتساءل :
هل يأتى عبد الناصر ؟؟
السيد موجود فينا ..
موجود فى أرغفة الخبز ،
وفى أزهار أوانينا
مرسومٌ فوق نجوم الصيفِ ..
وفوق رمال شواطينا ..
موجودٌ فى أوراق المصحف ،
فى صلوات مُصلّينا ..
موجود فى كلمات الحبِّ ،
وفى أصوات مُغنّينا
موجود فى عرق العمّال ،
وفى أسوان ، وفى سينا
مكتوب فوق تحدّينا
السيدُ نامَ .. وإن رجعتْ
أسراب الطير ،
سيأتينا ...


جمال عبد الناصر

زمانـك بستـانٌ .. وعصـركَ أخضرُ


وذكـراكَ ، عصـفورٌ مـن القلب ينقرُ

ملأنا لك الأقــداحَ ، يا مــن بِحُبّـه


سكِـرنا ، كما الصـوفىّ بالله يســكرُ

دخلت على تاريخنـــا ذات ليلـــةٍ


فرائحــةُ التاريــخ مسكٌ وعنبــرُ

وكنت َ، فكـانت فى الحقــول سنابلٌ


وكانت عصــافير ٌ.. وكان صــنوبرُ

لمسْتَ أمانينــا ، فصــارتْ جداولاً


وأمطــرتنا حبّـا ، ولا زلتَ تمطــرُ

تأخّــرت عن وعــد الهوى يا حبيبنا


وما كنت عن وعــد الهــوى تتأخرُ

سَهِدْنا .. وفكّــرنا .. وشاخت دموعنـا


وشابت ليالينــا ، وما كنت تحضــُرُ

تعاودنـــى ذكــراك كلّ عشيّــةٍ


ويورق فكـــرى حين فيــك أفكّر ..

وتأبى جراحـــى أن تضــمّ شفاهها


كأن جــراح الحــبّ لا تتخثّـــرُ

أحبّك لا تفسيــر عنــدى لصَبْوتـى


أفسّـر ماذا ؟ والهـــوى لا يفسَّــر

تأخرت يا أغلـى الرجـــال ، فليلنـا


طويـل ، وأضــواء القناديـل تسهرُ

تأخّـرت .. فالسـاعات تـأكل نفسهـا


وأيامنا فــى بعضهــــا تتعثّــرُ

أتسأل عن أعمــارنا ؟ أنت عمــرنا


وأنت لنا المهــدىّ .. أنت المحــرّرُ

وأنت أبو الثــورات ، أنت وقـودهـا


وأنت انبعـاث الأرض، أنت التغيّــرُ

تضيق قبـور الميتيــن بمــن بهـا


وفى كل يــوم أنت فــى القبر تكبرُ

تأخــرت عنّا .. فالجيــاد حـزينـة


وسيفك مـن أشـواقه ، كـاد يكفـــرُ

حصانـك فـى سينـاء يشـرب دمعَهُ


ويا لعــذاب الخيــل ، إذ تتـذكـّرُ

وراياتك الخضــراء تمضــغ دربها


وفـوقك آلاف الأكاليــل تُضـــْفَرُ

تأخــرت عنا .. فالمسيــح معـذّبٌ


هناك ، وجــرح المجــدلية أحمرُ ..

نساء فلسطيـنٍ تكحّلـن بالأســــى


وفى بيت لحــمٍ قاصـراتٌ .. وقصّرُ

وليمونُ يـافـا يـابسٌ فـى حقولــهِ


وهل شجــرٌ فى قبضـة الظلم يُزهرُ ؟

رفيق صــلاح الدين .. هل لك عودةٌ


فإن جيـوش الــروم تنهــى وتأمرُ

رفاقك فى الأغــوار شـدّوا سُروجَهم


وجنـدك فى حِطِّين ، صلّوا .. وكبّروا ..

تُغنّـى بـك الدّنيــا .. كأنك طـارقٌ


على بـركات الله ، يرســو .. ويُبحرُ

تناديـك من شــوقٍ مـآذنُ مكّــةٍ


وتبكيـك بَــدر ٌ، يا حبيبـى ، وخيبرُ

ويبكيـك صـفصاف الشــام ووردها


ويبكيـك زهـرُ الغـوطتين ، ودُمَّــرُ

تعال إلينــا .. فالمــروءات أطرقتْ


وموطــن آبائــى زجـاج مكسّرُ ..

هزمنـا .. ومـا زلنـا شِتـاتَ قبائـلِ


تعيشُ على الحقــد الدفيــن وتثـأرُ

رفيق صــلاح الدين .. هل لك عـودةٌ


فإن جيـوش الــروم تنهـى ، وتأمرُ

يحاصــرنا كالمــوت ألفُ خليفــةً


ففى الشرق هولاكو .. وفى الغرب قيصرُ

أبا خالـد أشكـو إليــك مـواجعـى


ومثلــى له عــذرٌ .. ومثلك يعــذرُ

أنا شجــرُ الأحــزان ، أنـزفُ دائماً


وفى الثلـج والأنـواءِ .. أعطـى وأُثمرُ

يثيـرُ حــزيـرانٌ جنونـى ونقْمتَـى


فأغتال أوثانــى .. وأبكـى .. وأكفـرُ

وأذبــح أهـلَ الكـهف فـوق فراشهم


جميعاً ، ومن بـوّابـة المــوت أعبرُ

وأتـرك خلفــى ناقتـى وعباءتــى


وأمشى .. أنا فى رَقْبــة الشمس خِنجرُ

وأصـرخُ : يا أرض الخرافات ِ.. احْبلى


لعلّ مسيحــاً ثانيـاً .. سوف يظهرُ ..


القصيدة الثالثه

هذه القصيده للزعيم الراحل ( جمال عبدالناصر )

قتلناك يااخر الانبياء قتلناك
ليس جديدا علينا
قتل الصحابه والاولياء
فكم من رسول قتلنا
وكم من امام
ذبحناه وهو يصلي صلاه العشاء
فتاريخنا كله محنه
وايامنا كلها كربلاء
2
نزلت علينا كتابا جميلا
ولكننا لانجدي القراءه
وسافرت فينا لارض البراءه
ولكننا ماقبلنا الرحيلا
تركناك في شمس سيناء وحدك
تكلم ربك في الطور وحدك
وتعري
وتشقي
وتعطش وحدك
ونحن هنا نجلس القرفضاء
نبيع الشعارات للاغبياء
ونحشو الجماهير تبنا وقشا
ونتركهم يعلكون الهواء
3
قتلناك
ياجبل الكبرياء
واخر قنديل زيت
يضئي لنا ليالي الشتاء
واخر سيف من القادسيه
قتلناك نحن بكلتا يدينا
وقلنا المنيه
لماذا قبلت المجي الينا
فمثلك كان كثيرا علينا
سقناك سم العروبه حتي شبعت
رميناك في نار عمان حتي احترقت
اريناك غدر العروبه حتي كفرت
لماذا ظهرت بارض النفاق
لماذا ظهرت
فنحن شعوب من الجاهليه
ونحن التقلب
نحن التذبذب
والباطنيه
نبايع اربابنا في الصباح
ونأكلهم حين تاتي العشيه
4
قتلناك
ياحبنا وهوانا
وكنت الصديق وكنت الصدوق
وكنت ابانا
وحين غسلنا يدينا اكتشفنا
بأنا قتلنا منانا
وان دمائك فوق الوساده
كانت دمانا
نفضت غبار الدراويش عنا
اعدت الينا صبانا
وسافرت فينا المستحيل
وعلمتنا الزهو والعنفوانا
ولكننا
حين طال المسير علينا
وطالت اظافرنا ولحانا
قتلنا الحصانا
فتبت يدانا
فتبت يدانا
اتينا اليك بعاهاتنا
واحقادنا وانحرافاتنا
الي ان ذبحتك ذبحا
بسيف أسانا
فليتك في ارضنا ماظهرت
وليتك كنت نبي سوانا
5
ابا خالد  ياقصيده شعر
تقال
فيحضر منها المداد
الي اين ؟
يافارس الحلم تمضي
وما الشوط حين يموت الجواد
الي اين ؟
كل الاساطير ماتت
بموتك وانتحرت شهرزاد
وراء الجنازه  سارت قريش
فهذا هشام
وهذا زياد
وهذا يريق الدموع عليك
وخنجره تحت ثوب الحداد
وهذا يجاهد في نومه
وفي الصحو
يبكي الجهاد
وهذا يحاول بعدك ملكا
وبعدك
كل الملوك رماد
وفود الخوارج جاءت جميعا
لتنظم فيك
ملاحم عشق
فمن كفروك
ومن خونوك
ومن صلبوك بباب دمشق
انادي عليك ابا خالد
واعرف اني انادي بواد
واعرف انك لن تستجيب
وان الخوارق ليست تعاد


القصيدة الرابعه

رساله الى جمال عبد الناصر


والدُنا جمالَ عبدَ الناصرْ:
عندي خطابٌ عاجلٌ إليكْ..
من أرضِ مصرَ الطيبةْ
من ليلها المشغولِ بالفيروزِ والجواهرِ
ومن مقاهي سيّدي الحسين، من حدائقِ القناطرِ
ومن تُرعِ النيلِ التي تركتَها..
حزينةَ الضفائرِ..
عندي خطابٌ عاجلٌ إليكْ
من الملايينِ التي قد أدمنتْ هواكْ
من الملايين التي تريدُ أن تراكْ
عندي خطابٌ كلّهُ أشجانْ
لكنّني..
لكنّني يا سيّدي
لا أعرفُ العنوانْ…

والدُنا جمالَ عبدَ الناصرْ
الزرعُ في الغيطان، والأولادُ في البلدْ
ومولدُ النبيِّ، والمآذنُ الزرقاءُ..
والأجراسُ في يومِ الأحدْ..
وهذهِ القاهرةُ التي غفَتْ..
كزهرةٍ بيضاءَ.. في شعرِ الأبَدْ..
يسلّمونَ كلّهم عليكْ
يقبّلونَ كلّهم يديكْ..
ويسألونَ عنكَ كلَّ قادمٍ إلى البلدْ
متى تعودُ للبلدْ؟…

حمائمُ الأزهرِ يا حبيبَنا.. تُهدي لكَ السلامْ
مُعدّياتُ النيلِ يا حبيبَنا.. تّهدي لكَ السلامْ..
والقطنُ في الحقولِ، والنخيلُ، والغمامُ..
جميعُها.. جميعُها.. تُهدي لكَ السلامْ..
كرسيُّكَ المهجورُ في منشيّةِ البكريِّ..
يبكي فارسَ الأحلامْ..
والصبرُ لا صبرَ لهُ.. والنومُ لا ينامْ
وساعةُ الجدارِ.. من ذهولِها..
ضيّعتِ الأيّامْ..
يا مَن سكنتَ الوقتَ والأيامْ
عندي خطابٌ عاجلٌ إليكَ..
لكنّني…
لكنّني يا سيّدي.. لا أجدُ الكلامْ
لا أجدُ الكلامْ..

والدُنا جمالَ عبدَ الناصرْ:
الحزنُ مرسومٌ على الغيومِ، والأشجارِ، والستائرِ
وأنتَ سافرتَ ولم تسافرِ..
فأنتَ في رائحةِ الأرضِ، وفي تفتُّحِ الأزاهرِ..
في صوتِ كلِّ موجةٍ، وصوتِ كلِّ طائرِ
في كتبِ الأطفالِ، في الحروفِ، والدفاترِ
في خضرةِ العيونِ، وارتعاشةِ الأساورِ..
في صدرِ كلِّ مؤمنٍ، وسيفِ كلِّ ثائرِ..
عندي خطابٌ عاجلٌ إليكْ..
لكنّني..
لكنّني يا سيّدي..
تسحقُني مشاعري..

يا أيُها المعلّمُ الكبيرْ
كم حزنُنا كبيرْ..
كم جرحُنا كبيرْ..
لكنّنا
نقسمُ باللهِ العليِّ القديرْ
أن نحبسَ الدموعَ في الأحداقْ..
ونخنقَ العبرةْ..
نقسمُ باللهِ العليِّ القديرْ..
أن نحفظَ الميثاقْ..
ونحفظَ الثورةْ..
وعندما يسألُنا أولادُنا
من أنتمُ؟
في أيِّ عصرٍ عشتمُ..؟
في عصرِ أيِّ مُلهمِ؟
في عصرِ أيِّ ساحرِ؟
نجيبُهم: في عصرِ عبدِ الناصرِ..
الله.. ما أروعها شهادةً
أن يوجدَ الإنسانُ في عصرِ عبدِ الناصرِ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق