أهلا وسهلا بكـ ,
مطهرالديلميالتنبيهات
لا توجد رسائل جديدة
صندوق الوارد
ملفي الشخصيلوحة التحكمتسجيل الخروج
--------------------------------------------------------------------------------
.
المنتدى
المشاركات الجديدةالرسائل الخاصةالتعليمـــاتالتقويمالمجموعات
المجموعاتألبوماتيالاتصالات والأصدقاءقائمة الأعضاءتطبيقات عامة
اجعل كافة الأقسام مقروءة الخيارات العامة تعديل بياناتي خيارات سريعة
مواضيع مشترك بهافتح نافذة جهات الإتصالمشاهدة طاقم الإدارة .الأوسمةما الجديد؟مركز التحميلمركز رفع الملفات. البحث المتقدمالمنتدىمكتبة البرنسشرفات الأدبالأدب المهجري.
--------------------------------------------------------------------------------
لطلب الإعلان: اضغط هنا
لطلب الإعلان: اضغط هنا
مطهرالديلمي يمكنك تصفح المنتدى والمشاركة فيه على جوالك بإستخدام برنامج Tapatalk
آخـــر الــمــواضــيــع
ختم جديد رآيكم ياحلوات
المخدرات تجبر باريس هيلتون علي تنظيف الشوارع
منع رولا سعد من الغناء في مصر بقرار من النقابه
السيرة الذاتيه للفنان حسن الجسمي
الرُوحْ / ابن القَيِمْ ( نَادي القراءَة 2 )
رئيس الاتحاد الألماني يترشح لتنفيذية الفيفا
:: [ نشيد وفلاش : عائشة الطهر
أبيات : نبض السوسن
أداء وألحان : أبو يـزن ] ::
طفله تطلب من شاب ان يعلمها كلمه.....قصه مؤثره
شاركونا أرغفة التجارب
كتالوج اشجان فاشن روووعة نصيحه لايفوتكم
+ الرد على الموضوع
صفحة 1 من 2
1
2
الأخيرة
إذهب إلى الصفحة: النتائج 1 إلى 10 من 14 الموضوع: الأدب المهجري LinkBack LinkBack URL About LinkBacks Bookmark & ShareDigg this Thread!Add Thread to del.icio.usBookmark in TechnoratiTweet this Thread!أدوات الموضوعمشاهدة صفحة طباعة الموضوعأرسل هذا الموضوع إلى صديق…الإشترك في هذا الموضوع… بحث في الموضوع البحث المتقدم
05-05-2009 05:18PM #1 أحلام الناي
الملف الشخصي مشاهدة المشاركات رسالة خاصة إضافة إلى قائمة الإتصال
الحالة: غير متصل
تاريخ التسجيل : 04 - 05 - 2007
الدولة : على تلّة ِ حلم !!
الجنس: شاب
المشاركات : 6,774
شكراً
7
تم شكره 25 مرة في 14 مشاركةمعدل تقييم المستوى : 22
الأدب المهجري
في فترة من الفترات .. كان هذا الأدب يسرق فكري ويشغل بالي
وبالذات عند الطرفين جبران خليل جبران و إيليا أبوماضي
فالشعر ينصب منهم كالنهر العذب بعيدا ً عن الشوائب كأغنية من شلال طهر
هكذا كانت رحلتي معهم .. وهكذا الآن أقف محتارا ً .. من أي رحيق البحوث أختار
التقديم لهذا البحث ...
ألآتي بقلم موسى الكايد ..
بدايـة الطـريق :
يقول الكثير من المؤرخين إن الولادة الحقيقية لشعــر المهجــر تعود الى أواخر القرن التاسع عشر حيث تعتبر الأندلس .. " أسبانيا حالياً " الحاضنة الحقيقية للجماعات القادمة من البلاد العربية كلبنان وسوريا بعضها هرباً من ظلم الأتراك وبعضها بحثاً عن الرزق وبين الجماعات المهاجرة كانت هناك طائفة من الشبان ترفرف بين جوانحهم قلوب تملؤها الحرية وفي رؤوسهم آفاق رحاب من الفكر النير والخيال الخصب أولئك كانوا من الرعيل المثقف الواعي الذي عز عليه أن يعيش أسيراً للظلم والعوز فانطلقوا باحثين عن الحرية والاكتفاء .
فئات شعـر المهجـر :
ينقسم معشر شعراء المهجر الى فئتين :
الأولى المهجر الشمالي أي " الولايات المتحدة الأميركية " أمريكا الشمالية أما . .
الفئة الثانية فكانت في أمريكا الجـنوبية والمعروف أن الشمال أغنى من الجنوب الفقير الذي يدخل في صلبه شعراؤنا المتواجدون في البرازيل وبلدان أمريكا الجنوبية فلكل من هاتين الفئتين خصائص ومميزات منها الأصيل ومنها المكتسب والتي تتفق تارة مع خصائص الأخرى ومميزاتها وقد تختلف أحياناً أخرى فقد ظهرت الفئتان في وقت واحد وفترة متقاربة جداً تبدأ منذ أوائل القرن العشرين تحديداً مع بداية الحرب العالمية الأولى 1914م- 1918م حيث أسهمت كلتا " الفئتين" في تكوين في تكوين ما عرف بالمدرسة المهجرية الأدبية التي تركت كل منها أثرها على الأخرى .
إن فئة المهجر الشمالي على قلة عددهم كانت أبعد أثراً من فئة الجنوب وعلى الرغم من أن الذين ظهروا في الحقل الأدبي هم مهاجرو الجـنوب الذين ذاع صيتهم وأعمالهم في العالم العربي إلاّ أنهم كانوا لا يتجاوزن عدد الأصابع حتى فئة الشمال فقد تفوق منهم قلة ومن ذاع صيتهم أيضاً قلة إلاّ أنهم أيضاً اثروا الأدب العربي بالعناصر والأوزان الجديدة التي تجلت مع منتصف الخمسينات من القرن الماضي .
رواد شعـر المهجـر :
هناك العديد ممن يشار إليهم بالبنان على أنهم أصحاب الفضل في إنارة الأدب العربي منهم الشعراء : جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة إيليا أبو ماضي ونسيب عريضة ورشيد أيوب وعبدالمسيح حداد وندرة حداد ووليم كاتسفليس والريحاني وأمين مشرق ومسعود سماحة ونعمة الحاج . .
فالثمانية المتواجدون في السطور الأولى هم من أعضاء " الرابطة القلمية " التي أنشئت في نيويورك عام 1920م برئاسة جبران خليل جبران وسكرتيره ميخائيل نعيمة فأعضاء الرابطة القلمية سرعان ما انتشرت أعمالهم في المهجر والوطن وأقبل المثقفون في العالمين القديم والجديد " العربي والأمريكي " على إشباع ذروة عطشهم من القصة والنثر والشعر لما رأوا فيه من حيوية وأساليب غاية في الجمال .
استطاع أدباء المهجـر الشـمالي أن يبدعوا في أكثر من ميدان عنوانه الأدب حيث أغرموا بالأدب العربي وجعلوه مملوءاً بأساليب فنية وشقوا طرقاً وفنوناً جديدة حتى لتعد مؤلفات بعضهم أحداثاً لها قيمتها الكبرى في حياة النهضة الأدبية في الشرق العربي .
فمن أبرز الأعمال التي ما زالت حية حتى يومنا هذا قصيدة . .
المواكب " لجبران " . .
و" الجداول " و " الخمائل " لإيليا أبو ماضي مع عدد من قصائد الجزء الثاني من ديوانه . .
و " الأرواح الحائرة " لنسيب عريضة . .
و" همس الجفون " لميخائيل نعيمة . .
النسـوة في أدب المهجـر :
نظر الأدب المهجري إلى المرأة على أنها عنصر روائي مهم وشعري لا يشق له غبار وقصصي انحنت له الأقلام فهناك مجموعة من النساء اللواتي أسهمت لكن ليس بمستوى جبران ونعيمة والآخرين فمن أديبات المهجر اللواتي حظين بالشهرة عبر صحافة المهجر السيدة سلمى صائغ مؤلفة كتاب "ذكريات وصور" وأيضاً السيدة ماري عطا الله و مريانا دعبول فاخوري رئيسة تحرير مجلة " المراحل" والتي تصور في مدينة سان باولو وأنجال عون شليطا الاديبة والفنانة التي كانت تحب النثر والكتابة وتسهم في الخدمة الاجتماعية أيضاً سلوى أطلس رئيسة تحرير مجلة "الكرامة" التي عاشت أكثر من ربع قرن حيث ولدت سلوى في حمص بسوريا وهاجرت إلى البرازيل عام 1913م حيث توفيت هناك.
خصائص ومميزات أدب المهجـر :
ما يميز أدب المهجـر عن باقي دواوين الأدب العـربـي :
الوفرة الكبيرة في العناصر القوية حيث كان الأدب العربي قبلها في عصر الانحطاط لا يزال يزحف كالسلحفاة ينوء بما يجرجره من ركام الألفاظ والأساليب القديمة البالية التي تكبله وتثقله فتعوق مسيرته وتقيد حركته.
من هنا نستطيع القول إن ما تميزت به مـدرسـة المهجــر الأدبـية تسع مـزايـا هي :
- التحرر التام من قـيود القديم .
- الأسـلوب الفني والطابع الشخصي المتميز.
- والسبع البقية : هي جوهر العمل الأدبي .
- الحنين الى الوطن .
- التأمل.
- النزعة الإنسانية .
- عمق الشعور بالطبيعة .
- براعة الوصف والتصوير .
- الغنائية الرقيقة في الشعر .
- الحرية الدينية .
!! أنا القاك صباحا ً ومساء .. في خيالي أنت يا أغلا رجاء !!
!! .. للناي أحلامه.. !!
إضافة رد رد مع اقتباس شكراً
--------------------------------------------------------------------------------
05-05-2009 05:23PM #2 أحلام الناي
الملف الشخصي مشاهدة المشاركات رسالة خاصة إضافة إلى قائمة الإتصال
الحالة: غير متصل
تاريخ التسجيل : 04 - 05 - 2007
الدولة : على تلّة ِ حلم !!
الجنس: شاب
المشاركات : 6,774
شكراً
7
تم شكره 25 مرة في 14 مشاركةمعدل تقييم المستوى : 22
جبران خليل جبران
القادم مأخوذ من القصة السورية ...
واجه جبران خليل جبران (1883 - 1931) عصره; فتعارفا وكان صراع .. سافر شاعرًا في أبعاد العصر ليبلور الحكمة الكامنة, علّه يدفع بالإنسان نحو ذاته الفضلى.
من (بشرِّي) لبنان (1883 - 1895), حيث ولد وحيث تفتح وجدانه وخياله, انتقل إلى (بوسطن) (1895 - 1898) التي كانت تشهد -آنذاك- نهضة فكرية, وعاد إلى (بيروت) (1898 - 1902) ليعيش نكبات شرقه وتخلّفه, بينما كان يستزيد من تعلم العربية في بلاده. ثم إلى (بوسطن) ثانية (1902 - 1908), ليعيش تجربة الموت الذي حصد أسرته (1902 - 1904), ثم إلى (باريس) (1908 - 1910) ليسبر عمق التحول الثقافي والفني الذي كانت تشهده, وبعدها (نيويورك) (1911 - 1913), حيث يدرك معنى المدينة الحديثة في أوسع مفاهيمها.
ووسط (العالم الجديد), يناديه التاريخ في الحواضر العريقة فيسيح في مصر وفلسطين وسورية (1903), وتجذبه روما ولندن; فيقرأ فيهما نموّ الوعي الخلاّق في رحم التاريخ.
وتقدم الحرب العالمية الأولى لجبران أغزر وأغنى مادة للتأمل الجذري في طبيعة القوة وماهية الضعف في النفس البشرية. وينتهي إلى اكتشاف مكنون إنساني أعمق وأبعد من ظواهر القوة والضعف, هو قدرة الإنسان الروحية اللامتناهية, التي رأى التوصل إليها ممكنًا عبر الحوار الباطني مع النفس ومع الإنسانية.
كان ذلك الحوار هو طريق جبران إلى التجربة الصوفية, وكان -أيضًا- مصدر تحوّله من الرومنسي إلى رافض الحَرْفية والأنظمة الفكرية والفلسفية, ليركن إلى شاعرية الحكمة.
منذ أوّل مقال نشره بعنوان (رؤيا), وأول معرض للوحاته (1904) حتى اليوم, تتشاسع مدارات انتشار نتاج جبران; فيزداد -باضطراد- عدد ترجمات مؤلفه (النبي) ليتجاوز الثماني والعشرين لغة. وتقف العواصم الحضارية بإجلال أمام أعماله التشكيلية التي يقتنيها عدد من أهم متاحف العالم.
ويتكثف حضور جبران: الشاعر, والحكيم و(خلاّق الصور) كما كان يسمي نفسه. ويتفرّد نتاجه بمخيلة نادرة, وبإحساس خلاق مرهف, وبتركيب بسيط. وبهذه الخصائص, تبلور في لغته العربية -كما في الإنكليزية- فجر ما سيُدعى - فيما بعد- (القصيدة النثرية) أو (الشعر الحديث).
ويمكن تبيّن أربع مراحل في إنتاج جبران:
الرومنسية: كما تنعكس في كتيب (نبذة في الموسيقى) (1906), وأقصوصات (عرائس المروج) (1906), و(الأرواح المتمردة) (1908), و(الأجنحة المتكسرة) (1912), ومقالات (دمعة وابتسامة) (1914), والمطوّلة الشعرية (المواكب) (1919).
الثورية الرافضة: تتصعّد الرومنسية لتنتهي إلى اكتشاف أن القوة الإنسانية تكمن في الروح الخاص والعام, كما في مقالات وأقصوصات وقصائد (العواصف) (1920), و(البدائع والطرائف) (1923), وفي كتابه بالإنكليزية (آلهة الأرض) (1931).
الحِكَمية: تعتمد المثل أسلوبًا, كما في ثلاثيته إنكليزية اللغة: (المجنون) (1918), (السابق) (1920), و(التائه) (1923).
التعليمية: وفيها يختصر جبران خلاصات تجاربه وتأمله الحياة, والإنسان, والكون والعلاقات المتسامية. وهي المرحلة التي تُعَدّ ذروة نضجه الذي يتبدّى في ثلاثية أخرى باللغة الإنكليزية: (النبي) (1923), (يسوع ابن الإنسان) (1928), و(حديقة النبي) (1933).
ويكاد هذا النتاج / الموقف أن يكون علامة فارقة في تراث تباينت حوله الآراء, لكن كان هناك دائمًا إجماع على شموليته الإنسانية التي تروحن الغرب بحكمتها الصوفية, وتُخرج الشرق من المطلقات المسبقة إلى التجربة الشخصية الحية باتجاه المطلق.
بدايات في حياته
قليلون جدا من لم يسمعوا بـ "جبران" حول العالم، والأقل منهم من لم يسمعوا بكتاب "النبي". وهذا الكتاب يختصر بالفعل فلسفة جبران ونظرته إلى الكون والحياة. وقد ترجم إلى لغات العالم الحية كلها، وكانت آخرها اللغة الصينية ( هذا العام)، وقد حققت مبيعاته أرقاما قياسية بالنسبة إلى سواه من الكتب المترجمة إلى تلك اللغة.
صحيح أن معظم كتب جبران وضعت بالإنكليزية، وهذا ما ساعد كثيرا على انتشارها، ولكن جبران كتب ورسم و "فلسف" الأمور بروح مشرقية أصيلة لا غبار عليها، سوى غبار المزج بين ثقافات متعددة وعجنها ثم رقها وخبزها على نار الطموح إلى مجتمع أفضل وحياة أرقى وعلاقات بين البشر تسودها السعادة المطلقة التي لم يتمتع بها جبران نفسه. وكأن قدر كل عظماء العالم من فلاسفة ومفكرين ان يعانوا الآلام النفسية والجسدية في سبيل بلوغ الغاية القصوى واكتشاف أسرار الحياة والمعرفة.
ولد هذا الفيلسوف والأديب والشاعر والرسام من أسرة صغيرة فقيرة في بلدة بشري في 6 كانون الثاني 1883. كان والده خليل جبران الزوج الثالث لوالدته كاملة رحمة التي كان لها ابن اسمه بطرس من زواج سابق ثم أنجبت جبران وشقيقتيه مريانا وسلطانة .
كان والده، خليل سعد جبران، الذي ينحدر من أسرة سورية الأصل، يعمل راعياً للماشية ويمضي أوقاته في الشرب ولعب الورق. "كان صاحب مزاج متغطرس، ولم يكن شخصاً محباً"، كما يتذكر جبران، الذي عانى من إغاظته وعدم تفهمه. وكانت والدته "كاملة رحمة"، من عائلة محترمة وذات خلفية دينية، واستطاعت ان تعتني بها ماديا ومعنويا وعاطفيا.. وكانت قد تزوجت بخليل بعد وفاة زوجها الأول وإبطال زواجها الثاني. كانت شديدة السمرة، ورقيقة، وصاحبة صوت جميل ورثته عن أبيها.
لم يذهب جبران إلى المدرسة لأن والده لم يعط لهذا الأمر أهمية ولذلك كان يذهب من حين إلى آخر إلى كاهن البلدة الذي سرعان ما أدرك جديته وذكاءه فانفق الساعات في تعليمه الأبجدية والقراءة والكتابة مما فتح أمامه مجال المطالعة والتعرف إلى التاريخ والعلوم والآداب.
وبفضل أمه، تعلم الصغير جبران العربية، وتدرب على الرسم والموسيقى. ولما لاحظت ميل الرسم لديه،زودته بألبوم صور لـ "ليوناردو دفنشي"، الذي بقي معجباً به بصمت. بعد وقت طويل، كتب يقول: "لم أر قط عملاً لليوناردو دفنشي إلاّ وانتاب أعماقي شعور بأن جزءاً من روحه تتسلل إلى روحي...".
تركت أمه بصمات عميقة في شخصيته، ولم يفته أن يشيد بها في "الأجنحة المتكسرة": "إن أعذب ما تحدثه الشفاه البشرية هو لفظة "الأم"، وأجمل مناداة هي "يا أمي". كلمة صغيرة كبيرة مملوءة بالأمل والحب والانعطاف وكل ما في القلب البشري من الرقة والحلاوة والعذوبة. الأم هي كل شيء في هذه الحياة، هي التعزية في الحزن، والرجاء في اليأس، والقوة في الضعف، هي ينبوع الحنو والرأفة والشفقة والغفران، فالذي يفقد أمه يفقد صدراً يسند إليه رأسه ويداً تباركه وعيناً تحرسه...".
سنواته الأولى أمضاها جبران لا مبالياً، رغم الشجارات بين والديه والسقوط من فوق ذلك المنحدر الذي ترك فيه التواء في الكتف. تتلمذ في العربية والسريانية على يد الأب "جرمانوس". وعلمه الأب "سمعان" القراءة والكتابة في مدرسة بشري الابتدائية. ويروي صديقه الكاتب "ميخائيل نعيمة" أن الصغير جبران كان يستخدم قطعة فحم ليخط بها رسومه الأولى على الجدران. ويحكى أنه طمر يوماً، وكان عمره أربع سنوات، ورقة في التراب وانتظر أن تنبت.
في العاشرة من عمره وقع جبران عن إحدى صخور وادي قاديشا وأصيب بكسر في كتفه اليسرى ، عانى منه طوال حياته.
لم يكف العائلة ما كانت تعانيه من فقر وعدم مبالاة من الوالد، حتى جاء الجنود العثمانيون عام (1891) والقوا القبض عليه أودعوه السجن بسبب لسوء إدارته الضرائب التي كان يجيبها. أدين، وجرد من كل ثرواته وباعوا منزلهم الوحيد، فاضطرت العائلة إلى النزول عند بعض الأقرباء ولكن الوالدة قررت ان الحل الوحيد لمشاكل العائلة هو الهجرة إلى الولايات المتحدة سعيا وراء حياة أفضل !!
هجرة العائلة إلى أمريكا
أربك دخول خليل والدة جبران تماماً. كيف ستطعم أولادها الأربعة ولا تملك أي شيء. فكرت بالهجرة. ولكن، أين ستجد نفقات السفر.. باعت ما تبقى لها من تركة والدها. والتمست تدخل أحد الأساقفة للحصول على إذن السفر من السلطات الأمريكية. ورحلت الأسرة بحراً عام 1895 إلى العالم الجديد، إلى بوسطن.
عام 1894 خرج خليل جبران من السجن، وكان محتارا في شأن الهجرة، ولكن الوالدة كانت قد حزمت أمرها، فسافرت العائلة تاركة الوالد وراءها.
حطت الأسرة الرحال في "إليس إيسلاند"، نيويورك، في 17 حزيران 1895. ووصلوا إلى نيويورك بالتحديد في 25 حزيران 1895 ومنها انتقلوا إلى مدينة بوسطن حيث كانت تسكن اكبر جالية لبنانية في الولايات المتحدة.بعد ذلك بوقت قصير وهي المدينة التي ترتبط بها قضايا التاريخ الأمريكي الكبيرة: الثورة، والاستقلال، وإلغاء العبودية، وتحرير النساء... . ونزلت العائلة في بوسطن في ضيافة أقارب كانوا قد جاءوا من بشري قبل سنوات قليلة وبذلك لم تشعر الوالدة بالغربة، بل كانت تتكلم اللغة العربية مع جيرانها، وتقاسمهم عاداتهم اللبنانية التي احتفظوا بها.
اهتمت الجمعيات الخيرية بإدخال جبران إلى المدرسة، في حين قضت التقاليد بأن تبقى شقيقتاه في المنزل، في حين بدأت الوالدة تعمل كبائعة متجولة في شوارع بوسطن على غرار الكثيرين من أبناء الجالية. وقد حصل خطأ في تسجيل اسم جبران في المدرسة وأعطي اسم والده، وبذلك عرف في الولايات المتحدة باسم "خليل جبران". وقد حاول جبران عدة مرات تصحيح هذا الخطأ فيما بعد إلا انه فشل.
بدأت أحوال العائلة تتحسن ماديا حيث راح الأخ البكر غير الشقيق بطرس يبحث عن عمل. ووجده في محل للمنسوجات. وكان على الأم كاملة أن تحمل على ظهرها بالة صغيرة من الشراشف والأغطية والحريريات السورية وتنتقل بها من بيت إلى بيت لبيعها. ثم عملت في الخياطة، بمساعدة ابنتيها سلطانة وماريانا، وعندما جمعت الأم مبلغا كافيا من المال أعطته لابنها بطرس الذي يكبر جبران بست سنوات وفتحت العائلة محلا تجاريا.
وكان معلمو جبران في ذلك الوقت يكتشفون مواهبه الأصيلة في الرسم ويعجبون بها إلى حد ان مدير المدرسة استدعى الرسام الشهير هولاند داي لإعطاء دروس خاصة لجبران مما فتح أمامه أبواب المعرفة الفنية وزيارة المعارض والاختلاط مع بيئة اجتماعية مختلفة تماما عما عرفه في السابق.
في نفس الوقت أشفقت كاملة على بطرس وهي تراه يكد لإعالة الأسرة، بينما كان يمضي جبران وقته في القراءة والرسم والاستغراق في الأحلام. وطلبت منه مساعدة أخيه. لكنه رفض صراحة، معلناً إن إصبع رسام صغيرة لتساوي ألف تاجر ـ ما عدا بطرس؛ وإن صفحة من الشعر لتساوي كل أنسجة مخازن العالم!. في الواقع، أخذ جبران يواظب على التردد إلى مؤسسة خيرية تعطي دروساً في الرسم اسمها "دنسيون هاوس"،حيث لفتت موهبته انتباه مساعدة اجتماعية نافذة جداً اسمها "جسي"، التي عرّفته من خلال صديق لها إلى المصور الشهير "فرد هولاند داي"، الذي كان يدير داراً للنشر في بوسطن.
كان داي بحاجة لموديلات شرقية لصوره. وقد راقه جبران بوجهه المسفوع، وشعره الأسود، ونظراته التأملية. ألبسه راعيه إياه ثياباً جديدة، وأولمه، وعرّفه إلى عالم الرسام والشاعر "وليم بليك"، الذي اكتشف فيه جبران عالماً أسطورياً وتنبؤياً، وبهره تنوع الينابيع التي أثرت مفرداته الشعرية، وتأثر بخصوبة أعماله الرمزية الموسومة بالجدل الروحي بين الخير والشر والجنة والجحيم... . لم يكن بعد، لصغر سنه، بمستوى الارتقاء إلى فكر "بليك" كله، غير أنه تمثل بعض أفكاره كنقد المجتمع والدولة، وفضيلة الرغبة الخلاقة، ووحدة الكائن، وراح يخط رسوماً مشحونة بالرموز مستوحاة من رسوم الفنان والشاعر اللندني الشهير...
كان لداي فضل اطلاع جبران على الميثولوجيا اليونانية، الأدب العالمي وفنون الكتابة المعاصرة والتصوير الفوتوغرافي، ولكنه شدد دائما على ان جبران يجب ان يختبر كل تلك الفنون لكي يخلص إلى نهج وأسلوب خاصين به. وقد ساعده على بيع بعض إنتاجه من إحدى دور النشر كغلافات للكتب التي كانت تطبعها. وقد بدا واضحا انه قد اختط لنفسه أسلوبا وتقنية خاصين به، وبدأ يحظى بالشهرة في أوساط بوسطن الأدبية والفنية.
العودة إلى لبنان
قررت عائلة جبران وخصوصا أمه أن الشهرة المبكرة ستعود عليه بالضرر، وانه لا بد أن يعود إلى لبنان لمتابعة دراسته وخصوصا من أجل إتقان اللغة العربية .. وكان قد أثار تردد جبران المتزايد إلى أوساط "داي"، الذي لم تكن سمعته تدعو للارتياح، قلق الأسرة. وازدادت الأمور سوءاً بعد أن وقع في شراك زوجة تاجر في الثلاثين من عمرها، وغيابه المتكرر عن البيت ليلاً. وكان قد فتن قبلها بامرأة أخرى... وفكرت كاملة بإعادة ابنها المراهق إلى لبنان. ولم يعترض جبران فوصل جبران إلى بيروت وهو يتكلم لغة إنكليزية ضعيفة، ويكاد ينسى العربية أيضا.
رحل إلى بيروت في 30 آب 1898. كان بين أمتعته الأناجيل وكتاب لـ "توماس بلفنيتش" في الميثولوجيا اكتشف فيه الفنان الناشئ جبران دراما "بروميثيوس"، وأسطورة "أورفيوس"، والنبي الفارسي "زرادشت"، والفلسفة الفيثاغورسية، والأساطير الهندية...
هرع جبران فوراً إلى بشري، وحضن أبيه، وتوافد الأقارب والأصدقاء لرؤية "الأمريكي". كان بينهم أستاذه الشاعر والطبيب "سليم الضاهر"، الذي نصحه بمتابعة دروسه في "كوليج دو لا ساجيس"، التي بقي فيها زهاء ثلاث سنوات. ورغم تأخره في العربية الفصحى، "طلب" الفتى قبوله في صف أعلى وعدم سؤاله قبل ثلاثة أشهر. وقبل القيمون "شروط" جبران، الذي أعجبتهم جرأته وقوة شخصيته. كان من بين أساتذته الأب "يوسف حداد"، الشاعر والكاتب المسرحي الذي اكتشف برفقته كنوز اللغة العربية، وابن خلدون، والمتنبي، وابن سينا، والشعراء الصوفيين. وبدأ يجيد التعبير عن أفكاره بلغته الأم، وكتب أولى نصوصه بالعربية. وتعلم الفرنسية وأخذ يقرأ آدابها. ويتذكر جبران أن تلك المدرسة كانت صارمة؛ وأنه لم يكن يمتثل لمعلميه؛ وأنه كان أقل تعرضاً للعقاب من بقية التلاميذ، لأنه كان يدرس كثيراً. كان في الصف يسرح في فكره دائماً، ويرسم، ويغطي كتبه ودفاتره برسوم كاريكاتورية لأساتذته. كان جبران في نظر رفاق الصف غريباً، بشعره الطويل الذي يرفض قصه، ومواقفه غير المألوفة.
في بداية العام 1900، مع مطلع القرن الوليد، تعرف جبران على يوسف الحويك واصدرا معا مجلة "المنارة" وكانا يحررانها سوية فيما وضع جبران رسومها وحده. وبقيا يعملان معا بها حتى أنهى جبران دروسه بتفوق واضح في العربية والفرنسية والشعر (1902) وكان في عام 1901 تم اختيار إحدى قصائده لنيل الجائزة التقديرية. وكان يتوق بحماس لنيل هذه الجائزة، لأن التلميذ الممتاز في هذه المدرسة هو الأكثر موهبة في الشعر، كما قال.
عودته إلى أمريكا .. والمآسي في انتظاره
وقد وصلته أخبار عن مرض أفراد عائلته، فيما كانت علاقته مع والده تنتقل من سيء إلى أسوأ فغادر لبنان عائدا إلى بوسطن، ولكنه لسوء حظه وصل بعد وفاة شقيقته سلطانة. وخلال بضعة اشهر كانت أمه تدخل المستشفى لإجراء عملية جراحية لاستئصال بعض الخلايا السرطانية. قرر شقيقه بطرس ترك المحل التجاري والسفر إلى كوبا. وهكذا كان على جبران ان يهتم بشؤون العائلة المادية والصحية. ولكن المآسي تتابعت بأسرع مما يمكن احتماله. فما لبث بطرس ان عاد من كوبا مصابا بمرض قاتل هو ( السل ) وقضى نحبه بعد أيام قليلة (12 آذار 1903) فيما فشلت العملية الجراحية التي أجرتها الوالدة في استئصال المرض وقضت نحبها في 28 حزيران من السنة نفسها.
إضافة إلى كل ذلك كان جبران يعيش أزمة من نوع آخر، فهو كان راغبا في إتقان الكتابة باللغة الإنكليزية، لأنها تفتح أمامه مجالا أرحب كثيرا من مجرد الكتابة في جريدة تصدر بالعربية في أميركا ( كالمهاجر9 ولا يقرأها سوى عدد قليل من الناس. ولكن انكليزيته كانت ضعيفة جدا. ولم يعرف ماذا يفعل، فكان يترك البيت ويهيم على وجهه هربا من صورة الموت والعذاب. وزاد من عذابه ان الفتاة الجميلة التي كانت تربطه بها صلة عاطفية، وكانا على وشك الزواج في ذلك الحين (جوزيفين بيبادي)، عجزت عن مساعدته عمليا، فقد كانت تكتفي بنقد كتاباته الإنكليزية ثم تتركه ليحاول إيجاد حل لوحده. في حين ان صديقه الآخر الرسام هولاند داي لم يكن قادرا على مساعدته في المجال الأدبي كما ساعده في المجال الفني.
مع فجر القرن العشرين، كانت بوسطن، التي سميت "أثينا الأمريكية"، مركزاً فكرياً حيوياً اجتذب فنانين مشهورين وواعدين. وكان بعضهم راغباً في الخروج من معاقل المادية للبحث عن سبل فنية جديدة واستكشاف ميثولوجيا وحضارات الشرق بل وعلومه الباطنية والروحية. وغاص جبران في هذا المجتمع البوسطني الذي تزدهر فيه حركات صوفية كان أبلغها تأثيراً "الحكمة الإلهية" التي أنشأتها عام 1875 الأرستقراطية الروسية "هيلينا بتروفنا بلافاتسكي" التي اطلعت على تراث الهند، والتيبت وشجعت نهضة البوذية والهندوسية. وشيئاً فشيئاً، اتضح له أن الروحانية الشرقية التي تسكنه يمكن أن تجد تربة خصبة في هذه البيئة المتعطشة للصوفية... .
في 6 كانون الثاني 1904، عرض "داي" على جبران عرض لوحاته في الربيع القادم. لم يكن أمامه سوى أربعة أشهر. وبتأثيرات من عالم "وليم بليك"، أنجز رسوماً عديدة تفيض بالرمزية. اجتذبت أعماله كثيراً من الفضوليين، ولكن قليلاً من الشارين. وعبر عدد من النقاد عن إعجابهم بها.
قدمته جوزفين إلى امرأة من معارفها اسمها ماري هاسكل (1904)، فخطّت بذلك صفحات مرحلة جديدة من حياة جبران.
كانت ماري هاسكل امرأة مستقلة في حياتها الشخصية وتكبر جبران بعشر سنوات، وقد لعبت دورا هاما في حياته منذ ان التقيا. فقد لاحظت ان جبران لا يحاول الكتابة بالإنكليزية، بل يكتب بالعربية أولا ثم يترجم ذلك. فنصحته وشجعته كثيرا على الكتابة بالإنكليزية مباشرة. وهكذا راح جبران ينشر كتاباته العربية في الصحف أولا ثم يجمعها ويصدرها بشكل كتب ، ويتدرب في الوقت نفسه على الكتابة مباشرة بالإنكليزية.
عزم جبران على البحث عن عمل أكثر ربحاً من الرسم. ولما علم بأن شاباً لبنانياً يدعى "أمين غريّب" أصدر صحيفة بالعربية في نيويورك اسمها "المهاجر"، تقرب منه وأطلعه على رسومه وكتاباته وقصائده. قبل "غريب" مقابل دولارين في الأسبوع لجبران. وظهرت أول مقالة له في "المهاجر" بعنوان "رؤية". كان نصاً مفعماً بالغنائية أعطى الكلام فيه لـ "قلب الإنسان، أسير المادة وضحية قوانين الأنام".
وفي 12 تشرين الثاني 1904، احترق مبنى معرض "داي"، وأتى على موجوداته كلها، بما في ذلك رسوم جبران. وتحت صدمة الحريق، الذي وصفه بأنه مشهد جديد من التراجيديا التي يعيشها منذ سنتين، أصبح جبران يكتب أكثر مما يرسم. وخصه "أمين غريب" بزاوية منتظمة بعنوان "أفكار"، ثم استبدله بعنوان "دمعة وابتسامة"، حيث راح جبران يتحدث عن المحبة، والجمال والشباب والحكمة. ونشرت له "المهاجر" عام 1905 كتاباً بعنوان "الموسيقى".
باريس .. مرحلة جديدة
كانت باريس في بدايات القرن العشرين حلم فناني العالم كله. بعد وصوله إليها بوقت قصير، أقام في "مونبارناس"، وسرعان ما انتسب إلى "أكاديمية جوليان"، أكثر الأكاديميات الخاصة شعبية في باريس، التي تخرج منها فنانون كبار، "ماتيس"، و"بونار"، و"ليجيه"... وانتسب كطالب مستمع إلى "كلية الفنون الجميلة". أوقات فراغه، كان جبران يقضيها ماشياً على ضفاف نهر السين ومتسكعاً ليلاً في أحياء باريس القديمة. بعد أن ترك باريس لاحقاً، قال لصديقه "يوسف حويك" الذي عاش معه سنتين في مدينة النور: "كل مساء، تعود روحي إلى باريس وتتيه بين بيوتها. وكل صباح، أستيقظ وأنا أفكر بتلك الأيام التي أمضيناها بين معابد الفن وعالم الأحلام...".
لم يستطع جبران البقاء طولاً في "أكاديمية جوليان"، حيث وجد أن نصائح أستاذه فيها لم تقدم له أية فائدة. من المؤكد أن أسلوبه لم يستطع إرضاء روح جبران الرومانسية. في بداية شباط 1909، عثر الفنان على أستاذ جديد: "بيير مارسيل بيرونو"، "الفنان الكبير والرسام الرائع والصوفي.."، حسب عبارة جبران. لكنه تركه أخيراً، بعد أن نصحه الفنان الفرنسي بالانتظار والتمهل حتّى ينهي كل قاموس الرسم، فجبران نهم إلى المعارف والإبداع وراغب في حرق المراحل.. .
تردد حينذاك إلى أكاديمية "كولاروسي"، المتخصصة في الرسم على النموذج، والتي كانت تستقبل فنانين أجانب، غير أن جبران كان يفضل العمل وحيداً وبملء الحرية في مرسمه، وزيارة المعارض، والمتاحف، كمتحف اللوفر، الذي كان يمضي ساعات طويلة في قاعاته الفسيحة. وأعطى دروساً في الرسم لبعض الطلبة. وانخرط في مشروع طموح: رسم بورتريهات شخصيات شهيرة، وقد ابتدأها بالنحات الأمريكي "برتليت"، دون أن نعرف بدقة إن كان قد التقى بهؤلاء.
في هذه الأثناء، توفي والده. وكتب إلى "ميري هاسكل" يقول: "فقدت والدي.. مات في البيت القديم، حيث ولد قبل 65 سنة.. كتب لي أصدقاؤه أنه باركني قبل أن يسلم الروح. لا أستطيع إلاّ أن أرى الظلال الحزينة للأيام الماضية عندما كان أبي، وأمي وبطرس وكذلك أختي سلطانة يعيشون ويبتسمون أمام وجه الشمس...".
كان جبران دائم الشك، طموحاً، ومثالياً، متصوراً أنه يستطيع إعادة تكوين العالم، وسعى إلى إقناع الآخرين بأفكاره ونظرياته حول الفن، والطبيعة...، وقلقاً، وكثير التدخين، وقارئاً نهماً، وقد أعاد قراءة "جيد" و"ريلكه" و"تولوستوي" و"نيتشه"، وكتب نصوصاً بالعربية وصفها المحيطون به بأنها "حزينة ووعظية".
في ذلك الوقت، قدم إلى باريس عدد كبير من دعاة الاستقلال السوريين واللبنانيين، المطالبين بحق تقرير المصير للبلدان العربية الواقعة تحت النير العثماني. وظهرت فيها جمعيات سرية تطالب بمنح العرب في الإمبراطورية العثمانية حقوقهم السياسية وبالاعتراف بالعربية لغة رسمية... وتردد جبران إلى هذه الأوساط وتشرب بأفكارها. ورأى أن على العرب أن يثوروا على العثمانيين وأن يتحرروا بأنفسهم.
رغب جبران في التعريف بفنه. ونجح في الوصول إلى أشهر معارض باريس السنوية، معرض الربيع، حيث استطاع أن يعرض لوحة عنوانها "الخريف"، آملاً أن يمر بها "رودان العظيم" فيعجب بها ويثمنها. جاء الفنان الفرنسي، ووقف لحظة أمامها، وهز رأسه، وتابع زيارته. بعد ذلك، راح يهيئ اللوحات التي دعي لعرضها في معرض الاتحاد الدولي للفنون الجميلة في باريس الذي دعي إليه بشكل رسمي. إلاّ أن عدم الاستقرار أتعبه، فتخلى عن المشروع ليترك باريس ولم تتسن له بعد ذلك العودة قط إلى مدينة الجمال والفنون، ولا إلى مسقط رأسه لبنان. ولم تأته فرصة لرؤية إيطاليا التي طالما حلم بزيارتها... !!
غادر باريس ليعود إلى بوسطن
عام 1908 غادر جبران إلى باريس لدراسة الفنون وهناك التقى مجددا بزميله في الدراسة في بيروت يوسف الحويك. ومكث في باريس ما يقارب السنتين ثم عاد إلى أميركا بعد زيارة قصيرة للندن برفقة الكاتب أمين الريحاني.
وصل جبران إلى بوسطن في كانون الأول عام 1910، حيث اقترح على ماري هاسكل الزواج والانتقال إلى نيويورك هربا من محيط الجالية اللبنانية هناك والتماسا لمجال فكري وأدبي وفني أرحب. ولكن ماري رفضت الزواج منه بسبب فارق السن، وان كانت قد وعدت بالحفاظ على الصداقة بينهما ورعاية شقيقته مريانا العزباء وغير المثقفة.
وهكذا انتقل جبران إلى نيويورك ولم يغادرها حتى وفاته . وهناك عرف نوعا من الاستقرار مكنه من الانصراف إلى أعماله الأدبية والفنية فقام برسم العديد من اللوحات لكبار المشاهير مثل رودان وساره برنار وغوستاف يانغ وسواهم.
ميري العزيزة
حال وصوله إلى بوسطن في بداية تشرين الثاني، هرع لرؤية أخته "مارينا". ثم مضى للقاء "ميري"، التي أعلمته على الفور ـ حرصاً منها على إبقاء الفنان تحت رعايتها ـ بأنها مستعدة للاستمرار في منحه الخمسة وسبعين دولاراً التي كانت تقدمها له إبان إقامته الباريسية. ونصحته باستئجار بيت أوسع لممارسة فنه بحرية. وساعدته في تحسين لغته الإنكليزية. وتعززت صداقتهما. وفي 10 كانون الأول، زارها في بيتها لمناسبة عيد ميلادها السابع والثلاثين، وعرض عليها الزواج. لكنها رفضت بحجة أنها تكبره بعشر سنوات. وكتب لها فيما بعد أنها جرحته بهذا الرفض. وقررت "ميري" أن تتراجع وتقبل. ثم عادت فرفضت مرة أخرى.. ربما بسبب علاقاته مع نساء أخريات، أو لخوفها من الزواج بأجنبي. وسعى جبران بعد ذلك لإغراق خيبة أمله في العمل. وسرعان ما شعر بأن بوسطن مدينة باردة وضيقة وأنها أصغر من طموحاته الفنية، خصوصاً بعد تلك الإقامة في باريس الرحبة والدافئة، عدا الجرح الذي تركته فيه "ميري". وقرر المغادرة إلى نيويورك. حزم حقائبه غير آسف، حاملاً معه مخطوطة "الأجنحة المتكسرة" ونسخة من "هكذا تكلم زرادشت" لنيتشه.
نيويورك
قال الشاعر والكاتب الفرنسي "بول كلودل" بعد وصوله إلى نيويورك عام 1838: ".... بالنسبة للغريب الذي يقع هنا، جاهلاً كل شيء ودواعي كل شيء، تكون أيامه الأولى مذهلة..". إلاّ أن جبران فهمها فوراً: "نيويورك ليست مكاناً يمكن أن يجد فيه المرء راحة". بدأ إقامته بزيارة متحف "متروبوليتان ميوزم أف آرت"، الذي خرج منه مندهشاً. تعرف إلى الجالية اللبنانية، وبعض مشاهير نيويورك. في هذه الأثناء، جاءت "ميري" إلى نيويورك ووجدته يرسم لوحة "إيزيس". زارا بعض المتاحف والأوابد. وبعد حين، عادا معاً إلى بوسطن، حيث تهيأت الصديقة لقضاء عطلة في غرب البلاد. وعرضت حينذاك على جبران مبلغ خمسة آلاف دولار دفعة واحدة بدلاً من المبالغ الصغيرة المتقطعة. قبل بالعرض وألح بأن يوصي لها بكل ما يملك، عرفاناً بجميلها. وكتب وصية أدهشت أصدقاءه. أوصى بكل لوحاته ورسومه إلى "ميري" أو، إن كانت متوفاة، إلى "فرد هولاند داي"؛ وبمخطوطاته الأدبية إلى أخته؛ وبكتبه في لبنان إلى مكتبة بشري... .
استغل جبران الصيف لإنهاء "الأجنحة المتكسرة" وروتشة لوحة "إيزيس"، وبدأ برسم لوحات جديدة، وزين بالرسوم كتاباً لأمين الريحاني، وكتب مقالتين، إحداهما بعنوان "العبودية"، حيث يندد بالعبودية التي تقود شعباً وفقاً لقوانين شعب آخر، والأخرى بعنوان "أبناء أمي" يتمرد فيها على مواطنيه الذين لا يثورون في وجه المحتل. وحضر محاضرة للشاعر والكاتب المسرحي الإيرلندي "وليم ييتس" (جائزة نوبل 1923)، وتعارفا والتقيا مراراً.
في 18 تشرين الأول عاد جبران إلى نيويورك وأقام في مبنى "تنث ستريت ستوديو" المخصص للفنانين. في هذه السنة نشر روايته "الأجنحة المتكسرة"، أكثر أعماله رومانسية، والتي أنبأت بأسلوبه وفكره المستقبليين.
في 15 نيسان 1912، هزت العالم حادثة غرق الـ "تيتانيك"، التي كان على متنها مئات الأشخاص، بينهم 85 لبنانياً، غرق 52 منهم. كانت الكارثة صدمة بالنسبة لجبران، الذي عز عليه النوم تلك الليلة. في اليوم نفسه، التقى بعبد البهاء، ابن بهاء الله مؤسس حركة البهائية الروحية في إيران، ودعاه لإلقاء خطاب أمام أعضاء "الحلقة الذهبية" حول وحدة الأديان.
في بداية الخريف، التقى جبران بالكاتب والروائي الفرنسي "بيير لوتي"، الذي جاء إلى نيويورك لحضور عرض مسرحية "بنت السماء" التي ألفها مع ابنة الأديب والشاعر الفرنسي "تيوفيل غوتيه". وقد عبر له "لوتي" عن قرفه من صخب أمريكا وقدم له نصيحة: "أنقذ روحك وعد إلى الشرق؛ مكانك ليس هنا!".
كيف يمكننا تصور جبران في هذه الفترة من حياته؟ كانت له ملامح أهل قريته: وجه ملوح بالسمرة، وأنف بارز، وشارب أسود وكثيف، وحاجبان مقوسن كثان، وشعر معقوص قليلاً، وشفتان ممتلئتان؛ وجبين عريض مهيب مثل قبة، وعينان يقظتان تنمان عن ذكاء هذا الشخص قصير القامة ذي الابتسامة المشرقة الموحية ببراءة الأطفال؛ "مكهرِب، ومتحرك كاللهب" (ميري)؛ وطبيعة هي أقرب إلى الحزن؛ محب للانعزال ("الوحدة عاصفة صمت تقتلع كل أغصاننا الميتة")، ويجد لذة في العمل؛ أنوف، وبالغ الحساسية، ولا يتسامح مع أي نقد؛ مستقل وثائر بطبيعته، يأبى الظلم بأي شكل.
كان يدخن كثيراً: "اليوم ـ كتب إلى ميري ـ، دخنت أكثر من عشرين سيجارة. التدخين بالنسبة لي هو متعة وليس عادة مستبدة...". وليلاً، كي يبقى متنبهاً ويستمر في عمله، كان يتناول القهوة القوية ويأخذ حماماً بارداً. إلا أن أسلوب الحياة إياه بدأ ينهك جسمه ويضفي عليه ملامح الكبر.
في العام 1913، التقى بعدد من مشاهير عالم الفن النيويوركيين، مثل الشاعر "ويتر بوينر". وفي شباط، تخلى لـ "ميري" عن مجموعة من لوحاته وفاء للدين، متمنياً أن يتخلص من هذا الوضع الذي كان يضايقه. وعاد إلى إكمال مجموعة بورتريهاته، مخصصاً إحداهاللمخترع الأمريكي "توماس إديسون" وأخرى لعالم النفس السويسري "كارل غوستاف يونغ" اللذين قبلا الجلوس ليرسمهما جبران. والتقى بالفيلسوف الفرنسي "هنري برجسون" الذي وعده بأن يسمح له برسمه في باريس، معتذراً آنئذ بسبب الإنهاك من السفر، وبالممثلة الفرنسية "ساره برنهاردت": "باختصار، كانت لطيفةـ يؤكد جبران. حدثتني بفرح غامر عن أسفارها إلى سورية ومصر، وأخبرتني أن أمها كانت تتكلم العربية وأن موسيقى هذه اللغة كانت وما تزال حية في نفسها". وقبلت أن تجلس ليرسمها، ولكن عن بعد "كي لا تظهر ملامح وجهها". كانت قد أصبحت في عامها التاسع والستين.
في نيسان 1913، ظهرت في نيويورك مجلة "الفنون"، التي أسسها الشاعر المهجري الحمصي "نسيب عريضة". ونشر فيها جبران مقالات متنوعة جداً وقصائد نثرية. ووقع فيها على دراسات أدبية كرسها لاثنين من كبار الصوفيين، الغزالي وابن الفارض، اللذين تأثر بأفكارهما.
الأديبة مي
"مي" هو الاسم الذي اختارته تلك المرأة القلقة، التي تبدو، كالبحر، تارة هادئة وشفافة، وأخرى ثائرة. ولدت عام 1886، من أب لبناني وأم فلسطينية. رحلت أسرتها عام 1908 إلى القاهرة. أتقنت لغات عدة، وأظهرت مواهب استثنائية في النقد والأدب والصحافة. حولت دارتها في القاهرة إلى صالون أدبي، وراحت تستقبل فيها كبار الأدباء والمثقفين، كـ "طه حسين" و"عباس محمود العقاد" و"يعقوب صروف". اكتشفت جبران عام 1912، عبر مقالته "يوم مولدي" التي ظهرت في الصحافة. وأسرها أسلوبه. وقرأت "الأجنحة المتكسرة" وأعجبت بآرائه حول المرأة فيه. تراسلا، وتبادلا في رسائلهما الإطراء وتحدثا عن الأدب. روى لها همومه اليومية، وطفولته وأحلامه وأعماله. وانعقدت بينهما علاقة ألفة وحب. وطلب منها عام 1913 تمثيله وقراءة كلمته في حفل تكريم شاعر القطرين "خليل مطران". كانت "مي" حساسة جداً وحالمة. ولما انقطعت رسائل جبران عقب قيام الحرب العالمية الأولى، تعلقت بذكرى مراسلها البعيد ورفضت كل الطامحين إلى الزواج منها. وتمنت في مقالة لها أن تكون بقرب ذلك الوجه الذي يمنع البعاد رؤيته.
لم يلتقيا قط، غير أن الكاتبين شعرا أنهما قريبان أحدهما من الآخر، وأحس أن "خيوطاً خفيفة" تربط بين فكرهما وأن روح "مي" ترافقه أينما اتجه.
في عام 1921، أرسلت له صورتها، فأعاد رسمها بالفحم. واكتشف بسعادة أنها امرأة مليئة الوجه، ذات شعر بني قصير، وعينين لوزيتي الشكل يعلوهما حاجبان كثان، وشفتين ممتلئتين. وجد في نظرتها البراقة شيئاً معبراً يجتذبه، وفي ملامحها بعضاً من الذكورة، صرامةً كامنة تضفي عليها مزيداً من الجاذبية: "مي" تجسد الأنوثة الشرقية. كان في هذه المرأة كل ما يعجبه، غير أنها بعيدة جداً. ولم يكن يشعر أنه مهيأ بعد لترك أمريكا فيتخلى عن حريته. هذا الحب الروحي، الفكري، أعجبه. ولكن هل فكر بمجرد ما لكماته من وقع على قلب مراسلته؟.
في عام 1923، كتب لها يقول دون كلفة: "أنت تعيشين فيّ وأنا أعيش فيك، تعرفين ذلك وأعرفه". كانت "مي"، كلما بدت عبارات مراسلها أكثر جرأة أو شابها بعض سخرية من تعبير اختارته دون قصد منها، تلجأ إلى "مقاطعته" وتلوذ بصمت يستمر أشهراً أحياناً. مشاعرها الحقيقية كانت تبوح بها في مقالاتها. وإن كانت قد خصت أعماله بمقالات نقدية مدحية، فقد نهرته في أخرى. وفي مقالة بعنوان "أنت، الغريب"، عبرت عن كل هواها نحو "ذاك الذي لا يعرف أنها تحبه" و"الذي تبحث عن صوته بين كل الأصوات التي تسمعها".
في رسالة له عام 1924، عبرت له "مي" عن خوفها من الحب. ورد عليها جبران: ".. هل تخافين ضوء الشمس؟ هل تخشين مد البحر وجزره؟...". فاجأه موقفها. وبدا أنه اختار التراجع لإنقاذ حريته أو وقته، مفضلاً عدم الانطلاق في علاقة قد تتطلب منه ومنها تضحيات كبيرة. أدركت "مي" حينذاك، بمرارة، سوء التفاهم بين رغبتها وفكرة جبران عن علاقتهما. وأسفت أنها كانت على هذا القدر من الصراحة والمباشرة. وصمتت ثمانية أشهر، رآها جبران "طويلة كأنها أزل".
رغم كل شيء، استمرت مراسلاتهما، متباعدة، حتى وفاة جبران، لتبقى واحدة من الأخصب والأجمل في الأدب العربي.
الحرب الكبرى
أقلقت الحرب جبران رغم بعده عن ساحات المعارك بآلاف الكيلومترات. وجعله الوضع في لبنان مضطرباً: استولت السلطات العثمانية على كل موارد البلد، وصادرت الماشية، وانتشرت المجاعة، وقمع المعارضون وعلق جمال باشا السفاح مشانق الوطنيين اللبنانيين والعرب في الساحات العامة. وشعر بالذنب لبعده عن "أولئك الذين يموتون بصمت". ولم يتردد في قبول منصب أمين سر لجنة مساعدة المنكوبين في سوريا وجبل لبنان. وساهم بمشاركة الجالية السورية ـ اللبنانية في بوسطن ونيويورك في إرسال باخرة مساعدات غذائية إلى مواطنيه.
دفع هذا النشاط بعض الكتاب لأن يجعلوا من جبران أيديولوجياً وصاحب نظرية سياسية، غير أنه لم يكن من ذلك في شيء. وقد رد على من حضه للقيام بدور الزعيم السياسي بالقول: "لست سياسياً، ولا أريد أن أكون كذلك". كان دافعه هو حس المسؤولية وتلبية نداء الواجب. كان همه إنسانياً، تحرير الوضع البشري من كل عبودية.
أبطأ هذا النشاط الإنساني والأخبار المأساوية التي توافدت عليه من أوروبا والمشرق نتاجه الأدبي. صحيح أنه نشر عام 1914 مجموعته "دمعة وابتسامة"، غير أنها لم تكن سوى جمع لمقالات بالعربية (56 مقالة) نشرت في "المهاجر"، وكان هو نفسه قد تردد في نشرها. كانت ذات نفحة إنسانية وضمت تأملات حول الحياة، والمحبة، والوضع في لبنان وسورية، وقد اتخذت شكل القصيدة المنثورة، الأسلوب غير المعروف في الأدب العربي، وقد كان رائده.
في هذه الفترة تقريباً، شعر بالحاجة للكتابة بالإنكليزية، هذه اللغة التي يمكن أن تفتح له الكثير من الأبواب وتمكنه من ملامسة الجمهور الأمريكي. قرأ "شكسبير" مرة أخرى، وأعاد قراءة الكتاب المقدس مرات عدة بنسخة "كينغ جيمس".. . كانت إنكليزيته محدودة جداً، غير أنه عمل طويلاً وبجد حتى أتقن لغة شكسبير ولكن دون أن يتخلى عن لغته الأم: "بقيت أفكر بالعربية". ".. كان غنى العربية، التي أولع بها، يدفعه دائماً إلى سبر الكلمة التي تتوافق بأفضل شكل مع مثيلتها في الإنكليزية، بأسلوب بسيط دائماً..."، كما ذكرت مساعدته "بربارة يونغ".
من أين يبدأ؟ كان أمامه مشروع "النبي"، الذي نما معه منذ الطفولة. سار العمل بطيئاً جداً. أراد أخيراً أن يجد موضوعاً يستقطب أفكاره ولغته الثانية. وفكر جبران: ما الذي يمكن، مع الإفلات من العقاب، أن يكشف حماقة الناس وجبنهم وينتزعه حُجُب المجتمع وأقنعته؟. المجنون. أغرته الفكرة. لم ينس "قزحيّا" في الوادي المقدس وتلك المغارة التي كانوا يقيدون فيها المجانين لإعادتهم إلى صوابهم، كما كانوا يعتقدون. في "يوحنا المجنون"، كان قد كتب يقول إن "المجنون هو من يجرؤ على قول الحقيقة"، ذاك الذي يتخلى عن التقاليد البالية والذي "يصلب" لأنه يطمح إلى التغيير. برأيه، "أن الجنون هو الخطوة الأولى نحو انعدام الأنانية... هدف الحياة هو تقريبنا من أسرارها، والجنون هو الوسيلة الوحيدة لذلك". وهكذا، عنوان كتابه القادم: The Madman . وبقي أن يكتبه
في هذه الأثناء، شارك في مجلة جديدة، The Seven Arts¡ التي كان ينشر فيها كتاب مشهورون، مثل "جون دوس باسوس" و"برتراند راسل"، ومن خلالها أضحى مشهوراً في الأوساط الفنية النيويوركية، حيث نشر رسومه ونصوصه الأولى بالإنكليزية.
كانت فترة 1914 ـ 1916 غنية باللقاءات: تردد جبران إلى صالونات المجتمع الراقي الذي كانت تديره نساء متنفذات. تعرف إلى الفنانة الشهيرة "روز أونيل"، وعمدة نيويورك، والشاعرة "آمي لويل"، والرسام الرمزي "ألبرت رايدر". ودعي عدة مرات إلى Poetry Society of America¡ التي ألقى فيها مقتطفات من كتاب Madman¡ الذي كان بصدد تأليفه، أمام حضور منتبه.
في خريف 1916، التقى مرة أخرى بمخائيل نعيمة، الذي ألف فيه كتاباً، جبران خليل جبران". كان "نعيمة" يدرس في روسيا قبل أن يتوجه إلى الولايات المتحدة، حيث درس أيضاً القانون والآداب. كتب كلاهما في "الفنون"، وكلاهما آمنا بالتقمص، وناضل كلاهما من أجل تحرير بلدهما عبر لجنة المتطوعين، جبران كمسؤول عن المراسلات بالإنكليزية ونعيمة كمسؤول عن المراسلات بالعربية.
في كانون الأول 1916، التقى أخيراً بـ "رابندراناته طاغور"، الشاعر الهندي الشهير، المتوج بجائزة نوبل في الآداب لعام 1913. وكتب إلى "ميري" في وصفه قائلاً: "حسن المنظر وجميل المعشر. لكن صوته مخيِّب: يفتقر إلى القوة ولا يتوافق مع إلقاء قصائده...". بعد هذا اللقاء، لم يتردد صحفي نيويوركي في عقد مقارنة بين الرجلين: كلاهما يستخدمان الأمثال في كتاباته ويتقنان الإنكليزية واللغة الأم. وكل منهما فنان في مجالات أخرى غير الشعر".
مع اقتراب الحرب من نهايتها، أكب جبران أكثر على الكتابة. ألف مقاطع جديدة من "النبي"، وأنهى كتابه "المجنون"، التي اشتملت على أربعة وثلاثين مثلاً (قصة قصيرة رمزية) وقصيدة. أرسلها إلى عدة ناشرين، لكنهم رفضوها جميعاً بحجة أن هذا الجنس الأدبي "لا يباع". لكنه وجد ناشراً أخيراً، وظهر العمل عام 1918 مزيناً بثلاثة رسوم للمؤلف. وكان جبران قد كتب بعض نصوصه بالعربية أصلاً، ثم ترجمها إلى الإنكليزية. ويروي فيه حكاية شخص حساس ولكن "مختلف"، يبدأ بإخبارنا كيف أصبح مجنوناً. "... في قديم الأيام قبل ميلاد كثيرين من الآلهة نهضت من نوم عميق فوجدت أن جميع براقعي قد سرقت... فركضت سافر الوجه في الشوارع المزدحمة صارخاً بالناس: "اللصوص! اللصوص! اللصوص الملاعين!" فضحك الرجال والنساء مني وهرب بعضهم إلى بيوتهم خائفين مذعورين... هكذا صرت مجنوناً، ولكني قد وجدت بجنوني هذا الحرية والنجاة معاً...". تميز أسلوب جبران في "المجنون" بالبساطة واللهجة الساخرة والمرارة، وشكل هذا العمل منعطفاً في أعمال الكاتب، ليس فقط لأنه أول كتاب له بالإنكليزية، بل لما فيه من تأمل وسمو روحي. وأرسل نسخة منه إلى "مي زيادة"، التي وجدته سوداوياً ومؤلماً. وأرسل نسخة أخرى إلى "جيرترود باري"، حبيبته الخبيئة. ربما أخفى جبران هذه العلاقة كي لا يجرح "ميري" ومن أجل أن لا تمس هذه العلاقة اللاأفلاطونية صورته الروحية. كان لجبران علاقات غير محددة، أفلاطونية وجسدية: "جيرترود شتيرن" التي التقاها عام 1930 واعتبرت نفسها حبه الأخير، و"ماري خواجي" و"ماري خوريط، و"هيلينا غوستين" التي أكدت، كما فعلت "شارلوت" و"ميشلين" بأن جبران "زير نساء"، وقد روت، مازحةً ومداعبة، أنه طلب منها ذات مرة أن تشتري له مظلة ليقدمها إلى شقيقته "ماريانا"، لكنها اكتشفت بعد حين أنه قد أهداها لامرأة أخرى. هذه المغامرات عاشها جبران سراً, إما حفاظاً على سمعة تلك العشيقات أو خوفاً من تشويه الصورة التي كان يريد أن يعطيها حول نفسه: صورة الناسك، صورة الكائن العلوي، عاشق الروح وليس الجسد.
في تشرين الثاني 1918، أعلن الهدنة أخيراً. وكتب جبران إلى "ميري" يقول: "هذا أقدس يوم منذ ميلاد اليسوع!".
في أيار 1919، نشر جبران كتابه السادس بالعربية، "المواكب". كان قصيدة طويلة من مائتين وثلاثة أبيات فيها دعوة للتأمل، كتبها على شكل حوار فلسفي بصوتين: يسخر أحدهما من القيم المصطنعة للحضارة؛ ويغني الآخر، الأكثر تفاؤلاً، أنشودةً للطبيعة ووحدة الوجود. وقد تميز الكتاب بتعابيره البسيطة والصافية والتلقائية.
في نهاية عام 1919، نشر مجموعة من عشرين رسماً تحت عنوان Twenty Drawings. وقد أدخل الناشر إلى مقدمتها نصاً للناقدة الفنية "أليس رافائيل إكستين"، حيث جاء فيها أن جبران "يقف في أعماله الفنية عند الحدود بين الشرق والغرب والرمزية والمثالية". وقد قيل إن "جبران يرسم بالكلمات"، إذ يبدو رسمه في الواقع تعبيراً دقيقاً عن أفكاره.
منتدى الشعراء المنفيين
في ليلة 20 نيسان 1920، رأى الكتاب السوريون واللبنانيون في اجتماع لهم في نيويورك أنه يجب التصرف من أجل "إخراج الأدب العربي من الموحل، أي الركود والتقليد الذي غاص فيهما". يجب حقنه بدم جديد. وقرر المشاركون تأسيس تنظيم يتمحور حول الحداثة ويكرس لجمع الكتاب وتوحيد جهودهم لخدمة الأدب العربي. وجد جبران الفكرة ممتازة ودعا الأعضاء للاجتماع عنده بعد أسبوع لاحق.
اجتمعوا في 28 التالي وحددوا أهداف التنظيم الذي أسموه "الرابطة القلمية"، التي ضمت جبران، و"إيليا أبو ماضي" و"ميخائيل نعيمة" و"عبد المسيح حداد" صاحب مجلة "السايح" وآخرين، في نشر أعمال أعضائها وأعمال الكتاب العربي الآخرين وتشجيع تعريب أعمال الأدب العالمي، فضلاً عن أهداف أخرى. انتخب جبران رئيساً، وميخائيل نعيمة أميناً للسر.
بقيت الرابطة تجتمع دورياً تقريباً حتى وفاة جبران. نشر الأعضاء مقالات في مجلة "السايح" وكرسوا عدداً في العام للمختارات. وأضحت الرابطة بأفكارها المتمردة رمزاً لنهضة الأدب العربي... رأى جبران أنه لن يكون للغته العربية مستقبل إذا لم تتحرر من القوالب القديمة ومن "عبودية الجمل الأدبية السطحية"، وإذا لم تتمكن من إرساء حوار حقيقي مع الغرب وتتمثل تأثير الحضارة الأوروبية دون أن تجعلها تهيمن عليها.
في آب 1920، أصدرت منشورات الهلال القاهرية مجموعة تضم 31 مقالة لجبران كانت قد ظهرت في صحف مختلفة ناطقة بالعربية. حملت "العواصف" على عيوب الشرقيين ـ تعلقهم بالماضي بالتقاليد القديمة ـ، رافضة حالة خنوع المضطهدين وضعفهم، داعيةً إياهم إلى الطموح والرفعة.
بعد أسابيع لاحقة، نشر جبران كتابه الثاني بالإنكليزية، "السابق"، الذي زينه بخمسة من رسومه. وقد جاء على شكل أمثال وحكايات صغيرة مفعمة بالحكمة والتصوف، وكان بمثابة تهيئة لكتاب جبران الأهم، "النبي".
سنة 1923 نشر كتاب جبران باللغة الإنكليزية، وطبع ست مرات قبل نهاية ذلك العام ثم ترجم فورا إلى عدد من اللغات الأجنبية، ويحظى إلى اليوم بشهرة قل نظيرها بين الكتب.
في هذه الأثناء، حينما كان يعمل بمثابرة على مخطوطة "النبي"، ساءت صحته، ولم يداوها الفرار إلى الطبيعة برفقة الأصدقاء. آثر البقاء في بوسطن قرب شقيقته "ماريانا"، ولم يعد يطمح إلا إلى إنهاء مخطوطته والعودة إلى مسقط رأسه، غير أن أمنية العودة اصطدمت بمشكلة كبيرة: ملاحقة دائني والده القضائية لاسترجاع ديونهم ممن تبقى من أفراد الأسرة، جبران وماريانا.
رائعة جبران الكبيرة .. النبي
سنة 1923 ظهرت إحدى روائع جبران وهي رائعة ( النبي ) ففي عام 1996، بيعت من هذا الكتاب الرائع، في الولايات المتحدة وحدها، تسعة ملايين نسخة. وما فتئ هذا العمل، الذي ترجم إلى أكثر من أربعين لغة، يأخذ بمجامع قلوب شريحة واسعة جداً من الناس. وفي الستينيات، كانت الحركات الطلابية والهيبية قد تبنت هذا المؤلف الذي يعلن بلا مواربة: "أولادكم ليسوا أولاداً لكم، إنهم أبناء وبنات الحياة المشتاقة إلى نفسها...". وفي خطبة شهرية له، كرر "جون فيتزجرالد كندي" سؤال جبران: "هل أنت سياسي يسال نفسه ماذا يمكن أن يفعله بلده له [...]. أم أنك ذاك السياسي الهمام والمتحمس [...] الذي يسأل نفسه ماذا يمكن أن يفعله من أجل بلده؟".
حمل جبران بذور هذا الكتاب في كيانه منذ طفولته. وكان قد غير عنوانه أربع مرات قبل أن يبدأ بكتابته. وفي تشرين الثاني 1918، كتب إلى "مي زيادة" يقول "هذا الكتاب فكرت بكتابته منذ ألف عام..". ومن عام 1919 إلى عام 1923، كرس جبران جل وقته لهذا العمل، الذي اعتبره حياته و"ولادته الثانية". وساعدته "ميري" في التصحيحات، إلى أن وجد عام 1923 أن عمله قد اكتمل، فدفعه إلى النشر، ليظهر في أيلول نفس العام.
"النبي" كتاب شبيه بالكتاب المقدس وبالأناجيل من حيث أسلوبه وبنيته ونغمية جمله، وهو غني بالصور التلميحية، والأمثال، والجمل الاستفهامية الحاضة على تأكيد الفكرة نفسها، "من يستطيع أن يفصل إيمانه عن أعماله، وعقيدته عن مهنته؟"، "أو ليس الخوف من الحاجة هو الحاجة بعينها؟".
أمكن أيضاً إيجاد تشابه بين "النبي" و"هكذا تكلم زرادشت" لنيتشه. من المؤكد أن جبران قرأ كتاب المفكر الألماني، وثمّنه. اختار كلاهما حكيماً ليكون لسان حاله. الموضوعات التي تطرقا إليها في كتابيهما متشابهة أحياناً: الزواج، والأبناء، والصداقة، والحرية، والموت... . كما نعثر على بعض الصور نفسها في العملين، كالقوس والسهم، والتائه.... . مع ذلك، ففي حين تتسم الكتابة النيتشوية برمزية شديدة وفصاحة تفخيمية، تمتاز كتابة "النبي" بالبساطة والجلاء وبنفحة شرقية لا يداخلها ضعف. ونيتشه أقرب بكثير إلى التحليل الفلسفي من جبران، الذي يؤثر قول الأشياء ببساطة.
"النبي" هو كتاب في التفاؤل والأمل. وبطريقة شاعرية، وأسلوب سلس، يقدم لنا جبران فيه برسالة روحية تدعونا إلى تفتح الذات و"إلى ظمأ أعمق للحياة".
ماذا يقول لنا جبران في "النبي" على لسان حكيمه؟. عندما طلبت منه المطرة، المرأة العرافة، خطبة في المحبة، قال: "المحبة لا تعطي إلا نفسها، ولا تأخذ إلا من نفسها. المحبة لا تملك شيئاً، ولا تريد أن يملكها أحد، لأن المحبة مكتفية بالمحبة". ولما طلبت رأيه في الزواج، أجاب: "قد ولدتم معاً، وستظلون معاً إلى الأبد. وستكونون معاً عندما تبدد أيامكم أجنحة الموت البيضاء.. أحبوا بعضكم بعضاً، ولكن لا تقيدوا المحبة بالقيود.. قفوا معاً ولكن لا يقرب أحدكم من الآخر كثيراً: لأن عمودي الهيكل يقفان منفصلين، والسنديانة والسروة لا تنمو الواحدة منهما في ظل رفيقتها". وفي الأبناء، يقول: أولادكم ليسوا أولاداً لكم. إنهم أبناء وبنات الحياة المشتاقة إلى نفسها، بكم يأتون إلى العالم ولكن ليس منكم. ومع أنهم يعيشون معكم فهم ليسوا ملكاً لكم". وفي العمل: "قد طالما أُخبرتم أن العمل لعنة، والشغل نكبة ومصيبة. أما أنا فأقول لكم إنكم بالعمل تحققون جزءاً من حلم الأرض البعيد، جزءاً خصص لكم عند ميلاد ذلك الحلم. فإذا واظبتم على العمل النافع تفتحون قلوبكم بالحقيقة لمحبة الحياة. لأن من أحب الحياة بالعمل النافع تفتح له الحياة أعماقها، وتدنيه من أبعد أسرارها".......
في عام 1931، كتب جبران بخصوص "النبي": "شغل هذا الكتاب الصغير كل حياتي. كنت أريد أن أتأكد بشكل مطلق من أن كل كلمة كانت حقاً أفضل ما أستطيع تقديمه". لم تذهب جهوده عبثاً: بعد سبعين سنة على وفاته، ما يزال يتداوله ملايين القراء في أنحاء العالم.
بقي جبران على علاقة وطيدة مع ماري هاسكال، فيما كان يراسل أيضا الأديبة مي زيادة التي أرسلت له عام 1912 رسالة معربة عن إعجابها بكتابه " الأجنحة المتكسرة". وقد دامت مراسلتهما حتى وفاته رغم انهما لم يلتقيا أبدا.
رحيل جبران إلى الآخرة
كانت صحة جبران قد بدأت تزداد سوءاً. وفي 9 نيسان، وجدته البوابة يحتضر فتوفي جبران في 10 نيسان 1931 في إحدى مستشفيات نيويورك وهو في الثامنة والأربعين بعد أصابته بمرض السرطان فنقل بعد ثلاثة أيام إلى مثواه الأخير في مقبرة "مونت بنيديكت"، إلى جوار أمه وشقيقته وأخيه غير الشقيق. ونظمت فوراً مآتم في نيويورك وبيونس آيرس وساوباولو حيث توجد جاليات لبنانية هامة. وبعد موافقة شقيقته "ماريانا"، تقرر نقل جثمان جبران في 23 تموز إلى مسقط رأسه في لبنان. واستقبلته في بيروت جموع كبيرة من الناس يتقدمها وفد رسمي. وبعد احتفال قصير حضره رئيس الدولة، نقل إلى بشري، التي ووري فيها الثرى على أصوات أجراس الكنائس. وإلى جوار قبره، نقشت هذه العبارة: "كلمة أريد رؤيتها مكتوبة على قبري: أنا حي مثلكم وأنا الآن إلى جانبكم. أغمضوا عيونكم، انظروا حولكم، وستروني....".
عملت شقيقته على مفاوضة الراهبات الكرمليات واشترتا منهما دير مار سركيس الذي نقل إليه جثمان جبران، وما يزال إلى الآن متحفا ومقصدا للزائرين.
وفضلاً عن الأوابد التي كرست للفنان في وطنه الأم (متحف جبران، وساحة جبران التي دشنت في وسط بيروت عام 2000)، هنالك مواقع، وتماثيل، ولوحات تذكارية تكرم ذكراه: في الولايات المتحدة نصبان تذكاريان لجبران، أحدهما في بوسطن، والآخر في واشنطن. ويضم عدد من أشهر المتاحف الأمريكية العديد من لوحات جبران. وكانت الجالية اللبنانية في البرازيل قد دشنت أيضاً مركزاً ثقافياً سمي "جبران".
مؤلفات حبران خليل جبران
بالعربية:
الأرواح المتمردة 1908
الأجنحة المتكسرة 1912
دمعة وابتسامة 1914
المواكب 1918
بالإنكليزية:
المجنون 1918
السابق 1920
النبي 1923
رمل وزبد 1926
يسوع ابن الإنسان 1928
آلهة الأرض 1931
التائه 1932
حديقة النبي 1933
-------------
المراجع المستخدمة : ترجمة: محمد الدنيا "خليل جبران، مؤلف النبي"، بالفرنسية، تأليف ألكسندر نجار، دار نشر "بيغماليون" /باريس ـ فرنسا، أيلول/ سبتمبر 2002 (الكتاب غير معرب)
( يتبع قصائد ومقالات جبران )التعديل الأخير تم بواسطة أحلام الناي ; 05-17-2009 الساعة 11:21AM
!! أنا القاك صباحا ً ومساء .. في خيالي أنت يا أغلا رجاء !!
!! .. للناي أحلامه.. !!
إضافة رد رد مع اقتباس شكراً
--------------------------------------------------------------------------------
05-05-2009 05:34PM #3 أحلام الناي
الملف الشخصي مشاهدة المشاركات رسالة خاصة إضافة إلى قائمة الإتصال
الحالة: غير متصل
تاريخ التسجيل : 04 - 05 - 2007
الدولة : على تلّة ِ حلم !!
الجنس: شاب
المشاركات : 6,774
شكراً
7
تم شكره 25 مرة في 14 مشاركةمعدل تقييم المستوى : 22
قصائد ومقالات لجبران خليل جبران
أمام عرش الجمال
هربتُ من الاجتماع وهِمْتُ في ذاك الوادي الواسع...
مصغيًا إلى محاورات العصافير... وجلستُ أسامِرُ وَحْدَتي وأناجي نفسي.
نفس ظامئة رأت كل ما يرى سرابًا وكل ما لا يرى شرابًا.
ولما انطَلَقَتْ عاقِلَتي من محبس المادة إلى فضاء الخيال,
التفتُّ فإذا... حورية لم تتخذ من الحلي والحلل سوى غصن من الكرمة تستر
به بعضَ قامَتِها, وإكليلٍ من الشقيق يجمع شعرها الذهبي...
وإذ عَلمَتْ من نظراتي أنني مسلوب الفجأة والحيرة, قالت:
أنا ابنة الأحراج فلا تجزع.
... أنا رمز الطبيعة.
أنا العذراء التي عبدها آباؤك فبنوا لها مذابح وهياكل في بعلبك وأفقا وجبيل...
أما ألوهيتي فهي مستمدة من جمال تراه كيفما حولت عينيك.
جمال هو الطبيعة بأسرها.
جمال كان بدء سعادة الراعي بين الربى,
والقروي بين الحقول,
والعشائر الرحل بين الجبل والساحل.
جمال كان للحكيم مرقاة إلى عرش حقيقة لا تجرح.
قلتُ ودقاتُ قلبي تقول ما لا يعرفه اللسان:
إن الجمال قوة مخيفة رهيبة.
فقالت وعلى شفتيها ابتسامة الأزهار,
وفي نَظَرِها أسرارُ الحياة:
أنتم البشر تخافون كل شيء حتى ذواتكم.
تخافون السماء وهي منبع الأمن.
تخافون الطبيعة وهي مرقد الراحة...
وبعد سكينة مازَجَتْهَا الأَحلامُ اللَّطيفة سألتها:
ما هذا الجمال...?
قالت:
هو ما كان بنفسك جاذب إليه.
هو ما تراه وتودُّ أن تُعطِي لا أن تأخذ.
هو ما شَعَرْتَ, عند ملقاه, بأيد ممدودةٍ لضمّه إلى أعماقك.
هو ما تحسبه الأجسام محنة والأرواح منحة.
هو ألفة بين الحزن والفرح.
هو ما تراه محجوبًا وتعرفه مجهولاً وتسمعه صامتًا.
هو قوة تبتدئ في قدس أقداس ذاتك وتنتهي فيما وراء تخيلاتك...
واقتَرَبَت ابنَةُ الأحراج منِّي,
ووضعت يدها المُعَطَّرة على عيني, ولما رَفَعَتْهَا رأيْتُنِي وحيدًا في ذلك الوادي.
فرجعت ونفسي مردّدة:
إن الجمال هو ما تراه وتود أن تعطي لا أن تأخذ
بين الحقيقة والخيال
تحْملنا الحياة من مكان إلى مكان.
وتنتقل بنا التقادير من محيط إلى آخر...
ونحن لا نرى إِلاَّ ما وَقَفَ عثرة في سبيل سيرنا
ولا نسمع سوى صوتٍ يخيفنا.
يتجلى لنا الجمال على كرسي مجده فنقترب منه.
وباسم الشوق ندنّس أذياله,
ونخلع عنه تاج طهره.
يمرُّ بنا الحبُّ مكتسيًا ثوبَ الوداعة, فنخافه ونختبئ في
مغاور الظلمة, أو نتبعه ونفعل باسمه الشرور. والحكيم
بيننا يحمّله نيرًا ثقيلاً وهو ألطف من أنفاس الأزهار
وأرق من نسيماتِ لبنان.
تقف الحكمة في منعطفات الشوارع,
وتنادينا على رؤوس الأشهاد,
فنحسبها بُطلاً ونحتقر متَّبِعِيها.
تدعونا الحرية إلى مائدتها لنلتذَّ بخمرها وأطعمتها, فنذهب ونشره...
فتصير تلك المائدة مسرحًا للابتذال ومجالاً لاحتقار الذات.
تمدُّ الطبيعَةُ نحونا يد الولاء,
وتطلب منا أن نتمتع بجمالها, فنخشى سكينتها ونلتجئ
إلى المدينة, وهناك نتكاثر بعضُنَا على بعض كقطيع رأى ذئبًا خاطفًا.
تزورنا الحقيقة منقادة بابتسامة طفل, أو قبلة محبوبة,
فنوصد دونها أبواب عواطفنا ونغادرها كمجرم دنس
القلب البشري يستنجد بنا,
والنفس تنادينا...
ونحن أشدُّ صَمَمًا من الجماد لا نعي ولا نفهم.
وإذا ما سمع أحد صراخ قلبه ونداء نفسه, قلنا:
هذا ذو جِنَّة, وتبرَّأنا منه.
هكذا تمر الليالي ونحن غافلون.
وتُصَافِحُنَا الأيَّامُ ونحن خائفون من الليالي والأيام.
نقترب من التراب,
والآلهة تنتمي إلينا.
ونمرُّ على خبز الحياة, والمجاعة تتغذى من قوانا.
فما أحب الحياة إلينا,
وما أبعَدَنَا عن الحياة
ابتهال للموسيقى
أيتها الموسيقى!
يا (أوتربي) المقدسة.
لقد رقصت أَخَوَاتُكِ الفنونُ فيما غبر من الأجيال زمنًا
وَوُضِعْن في معاقل النسيان آخر...
وأنتِ تهزئين بهنّ,
ولم تتنازلي عن مسرح النفس يومًا واحدًا,
كأنَّك صدى القبلة الأولى التي وضعها آدم على شفتيْ حوَّاء.
صدًى له صدًى له صدى تتناقل وتتناسخ وتكتنف الكلّ وتحيا بالكلّ...
يا بْنة النفس والمحبة.
يا إناء مرارة الغرام وحلاوته.
يا أخيِلةَ القلب البشري.
يا ثمرَةَ الحزن وزهرةَ الفرح.
يا رائحةً متصاعدة من طاقة زهور المشاعر المضمومة.
يا لسان المحبين ومذيعة أسرار العاشقين.
يا صائغة الدموع من العواطف المكنونة.
يا موحِيَةَ الشّعر ومنظّمَةَ عقودِ الأوزان.
يا موحّدة الأفكار مع نتف الكلام,
ومؤلّفةَ المشاعر من مؤثِّرات الجمال...
ياأيتها التموّجات الأثيريَّة الحاملة أشباح النفس...
إلى أمواجِكِ نُسَلّم أنفُسَنَا
وفي أعماقك نستودع قلوبنا,
فاحمليها إلى ما وراء المادّة
وأَرِينَا ما تُكِنُّه عوالم الغيب
يوم مولدي
في مثلِ هذا اليوم وَلَدَتْنِي أُمّي.
في مثلِ هذا اليوم منذ خمس وعشرين سنة
وَضَعَتْنِي السَّكِينَةُ بين أيدي هذا الوجود المملوء بالصراخِ والنزاعِ والعراك.
... قد سرت خمسًا وعشرين مرة مع الأرض والقمر والشمس والكواكب
حول الناموسِ الكلّي الأعلى، ولكن:
هوذا نفسي تهمس الآن أسماء ذلك الناموس
مثلما ترجّع الكهوفُ صَدَى أمواجِ البحر...
منذ خمسٍ وعشرين سنة خَطَّتْنِي يَدُ الزَّمان كَلِمةً
في كتاب هذا العالم الغريب الهائل. وهاأنذا كلمة مبهمة،
ملتَبِسَةُ المعاني، تَرْمُزُ تارَةً إلى لا شيء وطورًا إلى أشياءَ كثيرة.
... في هذا اليوم تنتصب أمامي معاني حياتي الغابرة،
كأنَّها مرآة ضئيلة أنظر فيها طويلاً فلا أَرَى سِوَى أوجُهِ
السّنينَ الشاحبة، وملامحِ الآمالِ والأحلامِ والأماني
المتجعِّدة كملامِحِ الشيوخ. ثم أغمض عيني وأنظر ثانية
في تلك المرآة فلاَ أرى غيرَ وجهي. ثم أُحدِّق إلى وجهي
فلا أرى فيه غيرَ الكآبة. ثم أستنطِقُ الكآبة فَأَجِدُهَا خرساء
لا تتكلَّم. ولو تكلّمَتِ الكآبة لكانت أكثَرَ حَلاَوَة من الغبطة.
في الخمس والعشرين سنة الغابرة قد أحببت كثيرًا.
وكثيرًا ما أحببتُ ما يكرهُه الناس وكرِهْتُ ما يستحسنونه.
والذي أَحْبَبْتُه عندما كنتُ صَبِيًّا ما زلت أحبُّه الآن.
والذي أحبُّه الآن سأحبُّه إلى نهاية الحياة.
فالمَحَبَّةُ هي كل ما أستطيع أن أحصل عليه
ولا يقدر أَحَدٌ أَنْ يُفْقِدَني إِيَّاه....
أحببتُ الحرِّيَّة فكانت محبتي تنمو بِنُمُوِّ معرِفَتِي عبودِيَّةَ الناس للمجد
والهوان، وتتَّسِعُ باتِّساعِ إدراكي خُضُوعَهُم
للأصنامِ المخيفة التي نَحَتَتْهَا الأجيالُ المظلمة،
ونَصَبَتْهَا الجَهَالة المستَمِرّة،
ونَعَّمَتْ جَوَانِبَهَا ملامِسُ شِفَاهِ العبيد،
لكنَّني كنتُ أحبُّ هؤلاءِ العبيد بمحَبَّتي الحرية،
وأُشفِقُ عَلَيهم لأنّهم عميان يُقَبِّلونَ أحناك
الضواري الدامية ولا يبصرون، ويمتصُّون
لهاث الأفاعي الخبيثة ولا يشعرون، ويَحْفِرُون
قبورَهُمْ بأظافِرِهِم ولا يعلمون.
أَحْبَبْتُ الحرّيَّة أكثرَ من كلِّ شيء لأنَّني وجدتُهَا فتاة
قد أضناها الانفراد، وأَنْحَلَهَا الاعتزال... حتى صارت
خيالاً شَفَّافًا يَمُرُّ بين المنازِلِ،
ويَقِفُ في منعَطَفَاتِ الشَّوارع،
وينادي عابِرِي الطريق... فلا يسمعون ولا يلتفتون.
في الخمسِ والعشرين سنة أحببتُ السعادة... لكنني
لم أجدها... ولما انفَرَدْتُ بطلبها سمعت نفسي تهمس في أذني قائلة:
السعادة صَبِيَّةٌ تولَدُ وتحيا في أعماق القلب ولن
تجيء إليه من محيطه. ولمَّا فَتَحْتُ قلبي لكي أرى السعادة
وجدت هناك مرآتها وسريرها وملابسها، لكنني لم أجدها.
وقد أحببت الناس. أحببتهم كثيرًا.
والناس في شرعي ثلاثة:
واحد يلعن الحياة،
وواحد يباركها،
وواحد يتأمل بها.
فقد أحببت الأول لتعاسته، والثاني لسماحته، والثالث لمداركه...
واليوم... أقف بجانب نافذتي،... ثم أنظر مُتَأَمِّلاً بما وراءَ المدينة، فأرى
البرِّيَّةَ بكلِّ ما فيها من الجمال الرهيب...
ثم أنظر متأمِّلاً بما وراءَ البحر فأرى الفضاءَ غيرَ المُتَنَاهِي
بكلّ ما فيه من العوالِمِ السَّابِحة،
والكواكبِ اللاَّمِعَة،
والشموسِ والأقمارِ والسيَّاراتِ والثَّوابِتِ وما بينها
من الدوافِعِ والجواذِبِ المتسالمة المتنازعة، المتولَّدة، المتحوِّلة،
المُتَمَاسِكَة بِناموسٍ لا حدَّ له ولا مدى...
أنظُرُ وأتأمَّل بجميعِ هذه الأشياء... فأنسى الخمس
والعشرين... ويظهر لي كِيَانِي ومحيطي بكلِّ ما أخفاه
وأعلَنَهُ كَذَرَّةٍ من تنهُّدَةِ طفلٍ ترتجف في خلاء أَزَليِّ
الأعماق، سرمديِّ العُلُوّ، أبديّ الحدود. لكني أشعر
بكيانِ هذه الذرة، هذه النفس، هذه الذات التي أدعوها
أنا... وبصوتٍ مُتَصَاعِدٍ من قُدْسِ أقْدَاسِهَا تصرخ:
سلام أيتها الحياة.
سلام أيتها اليقظة.
سلام أيتها الرؤيا.
سلام أيها النهار الغامِرُ بنورِكَ ظلمَةَ الأرض.
سلام أيها الليل المظهِّر بظلمتِكَ أنوارَ السماء.
سلام أيتها الفصول.
سلام أيها الربيع المُعِيدُ شَبِيبَةَ الأرض.
سلام أيها الصيف المذيعُ مجدَ الشمس.
سلام أيها الخريف الواهبُ ثمارَ الأتعاب وإلَّةَ الأعمال.
سلام أيها الشتاء المُرجعُ بثوراتك عزمَ الطبيعة.
سلام أيتها الأعوام الناشِرَة ما أخفته الأعوام.
سلام أيتها الأجيال المُصلِحَة ما أفسدته الأجيال.
سلام أيها الزمن السائرُ بنا نحو الكمال.
سلام أيها الروح الضابطُ أعنَّةَ الحياة.
والمحجوبُ عنا بِنِقَابِ الشَّمْس .
باريس، 6 كانون الثاني 1908
على باب الهيكل
قد طهَّرتُ شفتيَّ بالنار المقدَّسة لأتكلَّم عن الحب,
ولمَّا فتحت شفتيَّ للكلام وجدتُنِي أخرس.
كنت أترنّم بأغاني الحب قبل أن أعرفه.
ولما عرفتُه تحوَّلتِ الألفاظ في فمي إلى لهاث ضئيل,
والأنغام في صدري إلى سكينة عميقة.
وكنتم أيها الناس, فيما مضى, تسألونني عن غرائب
الحب وعجائبه, فكنت أحدّثكم وأُقنِعُكم. أما الآن, وقد
غمرني الحب بوشاحه, فجئتُ بدوري أسألكم عن
مسالكه ومزاياه فهل بينكم من يجيبني?
... هل بينكم من يستطيع أن يُبَيِّن قلبي
لقلبي ويوضحَ ذاتي لذاتي?
ألا فأخبروني ما هذه الشعلة التي تَتَّقِد في صدري
وتلتهم قواي وتُذيب عواطفي وميولي?
وما هذه الأيدي الخفية الناعمة الخشنة التي تَقِبضُ
على روحي في ساعة الوحدة والانفراد, وتسكب في
كبدي خمرةً ممزوجة بمرارَةِ اللذة وحلاوة الأوجاع?
وما هذه الأجنحة التي ترفرف حول مضجعي
في سكينة
الليل فأسهَرَ مترقّبًا ما لا أعرفه,
مُصغيًا إلى ما لا أسمعه,
مُحدّقًا إلى ما لا أراه,
مفكّرًا بما لا أفهمه,
شاعرًا بما لا أُدركه,
مُتأوِّهًا لأَنَّ في التأوُّهِ غصَّاتٍ أَحبَّ
لديَّ من رنَّةِ الضَّحِك والابتهاج,
مستسلمًا إلى قوة غيرِ منظورةٍ تُميتُني
وتُحييني ثم تُميتُني وتُحييني حتى يطلع الفجر
ويملأ النور
زوايا غرفتي فأنام إذ ذاك...
وبين أجفاني الذابلة ترتعش أشباح اليقظة
وعلى فراشِيَ الحجري تتمايل خيالات الأحلام.
وما هذا الذي ندعوه حبًا?
أخبِروني ما هذا السر الخفيّ
الكامِنُ خلفَ الدهور,
المختبِئ وراءَ المرئيَّات,
السَّاكِنُ في ضمير الوجود?
ما هذه الفكرة المطلقة التي تجيءُ سببًا
لجميع النتائج
وتأتي نتيجةً لجميعِ الأسباب?
ما هذه اليقظَةُ التي تتناول الموتَ والحياة,
وتبتَدِع منهما حلمًا أغرَبَ مِنَ الحياة
وأعمَقَ من الموت?
أخبروني أيها الناس.
أخبروني هل بينكم من لا يستيقظ من رقدة الحياة
إذا ما لمس الحبُّ روحَه بأطرافِ أصابعه?
هل بينكم من لا يترك أباه وأمَّه ومسقط رأسه
عندما تناديه الصَّبِيَّةُ التي أحبَّها قلبُه?
هل فيكم من لا يمخر البحر ويقطع الصحاري, ويجتاز
الجبال والأودية ليلتقي المرأة التي اختارتها روحه?
أيُّ فتًى لا يتبع قلبه إلى أقاصي الأرض إذا
كان له في أقاصي الأرض حبيبة
يستطيب نكهة أنفاسها,
ويستلطف ملامس يديها,
ويستعذب رنَّة صوتها?
أيُّ بشريّ لا يحرق نفسه بخورًا أمام إله
يسمَعُ ابتهاله ويستجيبُ صَلَوَاتِه?
وقفتُ بالأمس على باب الهيكل
أسأل العابرين عن خفايا الحب ومزاياه.
مرَّ أمامي كهل... وقال متأوهًا:
الحبُّ ضعف فطري ورثناه عن الإنسان الأوّل.
ومرَّ فتى... مفتول الساعدين وقال مترنّمًا:
الحبُّ عزم يلازم كياننا
ويصل حاضرنا بماضي الأجيال ومستقبلها.
ومرَّت امرأة كئيبة... وقالت متنهّدة:
الحب سمٌّ قتَّال تتنفسه الأفاعي السَّوداء...
ومرَّت صبيَّة مورّدة الوجنتين وقالت مبتسمة:
الحب كوثر تسكبه عرائس الفجر في الأرواح...
ومرَّ طفلٌ ابنُ خمسٍ وهتف ضاحكًا:
الحبُّ أبي والحبُّ أمّي.
وانقضى النَّهار.
والناس يَمُرُّون أمام الهيكل.
وكلٌّ يصوَّر نفسَه متكلّمًا عن الحب,
ويبوح بأمانيه مُعْلنًا سرَّ الحياة.
ولمَّا جاء المساء, وسكنت حركة العابرين,
سَمِعْتُ صوتًا آتيًا من داخل الهيكل يقول:
الحياة نصفان: نصف متجلّد ونصف ملتهب.
فالحب هو النصف الملتهب.
فدخلت الهيكل إذ ذاك,
وسجدت راكعًا, مبتهلاً, مصليًّا, هاتفًا:
اجعلني يا رب طعامًا للّهيب.
اجعلني أيّها الإله مأكلاً للنارِ المقدَّسة.
آمين
أَعْطِني النَّايَ وَغَنِّ
أعطنــــي النَّــــايَ وَغَـــنِّ فالغِنَــــا سِــــرُّ الخــــلود
وأنيــــنُ النَّــــايِ يبقــــى بعــــد أن يفنـــى الوجـــود
هـــل تَخِــذْتَ الغــابَ مِثــلي مــــــنزلاً دون القُصُـــــور
فَتَتَبَّعْـــــــتَ الســــــواقي وتســــــلَّقْتَ الصخـــــور?
هــــل تحــــمَّمْتَ بعِطـــرٍ وتَنَشَّـــــــفْتَ بنـــــــور
وَشَــــرِبْتَ الفَجْـــرَ خَـــمْرًا فـــي كـــؤوسٍ مِــنْ أثــير?
هــل جَلَسْــتَ العَصْــرَ مثــلي بيــــنَ جَفْنَــــاتِ العِنَــــب
والعنـــــــاقيدُ تــــــدلَّت كَثُرَيَّــــــاتِ الــــــذَّهَب?
فَهْــــيَ لِلصَّــــادي عُيُـــونٌ وَلِمَــــنْ جَــــاعَ الطعــــام
وهـــي شَـــهْدٌ وَهْــيَ عِطْــرٌ وَلِمَــــن شَــــاءَ المُــــدَام
أعطنــــي النَّــــايَ وَغَـــنّ فالغنــــا عــــزمُ النفـــوس
وأَنيــــنُ النَّــــايِ يبقــــى بَعْــــدَ أَن تَفْنَـــى الشـــموس
أعطنــــي النَّــــايَ وَغَـــنّ فالغنــــا خــــيرُ العُلُــــوم
وأنيــــنُ النَّــــايِ يبقــــى بعــــد أن تُطْفَــــا النجـــوم
هـــل فَرَشْــتَ العشــبَ ليــلاً وَتَلَحَّـــــــفْتَ الفَضَــــــا
زاهِـــدًا فـــي مـــا ســيأتي ناســـيا مـــا قـــد مضــى
وســــكون الليــــل بَحْـــرٌ موجُــــه فــــي مَسْـــمَعك
وبِصَــــدْرِ اللَّيــــلِ قلـــبٌ خَــــافِقٌ فـــي مَضْجَـــعك?
أَعطِنــــي النَّــــايَ وَغَـــنِّ فالغِنَــــا خَــــيْرُ الصَّـــلاَة
وأنيــــنُ النَّــــايِ يَبْقَــــى بَعْــــدَ أَن تَفْنَــــى الحَيَـــاة
سأكتفي بهذا القدر فقط للتعريف وسنعود لجمع القصائد الأخرى في متفرقات لشعراء المهجرالتعديل الأخير تم بواسطة أحلام الناي ; 05-17-2009 الساعة 11:23AM
!! أنا القاك صباحا ً ومساء .. في خيالي أنت يا أغلا رجاء !!
!! .. للناي أحلامه.. !!
إضافة رد رد مع اقتباس شكراً
--------------------------------------------------------------------------------
05-05-2009 05:38PM #4 أحلام الناي
الملف الشخصي مشاهدة المشاركات رسالة خاصة إضافة إلى قائمة الإتصال
الحالة: غير متصل
تاريخ التسجيل : 04 - 05 - 2007
الدولة : على تلّة ِ حلم !!
الجنس: شاب
المشاركات : 6,774
شكراً
7
تم شكره 25 مرة في 14 مشاركةمعدل تقييم المستوى : 22
ميخائيل نعيمة
ميخائيل نعيمة 1889 - 1988مفكر عربي كبير وهو واحد من ذلك الجيل الذي قاد النهضة الفكرية والثقافية وأحدث اليقظة وقاد إلى التجديد واقسمت له المكتبة العربية مكاناً كبيراً لما كتبه وما كتب حوله. فهو شاعر وقاص ومسرحي وناقد متفهم وكاتب مقال متبصر ومتفلسف في الحياة والنفس الانسانية وقد أهدى إلينا آثاره بالعربية والانجليزية والروسية وهي كتابات تشهد له بالامتياز وتحفظ له المنزلة السامية.
ولد في بسكنتا في جبل صنين في لبنان في شهر تشرين الأول من عام 1889 وانهى دراسته المدرسية في مدرسة الجمعية الفلسطينية فيها، تبعها بخمس سنوات جامعية في بولتافيا الأوكرانية بين عامي 1905 و 1911 حيث تسنّى له الاضطلاع على مؤلّفات الادب الروسي، ثم اكمل دراسة الحقوق في الولايات المتحدة الأمريكية (منذ كانون الاول عام 1911) وحصل على الجنسية الأمريكية. انضم إلى الرابطة القلمية التي أسسها أدباء عرب في المهجر وكان نائبا لجبران خليل جبران فيها. عاد إلى بسكنتا عام 1932 واتسع نشاطه الأدبي . لقّب ب"ناسك الشخروب" ، توفي عام 1988 عن عمر يناهز المئة سنة.
قصصه
نشر نعيمة مجموعته القصصية الأولى سنة 1914 بعنوان "سنتها الجديدة"، و كان حينها في أمريكا يتابع دراسته، وفي العام التالي نشر قصة "العاقر" وانقطع على ما يبدو عن الكتابة القصصية حتى العام 1946 إلى أن صدرت قمة قصصه الموسومة بعنوان "مرداد" سنة 1952، وفيها الكثير من شخصه وفكره الفلسفي. وبعد ستة أعوام نشر سنة 1958 "أبو بطة"، التي صارت مرجعاً مدرسياً وجامعياً للأدب القصصي اللبناني/العربي النازع إلى العالمية، وكان في العام 1956 قد نشر مجموعة "أكابر" "التي يقال أنه وضعها مقابل كتاب النبي لجبران".
سنة 1949 وضع نعيمة رواية وحيدة بعنوان "مذكرات الأرقش" بعد سلسلة من القصص والمقالات والأِشعار التي لا تبدو كافية للتعبير عن ذائقة نعيمة المتوسع في النقد الأدبي وفي أنواع الأدب الأخرى.
"مسرحية الآباء والبنون" وضعها نعيمة سنة 1917، وهي عمله الثالث، بعد مجموعتين قصصيتين فلم يكتب ثانية في هذا الباب سوى مسرحية "أيوب" صادر/بيروت 1967.
ما بين عامي 1959 و 1960 وضع نعيمة قصّة حياته في ثلاثة اجزاء على شكل سيرة ذاتية بعنوان "سبعون"، ظنا منه أن السبعين هي آخر مطافه، ولكنه عاش حتى التاسعة والتسعين، وبذلك بقي عقدان من عمره خارج سيرته هذه.
شعره
"مجموعته الشعرية الوحيدة هي "همس الجفون" وضعها بالإنكليزية، وعربها محمد الصابغ سنة 1945، إلا أن الطبعة الخامسة من هذا الكتاب (نوفل/بيروت 1988) خلت من أية إشارة إلى المعرب.
مؤلفاته
في الدراسات والمقالات والنقد والرسائل وضع ميخائيل نعيمة ثقله التأليفي (22 كتاباً)،
نجوى الغروب
الغربال 1927،
كان يا ماكان 1932،
المراحل، دروب 1934،
جبران خليل جبران 1936،
زاد المعاد 1945،
البيادر 1946،
كرم على درب الأوثان 1948،
صوت العالم 1949،
النور والديجور 1953،
في مهب الريح 1957،
أبعد من موسكو ومن واشنطن 1963،
اليوم الأخير 1965،
هوامش 1972،
في الغربال الجديد 1973،
مقالات متفرقة، يابن آدم، نجوى الغروب 1974،
مختارات من ميخائيل نعيمة وأحاديث مع الصحافة 1974.
رسائل، من وحي المسيح 1977،
ومضات، شذور وأمثال، الجندي المجهول
مسرحية الآباء والبنون
التعريب
قام ميخائيل نعيمة بتعريب كتاب "النبي" لجبران خليل جبران ، كما قام آخرون من بعده بتعريبه (مثل يوسف الخال ، نشرة النهار)، فكانت نشرة نعيمة متأخرة جداً (سنة 1981)، وكانت شهرة ( النبي ) عربياً قد تجاوزت آفاق لبنان.
المراجع
جورج نخل، "ميخائيل نعيمة"، الناشر: دار الشمال للطباعة والنشر والتوزيع
محمد شفيق شيا، فلسفة ميخائيل نعيمة، الناشر: مؤسسة بحسون للنشر والتوزيع
بعض قصائده
أخي
أخي ! إنْ ضَجَّ بعدَ الحربِ غَرْبِيٌّ بأعمالِهْ
وقَدَّسَ ذِكْرَ مَنْ ماتوا وعَظَّمَ بَطْشَ أبطالِهْ
فلا تهزجْ لمن سادوا ولا تشمتْ بِمَنْ دَانَا
بل اركعْ صامتاً مثلي بقلبٍ خاشِعٍ دامٍ
لنبكي حَظَّ موتانا
***
أخي ! إنْ عادَ بعدَ الحربِ جُنديٌّ لأوطانِهْ
وألقى جسمَهُ المنهوكَ في أحضانِ خِلاّنِهْ
فلا تطلبْ إذا ما عُدْتَ للأوطانِ خلاّنَا
لأنَّ الجوعَ لم يتركْ لنا صَحْبَاً نناجيهم
سوى أشْبَاح مَوْتَانا
***
أخي ! إنْ عادَ يحرث أرضَهُ الفَلاّحُ أو يزرَعْ
ويبني بعدَ طُولِ الهَجْرِ كُوخَاً هَدَّهُ المِدْفَعْ
فقد جَفَّتْ سَوَاقِينا وَهَدَّ الذّلُّ مَأْوَانا
ولم يتركْ لنا الأعداءُ غَرْسَاً في أراضِينا
سوى أجْيَاف مَوْتَانا
***
أخي ! قد تَمَّ ما لو لم نَشَأْهُ نَحْنُ مَا تَمَّا
وقد عَمَّ البلاءُ ولو أَرَدْنَا نَحْنُ مَا عَمَّا
فلا تندبْ فأُذْن الغير ِ لا تُصْغِي لِشَكْوَانَا
بل اتبعني لنحفر خندقاً بالرفْشِ والمِعْوَل
نواري فيه مَوْتَانَا
***
أخي ! مَنْ نحنُ ؟ لا وَطَنٌ ولا أَهْلٌ ولا جَارُ
إذا نِمْنَا ، إذا قُمْنَا رِدَانَا الخِزْيُ والعَارُ
لقد خَمَّتْ بنا الدنيا كما خَمَّتْ بِمَوْتَانَا
فهات الرّفْشَ وأتبعني لنحفر خندقاً آخَر
نُوَارِي فيه أَحَيَانَا
النهر المتجمد
يا نهرُ هل نضبتْ مياهُكَ فانقطعتَ عن الخريـر ؟
أم قد هَرِمْتَ وخار عزمُكَ فانثنيتَ عن المسير ؟
***
بالأمسِ كنتَ مرنماً بين الحدائـقِ والزهـور
تتلو على الدنيا وما فيها أحاديـثَ الدهـور
***
بالأمس كنتَ تسير لا تخشى الموانعَ في الطريـق
واليومَ قد هبطتْ عليك سكينةُ اللحدِ العميـق
***
بالأمس كنـتَ إذا أتيتُكَ باكيـاً سلَّيْتَنـي
واليومَ صـرتَ إذا أتيتُكَ ضاحكـاً أبكيتنـي
***
بالأمسِ كنتَ إذا سمعتَ تنهُّـدِي وتوجُّعِـي
تبكي ، وها أبكي أنا وحدي، ولا تبكي معي !
***
ما هذه الأكفانُ ؟ أم هذي قيـودٌ من جليـد
قد كبَّلَتْكَ وذَلَّلَتْـكَ بها يدُ البـرْدِ الشديـد ؟
***
ها حولك الصفصافُ لا ورقٌ عليه ولا جمـال
يجثو كئيباً كلما مرَّتْ بـهِ ريـحُ الشمـال
***
والحَوْرُ يندبُ فوق رأسِـكَ ناثـراً أغصانَـهُ
لا يسرح الحسُّـونُ فيـهِ مـردِّداً ألحانَـهُ
***
تأتيه أسرابٌ من الغربـانِ تنعـقُ في الفَضَـا
فكأنها ترثِي شباباً من حياتِـكَ قـد مَضَـى
***
وكأنـها بنعيبها عندَ الصبـاحِ وفي المسـاء
جوقٌ يُشَيِّعُ جسمَـكَ الصافي إلى دارِ البقـاء
***
لكن سينصرف الشتا ، وتعود أيـامُ الربيـع
فتفكّ جسمكَ من عِقَالٍ مَكَّنَتْهُ يـدُ الصقيـع
***
وتكرّ موجتُكَ النقيةُ حُرَّةً نحـوَ البِحَـار
حُبلى بأسرارِ الدجى ، ثملى بأنـوارِ النهـار
***
وتعود تبسمُ إذ يلاطف وجهَكَ الصافي النسيم
وتعود تسبحُ في مياهِكَ أنجمُ الليلِ البهيـم
***
والبدرُ يبسطُ من سماه عليكَ ستراً من لُجَيْـن
والشمسُ تسترُ بالأزاهرِ منكبَيْـكَ العارِيَيْـن
***
والحَوْرُ ينسى ما اعتراهُ من المصائـبِ والمِـحَن
ويعود يشمخ أنفُهُ ويميس مُخْضَـرَّ الفَنَـن
***
وتعود للصفصافِ بعد الشيبِ أيامُ الشبـاب
فيغرد الحسُّـونُ فوق غصونهِ بدلَ الغـراب
***
قد كان لي يا نـهرُ قلبٌ ضاحكٌ مثل المروج
حُرٌّ كقلبِكَ فيه أهـواءٌ وآمـالٌ تمـوج
***
قد كان يُضحي غير ما يُمسي ولا يشكو المَلَل
واليوم قد جمدتْ كوجهِكَ فيه أمواجُ الأمـل
***
فتساوتِ الأيـامُ فيه : صباحُهـا ومسـاؤها
وتوازنَتْ فيه الحياةُ : نعيمُـها وشقـاؤها
***
سيّان فيه غدا الربيعُ مع الخريفِ أو الشتاء
سيّان نوحُ البائسين ، وضحكُ أبناءِ الصفاء
***
نَبَذَتْهُ ضوضاء ُ الحياةِ فمـالَ عنها وانفـرد
فغـدا جماداً لا يَحِنُّ ولا يميلُ إلى أحـد
***
وغدا غريباً بين قومٍ كـانَ قبـلاً منهـمُ
وغدوت بين الناس لغزاً فيه لغـزٌ مبهـمُ
***
يا نـهرُ ! ذا قلبي أراه كما أراكَ مكبَّـلا
والفرقُ أنَّك سوفَ تنشطُ من عقالِكَ ، وهو لا
إلى دودة
تدبّين دبَّ الوهنِ في جسميَ الفاني وأجري حثيثاً خلف نعشي وأكفاني
فأجتاز عمري راكضاً متعثّراً بأنقاض آمالي وأشباح أشجاني
وأبني قصوراً من هباءٍ وأشتكي إذا عبثتْ كفُّ الزمانِ ببنياني
ففي كل يومٍ لي حياةٌ جديدةٌ وفي كلّ يومٍ سكرةُ الموتِ تغشاني
ولولا ضبابُ الشكّ يا دودةَ الثرى لكنتُ أُلاقي في دبيبِكِ إيماني
فأترك أفكاري تُذيع غرورَها وأترك أحزاني تكفّن أحزاني
وأزحف في عيشي نظيرَكِ جاهلاً دواعيَ وجدي أو بواعثَ وجداني
ومستسلماً في كلّ أمرٍ وحالةٍ لحكمةِ ربّي لا لأحكام إنسان
****
فها أنتِ عمياءٌ يقودكِ مُبصرٌ وأمشي بصيراً في مسالك عُميان
لكِ الأرضُ مهدٌ والسماءُ مظلّةٌ ولي فيهما من ضيق فكريَ سِجْنان
لئن ضاقتا بي لم تضيقا بحاجتي ولكنْ بجهلي وادّعائي بعرفاني
ففي داخلي ضدّان: قلبٌ مُسلِّمٌ وفكرٌ عنيد بالتساؤل أضناني
توهّم أن الكونَ سِرٌّ وأنّهُ يُنال ببحثٍ أو يُباح ببرهان
فراح يجوب الأرضَ والجوَّ والسَّما يُسائل عن قاصٍ ويبحث عن دان
وكنتُ قصيداً قبل ذلك كاملاً فضعضع ما بي من معانٍ وأوزان
****
وأنتِ التي يستصغر الكلُّ قدرَها ويحسبها بعضٌ زيادةَ نقصان
تدبّين في حضن الحياةِ طليقةً ولا همَّ يُضنيكِ بأسرارِ أكوان
فلا تسألين الأرضَ مَنْ مدَّ طولَها ولا الشمسَ من لظّى حشاها بنيران
ولا الريحَ عن قصدٍ لها من هبوبها ولا الوردةَ الحمراءَ عن لونها القاني
وما أنتِ في عين الحياةِ دميمةٌ وأصغرُ قَدْراً من نسورٍ وعُقبان
فلا التبرُ أغلى عندها من ترابها ولا الماسُ أسنى من حجارةِ صَوّان
هل استبدلتْ يوماً غراباً ببلبلٍ وهل أهملتْ دوداً لتلهو بغزلان؟
وهل أطلعتْ شمساً لتحرقَ عوسجاً وتملأ سطحَ الأرضِ بالآس والبان؟
لعمركِ، يا أختاه، ما في حياتنا مراتبُ قَدْرٍ أو تفاوتُ أثمان
مظاهرها في الكون تبدو لناظرٍ كثيرةَ أشكالٍ عديدةَ ألوان
وأُقنومُها باقٍ من البدء واحداً تجلّتْ بشُهبٍ أم تجلّتْ بديدان
وما ناشدٌ أسرارَها، وهو كشفُها، سوى مشترٍ بالماء حرقةَ عطشان
التعديل الأخير تم بواسطة أحلام الناي ; 05-17-2009 الساعة 11:26AM
!! أنا القاك صباحا ً ومساء .. في خيالي أنت يا أغلا رجاء !!
!! .. للناي أحلامه.. !!
إضافة رد رد مع اقتباس شكراً
--------------------------------------------------------------------------------
05-05-2009 05:41PM #5 أحلام الناي
الملف الشخصي مشاهدة المشاركات رسالة خاصة إضافة إلى قائمة الإتصال
الحالة: غير متصل
تاريخ التسجيل : 04 - 05 - 2007
الدولة : على تلّة ِ حلم !!
الجنس: شاب
المشاركات : 6,774
شكراً
7
تم شكره 25 مرة في 14 مشاركةمعدل تقييم المستوى : 22
إيليا أبو ماضي
الاسم الحقيقي إيليا ضاهر أبو ماضي1889-1957
محل الميلاد المحيدثة ـ المتن الشمالي - لبنان
سبب الشهرة يأتي ثالثا في شهرته بين شعراء المهجر، بعد جبران ونعيمة..
يزخر شعر أبي ماضي بالتفاؤل والإقبال على الحياة بإسباغ الجمال على البشر والطبيعة، ويستثنى من ذلك درته الشهيرة "الطلاسم" ..
وكمعظم المهجريين يتصف بالجرأة في التعامل مع اللغة ومع القالب العمودي الموروث .
نشأ أبو ماضي في عائلة بسيطة الحال لذلك لم يستطع أن يدرس في قريته سوى الدروس الابتدائية البسيطة؛
فدخل مدرسة المحيدثة القائمة في جوار الكنيسة.
عندما اشتد به الفقر في لبنان، رحل إيليا إلى مصر عام 1902 بهدف التجارة مع عمه الذي كان يمتهن تجارة التبغ،
وهناك التقى بأنطون الجميل، الذي كان قد أنشأ مع أمين تقي الدين مجلة "الزهور" فأعجب بذكائه وعصاميته إعجابا شديدا ودعاه إلى الكتابة بالمجلة، فنشرأولى قصائده بالمجلة، وتوالى نشر أعماله، إلى أن جمع بواكير شعره في ديوان أطلق عليه اسم " تذكار الماضي " وقد صدر في عام 1911م عن المطبعة المصرية، وكان أبو ماضي إذ ذاك يبلغ من العمر 22 عاما.
اتجه أبو ماضي إلى نظم الشعر في الموضوعات الوطنية والسياسية، فلم يسلم من مطاردة السلطات، فاضطر للهجرة إلى أمريكا عام 1912 حيث استقر أولا في مدينة " سنسناتي " بولاية أوهايو حيث أقام فيها مدة أربع سنوات عمل فيها بالتجارة مع أخيه البكر مراد، ثم رحل إلى نيويورك وفي "بروكلين"، شارك في تأسيس الرابطة القلمية في الولايات المتحدة الأمريكية مع جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة.
أصدر مجلة " السمير" عام 1929م، التي تعد مصدراً أولياً لأدب إيليا أبي ماضي، كما تعد مصدراً أساسياً من مصادر الأدب المهجري، حيث نشر فيها معظم أدباء المهجر، وبخاصة أدباء المهجر الشمالي كثيراً من إنتاجهم الأدبي شعراً ونثراً.
واستمرت في الصدور حتى وفاة الشاعر عام 1957م .
يعتبر إيليا من الشعراء المهجريين الذين تفرغوا للأدب والصحافة، ويلاحظ غلبة الاتجاه الإنساني على سائر أشعاره، ولاسيما الشعر الذي قاله في ظل الرابطة القلمية وتأثر فيه بمدرسة جبران.
أهم الأعمال دواوين:
(تذكار الماضي)، (إيليا أبو ماضي)، (الجداول)، (الخمائل)، (تبر وتراب).
إيليا أبوماضي .. أنشودة التفاؤل!
بقلم: أشرف السيد سالم
عالمٌ جديدٌ فسيح للثقافة العربية، أنشأه الأدباء المهاجرون في موطنهم الجديد البعيد .. لذا نقابل اليوم فارسًا من أدباء المهجر، وشاعرًا ممن تربعوا على قمة الشعر العربي في هذه البلاد .. إنه شاعر الأمل والتفاؤل "إيليا أبي ماضي".. هذا الشاعر الكبير الذي حملت قصائده روح الشرق وهمومه، وهو في أقصى الغرب، وكأنه شجرة أرزٍ لبنانية غُرست على ضفاف الميسيسيبي.
إيليا أبي ماضي هذا الشاعر الغزير الإنتاج، الذي خلَّف لنا عدة دواوين شعر تذخر بالمشاعر الوجدانية، وتفيض بالأحاسيس الرقيقة الراقية.. وأهم هذه الدواوين "تذكار الماضي"، و"الجداول"، و"الخمائل" .. و"تبرٌ وتراب".. كانت هذه الإبداعات نتاج فتراتٍ زمانية متعاقبة .. ومحطاتٍ مكانية متنوعة في حياة شاعرنا، من جبال لبنان إلى شواطئ الإسكندرية، إلى طرقات نيويورك.. ولكنه لم يَنْسَ قط الشرق العزيز، ولبنان الحبيب الذي قال عنه أبو ماضي:
لُبنانُ والأمــلُ الذي لذويــهِوالشِّعرُ قال بنيتُ عرشــي فيهِ
وتحبُّهُ والثلجُ فــي واديـــهِبقــلائد العقيان تستغويـــهِ
بالأنجم الزهـــراءِ تسترضيهِحتـــى أعودَ إليه أرضَ التيهِ
اثنـــان أعيا الدهرَ أن يُبليهماسألوا الجمـالَ فقال هذا هيكلي
تشتاقُهُ والصــيفُ فوق هضابهوإذا تمدُّ له ذُكــاء حبالــها
وإذا تُنَقِّطُهُ السمـــاءُ عشيـةًوطني ستبقى الأرضُ عندي كلها
وكما غنَّى أبي ماضي لوطنه الأول لبنان، فقد غنى لوطنه الثاني مصر التي كان لها في نفسه أثرٌ كبير .. فقد وجد فيها الرزق والعلم.. وخطت فيها أولى خطواته على طريق الأدب.. لذلك قال في حبها:
بروحــي وما ملكته يديويمشي الفناءُ إلـى الجلمدِ
فكم بي في الناس من مُقتدِأيا مصــرُ أفديك بالأنفسين
أحبك حتى تجف البحـــاروما أنا وحدي المحبُ الأمينُ
وشعر أبي ماضي يزخر بالأمل والتفاؤل، ويرد على من يدعي أن ظروف الحياة حولنا قد تدعو للتشاؤم؛ إذ يقول:
قلتُ ابتسم يكفي التجهمُ في السماقال السمــــاءُ كئيبةٌ وتجهمـا
لن يُرجع الأسف الصبا المتصرماقال الصبا ولَّـــى فقلتُ له ابتسم
صارت لنفسـي في الغرام جهنماقال التي كانت سمــائي في الهوى
قلبي فكيف أُطيقُ أن أتبسمــا؟خــــانت عهودي بعد ما ملَّكْتُها
قضَّيتَ عمـــركَ كلــه متألماقلتُ ابتسم واطـــرب فلو قارنتها
يأتي إلــى الدنيا ويذهبُ مرغماقال البشـــاشةُ ليس تُسعد كائنًا
شبرٌ فإنك بعــدُ لــن تتبسمـاقلت ابتســم ما دام بينك والـردى
متلاطــمٌ ولذا نُحــبُّ الأنجمافاضحك فإن الشهب تضحك والدجى
وأبي ماضي عاشق للحياة وجمالها رافض للشكوى والتبرم من عنائها، يقول لمن يضيق بهذا العناء المتجاهل للجمال من حوله:
كيف تغــدو إذا غدوت عليلاأيا هذا الشــاكي وما بك داءٌ
تتوقــى قبل الرحيل الرحيلاإن شر الجُناة في الأرضِ نفسٌ
أن تــرى فوقها الندى إكليلاوترى الشوك في الورود وتعمى
من يظــن الحياة عبئًا ثقيلاهو عبءٌ علـــى الحياة ثقيلٌ
لا يرى في الوجود شيئًا جميلاوالذي نفســـه بغير جمـالٍ
لا تخـف أن يزول حتى تزولافتمتع بالصبــح مـا دمتَ فيهِ
كما أنه عاشق متيم للطبيعة، ولعل هذا العشق هو سر تفاؤله فهاهو يتحدث عن الطبيعة حديث الصب المدله :
سرَّ اللطافة في النسيم السارييا ليتني لصٌ لأسرق في الضحى
في زرقة الأفقِ الجميلِ العاريوأَجسَّ مؤتلق الجمـالِ بأصبعي
والسرَّ في جذلِ الغدير الجاريويبين لـي كنهَ المهابة في الربى
الـوادي الكئيبِ وصولة التيارِوبشاشة المرجِ الخصيبِ ووحشة
ويرافقه حب الطبيعة إلى مهجره في أمريكا، فيرسم صورةً بديعة لشلال ميلفيرد الشهير لا تخلو من شوق وتحنان لبلاده؛ إذ يقول في أبيات يذكرنا نظمها بالشعراء العباسيين:
وأنا لشــوقي لا يقر قراريشـلال "ميلفيرد" لا يقر قرارُهُ
وله ضجيــج الجحفل الجرارِفيه من السيف الصقيل بريقه
أتراه يغسلها مـــن الأوزارِأبداً يرشُ صخـوره بدموعه
أبصرتَ حول السفح شبه غُبارِفإذا تطـاير مـــاؤه متناثرًا
ويصولُ كالضرغامِ ذي الأظفارِكالبحر ذي التيارِ يدفعُ بعضهُ
ولكن هذا العاشق للطبيعة والجمال والأمل .. يبدو أنه لاقى العناء في الحب .. إذ يصفه بقوله:
فقلتُ الردى والخوفَ في البعدِ والقربِوقائلةٍ ماذا لقيتَ مـــن الحُبِّ
شمـــائلَ غُرًا لا تُنال بلا حـــبِفقالت عهدت الحـبَّ يكسب ربَّه
نفــور المها راءً فأمسيتُ فيحربِفقلت لها قد كــان حبًّا فزاده
فلما عرفتُ الحــبَ صـرتُ بلا قلبِوقد كان لي قلبٌ وكنت بلا هوى
وإذا كان شاعرنا قد وجد الشقاء في الحب، فأين يجد السعادة إذن؟
كالفلك في النهر هاج النوءُ مجراهُمرت ليالٍ وقلبي حــائرٌ قلقٌ
أضنــى المسيرُ مطاياهُ وأضناهُأو كالمسافر في قفرٍ على ظمأٍ
وأبلغُ الأمــرَ نفسي ليس تهواهُلا أدرك الأمر أهـواهُ وأطلبه
عانٍ فأنت امرؤٌ في قلبــك اللهما دام قلبُــك فيه رحمةٌ لأخٍ
ولكن موقف أبي ماضي من الغرام وتباريحه لا ينعكس على رؤياه للحب بمعناه الرحيب الذي يحرص على إشاعته بين البشر، فيقول :
وابغض فيمسي الكونُ سجنًا مُظلماأحبب فيغدو الكــوخُ لونًا نيرًا
والمرءُ لــولا الحــبُ إلا أعظماما الكأسُ لولا الخمرُ غير زجاجةٍ
زهرًا وصــار سرابُها الخداعُ مالو تعشـقُ البيداءُ أصبح رملها
ورآهُ ذو جهــلٍ فظــنَّ ورَجَّمالاح الجمالُ لذي نهــى فأحبه
المــرءُ ليس يُحبُّ حتـى يفهمالا تطلبــن محبةً مـن جاهلٍ
ولا يعني ما سقناه من أشعار أن إيليا كان بمعزلٍ عن قضايا أمته السياسية والاجتماعية، فعندما كان في مصر وجد فيها مُستعمرا غاشما وحُكاما طغاة، يواجههم شعبٌ مطحون وثوارٌ مخلصون .. فوجد لزامًا عليه أن ينخرط في صفوفهم ويسهم بشعره في نضالهم.. فقال:
أنا لا أرضى لمصرٍ أن تُضاماخَلِّني أستصرخُ القومَ النياما
هاجـه العابثُ بالحـق فلامالا تلُم في نصرة الحقِ فتىً
نقـرئ النيل التحايا والسلاماوقفا في شاطـئ النيل معي
منعوهـا مــاءَهُ إلا لمامـاوأناجيه أمانــي أمــةٍ
بيننا تجمــع مصرًا والشآمالستُ مصـريًا ولكن نسبةً
مثلما يرتقبُ الصادي الغماماأمـةٌ ترتقـبُ استقـلالها
وعندما وجد الظلم الاجتماعي يسحق ملايين الكادحين البسطاء ليثري طبقة مسيطرة تحميها السلطة الظالمة، صرخ بوجههم قائلا:
وإن ملأ السكك الجائعونْكلوا واشربوا أيها الأغنياء
تُعلمهم كيف فتك المنونْمُروا فتصولُ الجنودُ عليهم
سُراةُ البلاد فمن يحرسونْإذا الجند لم يحرسوكم وأنتم
فيا ليت شعريَ من يقتلونْوإن هم لم يقتلـوا الأشقياء
فإنهمُ للـردى يولــدونْولا يحــزننكمُ مــوتُهمْ
وإن قـدر الله شيئًا يكونْوقولوا كذا قــد أراد الإله
ولكن مهما تلبدت السماء بالغيوم التي تحيل ضوءها ظلامًا، تعود أبيات قصائده لتحوم في رحاب الأمل الفسيح والأحلام الوردية:
وابسمي كالنجمِ إن جنَّ المساءْابسمي كالورد في فجر الصباء
وإذا ما تسترُ الغيــمُ السماءْوإذا ما كفـــن الثلجُ الثرى
وتوارى النورُ في كهفِ الشتاءْوتعـرى الروضُ من أزهاره
تخلقــي حولك زهرًا وشذاءْفاحلمـي بالصيفِ ثم ابتسمي
فهو هكذا دائمًا يجد في الطبيعة كنزًا شائع الملكية ومنجمًا للأمل والتفاؤل وبلسمًا لجراح المعذبين الذين يعاتبهم بقوله:
والأرضُ ملكُكَ والسما والأنجمُكــم تشتكي وتقــول إنك معدمٌ
ونسيمــها والبلبلُ المُتـرنمُولــك الحقـول وزهرُها وأريجها
دورًا مزخــرفةً وحينًا يهدمُوالنور يبني في السفوح وفي الذرى
آياتــه قُدَّام مــن يتعلـمُفكأنه الفنــنُ يعرض عــــابثًا
بحرٌ تعومُ به الطيورُ الحوَّمُوكأنــه لِصفائــِهِ وسنـــائِهِ
وتبسمـــت فعلام لا تتبسمُهشــت لك الدنيا فمـا لك واجمًا
لقد كان إيليا أبي ماضي شاعرًا صاحب رسالة يقول في وصف شعره ورسالته:
مالي وللتشبيبِ بالصهبــاءِأنا مـا وقفتُ لكــي أُشبب بالطلا
إني نبذتُ سفاسـف الشعراءِلا تسألوني المدح أو وصف الدُمى
مدحًا وبتُّ أصون ماءَ حيائيباعـــوا لأجل المالِ ماءَ حيائهم
قـد بات واسطةً إلى الإثراءِلم يفهمــوا بالشعــر إلا أنـه التعديل الأخير تم بواسطة أحلام الناي ; 05-17-2009 الساعة 11:27AM
!! أنا القاك صباحا ً ومساء .. في خيالي أنت يا أغلا رجاء !!
!! .. للناي أحلامه.. !!
إضافة رد رد مع اقتباس شكراً
--------------------------------------------------------------------------------
05-05-2009 05:43PM #6 أحلام الناي
الملف الشخصي مشاهدة المشاركات رسالة خاصة إضافة إلى قائمة الإتصال
الحالة: غير متصل
تاريخ التسجيل : 04 - 05 - 2007
الدولة : على تلّة ِ حلم !!
الجنس: شاب
المشاركات : 6,774
شكراً
7
تم شكره 25 مرة في 14 مشاركةمعدل تقييم المستوى : 22
بعض قصائد إيليا أبو ماضي
المساء
السحب تركض في الفضاء الرحب ركض الخائفين
والشمس تبدو خلفها صفـــراء عاصبة الجبين
والبحر ساجٍ صامــتٌ فيه خشــوع الزاهدين
لكنما عـيناك باهتتان في الأفق البعيــــــد
سلمى ...بماذا تفكرين؟
سلمى ...بماذا تحلمين؟
أرأيت أحلام الطفــــولة تختفي خلف التخوم؟
أم أبصرتْ عيناك أشـــباح الكهولة في الغيوم؟
أم خفتْ أن يأتي الدُّجى الجــاني ولا تأتي النجوم؟
أنا لا أرى ما تلمحين من المشاهد إنما أظلالها في ناظريك
تنم، ياسلمى، عليــك
إني أراك كســــائحٍ في القفر ضل عن الطريق
يرجو صديقاً في الفـلاة، وأين في القفـر الصديق
يهوى البروق وضوءها، ويـخاف تـخدعهُ البروق
بلْ أنت أعـظم حيرة من فــــارسٍ تحت القتام
لا يستطيع الانتــــصار
ولا يطيق الانــــكسار
هذي الهواجـس لم تكن مرســـومة في مقلتيك
فلقـد رأيـتـك في الضحى ورأيته في وجـنتيك
لكن وجدتُك في المساء وضـعت رأسك في يديك
وجلست في عينيك ألغازٌ، وفي النفــس اكتئاب
مــثل اكتئاب العاشقين
سـلمى ...بماذا تفكرين
بالأرض كيف هوت عروش النور عن هضباتها؟
أم بالمروج الخُضرِ ســاد الصمت في جنباتها؟
أم بالعصافـير التي تعـــــدو إلى وكناتها؟
أم بالمـــــــسا؟
إن المســــــــا يخـفي المدائن كالقرى
والكوخ كالقصر المكينْ
الشـوكُ مــــــــــــثلُ الياسمين
لا فـرق عـند الليل بين النهـــر والمستنقع
يخفي ابتسامات الطــــــــروب كأدمع المتوجع
المتوجعِ إن الجمالَ يغيبُ مثل القبح تحت البرقعِ
لـكن لماذا تجـــــــزعـــين على النهار وللدجى
أحــــــــلامه ورغائبه
وســـــــماؤُهُ وكواكبهْ؟
إن كان قد ستر البلاد سهـــولها ووعورها
لم يسلب الزهر الأريج ولا المياة خـــريرها
كلا، ولا منعَ النســـائم في الفضاءِ مسيرُهَا
ما زال في الوَرَقِ الحفيفُ وفي الصَّبَا أنفاسُها
والعـــــــندليب صداحُه
لا ظفــــــــرُهُ وجناحهُ
فاصغي إلى صوت الجداول جارياتٍ في السفوح
واسـتنشـقي الأزهار في الجنات مادامت تفوح
وتمتعي بالشهـب في الأفلاك مادامتْ تلوح
من قـبل أن يأتي زمان كالضباب أو الدخان
لا تبصرين به الغـدير
ولا يلـــذُّ لك الخريرْ
مات النهار ابن الصباح فلا تقولي كيف مات
إن التأمل في الحـــياة يزيد أوجاع الحياة
فدعي الكآبة والأسى واسـترجعي مرح الفتاةْ
قد كان وجهك في الضحى مثل الضحى متهللاً
فيه البشـــاشة والبهاءْ
ليكن كــذلك في المساءْ
الطلاسم
جئتُ لا أعلم من أين ولكني أتيتُ
ولقد أبصرت أمامي طريقا فمشيتُ
وسأبقى ماشيا إن شئت هذا أم أبيتُ
كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟
لست أدري!
أجديد أم قديم أنا في هذا الوجودْ
هل أنا حرٌ طليقٌ أم أسيرٌ في قيودْ
هل أنا قائدُ نفسي في حياتي أم مقود
أتمنّى أنني أدري ولكن
لست أدري!
أتراني قبلما أصبحتُ إنسانا سويا
أتراني كنت محواً أم تراني كنت شيئا
ألهذا اللغز حل أم سيبقى أبديا
لست أدري، ولماذا لست أدري؟
لست أدري!
قد سألت البحر يوما هل أنا يا بحر مِنكا
هل صحيح مارواه بعضهم عنِّي وعنكا
أم ترى مازعموا زورا وبهتانا وإفكا
ضحِكَتْ أمواجُه مني وقالت
لست أدري
أيها البحر أتدي كم مضت ألفٌ عليكا
وهل الشاطيء يدري أنه جاث لديكا
وهل الأنهارُ تدري أنها منك إليكا
ماالذي الأمواج قالت حين ثارت
لست أدري!
كم فتاةٍ مثل ليلى وفتىً كابن الملوّحْ
أنفقا الساعات في الشاطئ؛ تشكو وهو يشرحْ
كلّما حدَّثتَ أصغتْ وإذا قالت ترنّح
أحفيف الموج سر ضيعاه؟
لست أدري
إن في صدري يا بحرُ لأسراراً عجابا
نزل السِّتر عليها وأنا كُنت الحِجابا
ولِذا أزدادُ بُعداً كلّما ازددتُ اقترابا
وأُراني كلمّا أوشكت أدري
لست أدري!
فيك مثلي أيها الجبّارُ أصداف ورملُ
إنّما أنت بلا ظلِّ ولي في الأرض ظلُ
إنما أنت بلا عقل ولي يا بحرُ عقلُ
فلماذا يا ترى أمضي وتبقى؟
لست أدري!
التعديل الأخير تم بواسطة أحلام الناي ; 05-17-2009 الساعة 11:28AM
!! أنا القاك صباحا ً ومساء .. في خيالي أنت يا أغلا رجاء !!
!! .. للناي أحلامه.. !!
إضافة رد رد مع اقتباس شكراً
--------------------------------------------------------------------------------
05-05-2009 05:46PM #7 أحلام الناي
الملف الشخصي مشاهدة المشاركات رسالة خاصة إضافة إلى قائمة الإتصال
الحالة: غير متصل
تاريخ التسجيل : 04 - 05 - 2007
الدولة : على تلّة ِ حلم !!
الجنس: شاب
المشاركات : 6,774
شكراً
7
تم شكره 25 مرة في 14 مشاركةمعدل تقييم المستوى : 22
نسيب عريضة
ولد نسيب عريضة في شهر آب سنة 1887م في مدينة " حِمْص " بشمال سوريا ، لوالدين أرثوذكسيين هما أسعد عريضة وسليمة حداد .
- تلقى تعليمه الابتدائي بمدرسة حِمْص الروسية المجانية ، وعندما ظهر تفوقه في الدراسة اختارته الجمعية الروسية الإمبراطورية ليكمل تعليمه الثانوي في مدرسة المعلمين الروسية بمدينة الناصرة في فلسطين .
وقد عاش نسيب عريضة منذ سنة 1900 في القسم الداخلي لمدرسة " الناصرة" حيث التقى بعد سنتين قضاهما في مدرسة المعلمين الروسية بتلميذ جديد ، أصبح فيما بعد صديقاً وزميلاً له مدى حياته هو ميخائيل نعيمة ، كما التقى بزميل آخر هو الشاعر عبد المسيح حداد . وأمضى في مدرسة الناصرة مدة خمس سنوات أنهى خلالها تعليمه.
- أغرم بالقراءة والتأمل منذ صغره في الطبيعة والحياة ، فقرأ أمهات الكتب في الأدب العربي خاصة دواوين الشعراء ، ثم بدأ يقرض الشعر في مختلف موضوعات الحياة وغلب على شعره التأمل .
- سافر نسيب إلى نيويورك عام 1905 وكان عمره لا يتجاوز سبع عشرة سنة ، وكان مملوءاً بالتطلع والطموح فاشتغل في المصانع والمتاجر المختلفة ، وكانت الحياة شاقة ، ولم يخفف عنه آلامها إلا عالم الشعر الذي أحبه .
- في سنة 1912 أسس مطبعة وأصدر منها مجلة "الفنون " التي احتلت مكاناً محترماً في أمريكا والعالم العربي، حيث اهتمت بشؤون الآداب والفنون الرفيعة ، ولكنها احتجبت لظروف الحرب العالمية الأولى سنة 1914 بعد أن صدر منها عشرة أعداد ، ثم عاد ليصدرها مرة أخرى سنة 1916 وظلت تصدر حتى سنة 1918 ، ثم توقفت بسبب الظروف المادية فاشتغل في التجارة مع أبناء عمه ، ولكنه شعر أن آماله قد انهارت فامتلأت كتاباته الشعرية والنثرية بروح الحزن والأسى والوحدة والتشاؤم .
- تزوج نسيب عريضة سنة 1922 السيدة نجيبة شقيقة الشاعرين عبد المسيح الحداد وندرة حداد ولم ينجبا أطفالاً .
- ترك التجارة وتسلم رئاسة تحرير جريدة ( مرآة الغرب ) لصاحبها نجيب دياب ، ثم انتقل إلى جريدة ( الهدى ) لصاحبها نعُّوم مكرزل ، وفي أثناء الحرب العالمية الثانية عُيِّنَ كمحرر في القسم العربي في مكتب الاستعلامات الحربية الأمريكية ، وعمل فيها نحو سنتين ، ثم اعتزل العمل لمرضه حيث عانى من متاعب القلب والكبد ، وعكف على جمع ديوانه ، ولكنه مات والديوان بين يدي المُجَلِّد في بروكلين في 25 آذار 1946م .
مؤلفاته :
- ديوانه الوحيد "الأرواح الحائرة" الذي صدر سنة 1946 ، والذي يحتوي على 95 قصيدة ، منها مطوّلتان إحداهما بعنوان "على طريق إرم " في 236 بيتاً موزعة على ستة أناشيد ، والقصيدة المطولة الأخرى بعنوان " احتضار أبي نواس " ، في 72 بيتاً استوحى فيها احتضار الشاعر العباسي أبي نواس .
- أسرار البلاط الروسي ، رواية مترجمة عن الروسية .
- ديك الجن الحِمْصي (قصة منشورة في مجموعة الرابطة القلمية ) .
- الصمصامة ( قصة منشورة في مجموعة الرابطة القلمية ) .
- وله مقالات وفصول مختلفة نشرها في مجلات وجرائد المهجر .
من قصائده
يا نفسُ
يا نفسُ ، ما لكِ والأنينْ ؟ تتألَّميـنَ وتُؤلِميـنْ !
عذَّبْـتِ قلبـي بالحَنينْ وكَتَمْتِـهِ ما تَقْصُدينْ
قـد نامَ أربابُ الغـرامْ وتَدَثَّـروا لُحَفَ السـلامْ
وأَبَيْـتِ يا نفـسُ المنامْ أفأنتِ وَحْـدَكِ تشعُرينْ
الليلُ مَـرَّ على سِـوَاكْ أَفَمَا دَهَاهُـمْ ما دَهَـاكْ ؟
فَلِمَ التمـرُّدُ والعِـرَاكْ ما سُـورُ جِسْمِي بالمَتِيـن
أَطْلَقْـتِ نَوْحَـكِ للظلامْ إيَّـاكِ يَسمعكِ الأنَـامْ
فَيَظُـنَّ زَفْرَتَكِ النِّيَـامْ بُوقَ النُّشُورِ ليومِ دِيـنْ
يا نَفْسُ مَا لَكِ في اضْطِرَابْ كفريسةٍ بيـنَ الذئـابْ ؟
هَلاَّ رَجَعْتِ إلى الصَّوَابْ وَبَدَلْتِ رَيْبَـكِ باليَقِينْ !
أَحَمَامَـةٌ بينَ الرِّيَـاحْ قد سَاقَهَا القَـدَرُ المُتَاحْ
فَابْتَـلَّ بالمَطَـرِ الجَنَـاحْ يا نَفْسُ مَا لَكِ تَرْجُفِينْ ؟
أَوَمَا لِحُزْنِكِ من بَـرَاحْ حتَّى وَلَوْ أَزِفَ الصَّبَاحْ !
يَا لَيْتَ سَرّكِ لِي مُبَاحْ فأَعِي صَدَى ما قد تَعِينْ !
أَسَبَتْـكِ أرْوَاحُ القَتَـامْ فَأَرَتْكِ من خَلف اللِّثَـامْ
فطَمِعْتِ في ما لا يُرَامْ؟ يَا نَفْسُ , كم ذا تَطْمَحِينْ !
أَصَعِدْتِ في رَكْبِ لنُّزُوعْ حتَّى وَصَلْتِ إلى الرُّبُوعْ
فأَتَاكِ أَمْـرٌ بالرُّجُـوعْ أَعَلَى هُبُوطِكِ تَأْسَفِيـنْ ؟
أَمْ شَاقَكِ الذِّكْرُ القَدِيـمْ ذِكْرُ الحِمَى قَبْلَ السَّدِيـمْ
فَوَقَفْتِ في سِجْنِ الأَدِيـمْ نَحْوَ الحِمَـى تَتَلَفَّتِيـنْ ؟
أَأَضَعْتِ فِكْرَاً في الفَضَاءْ فَتَبَعْتِـهِ فـوقَ الهَـوَاء
فَنَأَى وَغَلْغَلَ في العَـلاَءْ فَرَجَعْتِ ثَكْلَى تَنْدُبِيـنْ ؟
أَسَلَكْتِ في قُطْرِ الخَيَالْ دَرْبَـاً يَقُودُ إلى المُحَالْ
فَحَطَطْتِ رَحْلَكِ عِنْدْ آلْ يَمْتَصُّ رَيَّ الصَّادِرِيـنْ
فَنَسيتِ قَصْـدَكِ والطِّلاَبْ وَوَقَفْتِ يُذْهِلُكِ السَّرَابْ
وَهَرَقْتِ فَضْلاَتِ الوِطَابْ طَمَعَـاً بِمَاءٍ تَأْمُلِيـنْ؟
حتَّى إذا اشْتَـدَّ الأوَامْ وَالآلُ أَسْفَـرَ عَنْ رُكَامْ
غَيَّبْـتِ رَأْسَـكِ كَالنَّعَامْ في رَمْـلِ قَلْبِي تَحْفرِينْ !
أَعَشِقْتِ مثلَكِ في السَّمَاءْ أُخْتَـاً تَحِنُّ إلى اللِّقَاءْ
فَجَلَسْتِ في سِجْنِ الرَّجَاءْ نَحْوَ الأعَالِي تَنْظُرِيـنْ ؟
لَوَّحْـتِ بِاليَـدِ والرِّدَاءْ لِتَرَاكِ , لكنْ لا رَجَـاءْ
لم تَدْرِ أَنَّـكِ في كِسَاءْ قَدْ حِيكَ مِنْ مَاءٍ وَطِيـنْ
أَتَحُـولُ دُونَكُمَا حَيَـاهْ لَوْ كَـانَ يَبْلُوهَـا الإلهْ
لبَكَى عَلَى بَشَـرٍ بَـرَاهْ رَحِمَاً يُصَارِعُهَا الجَنِيـنْ
يَا نَفْسُ ، أنتِ لكِ الخلودْ ومَصِيرُ جسمي لِلُّحُـود
سَيَعِيثُ عَيْثَـكِ فيهِ دُودْ فَدَعِي لَهُ مَا تَنْخَرِيـنْ
يَا نَفْسُ هلْ لَكِ في الفِصَالْ فالجِسْمُ أَعْيَـاهُ الوِصَالْ
حَمَّلْتِـهِ ثِقَـلَ الجِبَـالْ وَرَذَلْتِـهِ لا تَحْفِلِيـنْ
عَطَشٌ وَجُوعٌ وَاشْتِيَـاقْ أَسَفٌ وَحُزْنٌ وَاحْتِـرِاقْ
يَا وَيْحَ عَيْشِي ! هَلْ تُطَاقْ نَزَعَاتُ نَفْسٍ لا تَلِيـنْ !
والقَلْبُ , وَا أَسَفِي عَلَيـهْ ! كَالطِّفْلِ يَبْسُطُ لِي يَدَيـهْ
هَلاَّ مَدَدْتِ يَـدَاً إِلَيـهْ كَالأُمَّهَـاتِ إلى البَنِيـنْ !
غَذَّيْتِـهِ مُـرَّ الفِطَـامْ وَحَرَمْتِـهِ ذَوْقَ الغَـرَام
وَصَنَعْتِ شَيْخَاً مِنْ غُلامْ يَحْبُو إلى بَابِ السِّنِيـنْ
فَغَدَا كَحَفَّـارِ القُبُـورْ يَئِدُ العَوَاطِفَ في الصُّدُورْ
وَيَبِيتُ يَهْتِـفُ بِالثُّبُـورْ يَشْكُو إليكِ , وَتَشْمَتِيـنْ
أَعْمَى تُطَاعِنُـهُ الشُّجُونْ وَجِرَاحُـهُ صَارَتْ عُيُونْ
وَبِهَا يَرَى سُبُلَ المَنُـونْ فَيَسِير سَيْـرَ الظافِرِيـنْ
حتَّى إذا اقْتَـرَبَ المُـرَادْ تُطْلَـى رُؤَاهُ بالسَّـوَادْ
وَيَعُود مَكْفُوفَـاً يُقَـادْ بِرَنِيـنِ عُكَّـازِ الحَنِيـنْ
يَتَلَمَّـسُ النُّـورَ البَعِيـدْ بأنَامِـلِ الفِكْرِ الشَّرِيـدْ
وَيَسِيلُ مِنْ فَمِـهِ النَّشِيدْ سَيْلَ الدِّمَاءِ مِنَ الطَّعِيـنْ
أَرَأَيْتَ بَيْـتَ العَنْكَبُوتْ وَذُبَابَـةً فِيـهِ تَمُـوتْ !
رَقَصَتْ عَلَى نَغَمِ السُّكُوتْ أَلَـمَاً فَلَمْ يُغْنِ الطَّنِيـنْ
فَكَذاكَ في شَـرَكِ الرَّجَاءْ قَلْبِي يَلَـذُّ لَـهُ الغِنَـاءْ
مَا ذَاكَ شَدْوَاً , بَلْ رِثَـاءْ يَبْكِي بِـهِ الأَمَلُ الدَّفِيـنْ
يَا نَفْسُ إنْ حُـمَّ القَضَا وَرَجَعْتِ أنتِ إلى السَّمَا
وعَلَى قَمِيصِكِ مِنْ دِمَـا قَلْبِي فَمَـاذَا تَصْنَعِيـنْ ؟
ضَحَّيْـتِ قَلْبِي للوُصُولْ وَهَرَعْتِ تَبْغِيـنِ المُثُولْ
فَإذَا دُعِيتِ إلى الدُّخُولْ فَبِأَيِّ عَيْـنٍ تَدْخُلِيـنْ !
كِفِّنُوهُ !
كِفِّنُوهُ !
وادْفِنُوهُ !
أَسْكِنُوهُ
هُوَّةَ اللَّحْدِ العَمِيقْ .
وَاذْهَبُوا لاَ تَنْدِبُوهُ ، فَهْوَ شَعْبٌ
مَيِّتٌ لَيْسَ يُفِيقْ .
ذَلَّلُوهُ ،
قَتَّلُوهُ ،
حَمَّلُوهُ
فَوْقَ مَا كَانَ يُطِيقْ .
حَمَلَ الذُّلَّ بِصَبْرٍ مِنْ دُهُورٍ
فَهْوَ فِي الذُّلِّ عَرِيقْ .
هَتْكُ عِرْضٍ ،
نَهْبُ أَرْضٍ ،
شَنْقُ بَعْضٍ
لَمْ تُحَرِّكْ غَضَبَـهْ
فَلِمَاذَا نَذْرِفُ الدَّمْعَ جُزَافَـاً ؟
لَيْسَ تَحْيَا الحَطَبَـةْ !
لاَ ، وَرَبِّي
مَا لِشَعْبِ
دُونَ قَلْبِ
غَيْر مَوتٍ مِنْ هِبَـةْ
فَدَعُوا التَّارِيخَ يَطْوِي سِفْرَ ضُعْفٍ
وَيُصَفِّي كُتُبَـهْ .
وَلْنُتَاجِرْ
فِي المَهَاجِرْ
وَلْنُفَاخِرْ
بِمَزَايَانَا الحِسَانْ
مَا عَلَيْنَا إِنْ قَضَى الشَّعْبُ جَمِيعَاً ،
أَفَلَسْنَا فِي أَمَانْ
رُبَّ ثَارٍ ،
رُبَّ عَارٍ ،
رُبَّ نَارٍ ،
حَرَّكَتْ قَلْبَ الجَبَانْ
كُلُّهَا فِينَا وَلَكِنْ لَمْ تُحَرِّكْ
سَاكِنَاً إلاَّ اللِسَانْ
وَقَفْتُ
وَقَفْتُ وقد ضـاقَ بي سبيـلُ المُنَى الساخِـرةْ
ولم يبـقَ من مَذْهَبـي سوى كَـدَرِ الآخِـرَةْ
وقفتُ وحيـداً ضَلُـولاً ضعيفـاً حليفَ الشَّجَنْ
أُريـدُ الصـلاةَ طويـلاً لِمَنْ ؟ كِدْتُ أنسى لِمَنْ ؟
إلى مَنْ يُصـلِّي فتـى تَعَـوَّدَ غيرَ الصـلاةْ
وأَشْغَـلَ قلبـاً عَتَـا وَضَـلَّ بغيـرِ الإلـه
أيَا مَنْ سنـاهُ اختفى وراءَ حُـدودِ البَشَـرْ
نَسِيتُـكَ يومَ الصَّفَـا فلا تَنْسَنِي في الكَـدَرْ
أيَا غافـراً أَرْحَمَـا يَرَى ذلَّ أمْسِي وَغَـدْ
مَعَـاذَكَ أنْ تَنْقَمَـا وحِلْمُـكَ مِلءُ الأَبَـدْ
مَرَاعِيـكَ خُضْـرُ المُنَى هي المُشْتهى سَيِّـدِي !
وجِسْمِـي دَهَاهُ العَنَـا حَنَانَيْـكَ ، خُـذْ بِيَدِي !التعديل الأخير تم بواسطة أحلام الناي ; 05-17-2009 الساعة 11:30AM
!! أنا القاك صباحا ً ومساء .. في خيالي أنت يا أغلا رجاء !!
!! .. للناي أحلامه.. !!
إضافة رد رد مع اقتباس شكراً
--------------------------------------------------------------------------------
05-05-2009 05:51PM #8 أحلام الناي
الملف الشخصي مشاهدة المشاركات رسالة خاصة إضافة إلى قائمة الإتصال
الحالة: غير متصل
تاريخ التسجيل : 04 - 05 - 2007
الدولة : على تلّة ِ حلم !!
الجنس: شاب
المشاركات : 6,774
شكراً
7
تم شكره 25 مرة في 14 مشاركةمعدل تقييم المستوى : 22
هؤلاء هم رؤوس الأدب المهجري .. ويأتي بعدهم
رشيد أيوب .. عبد المسيح حداد .. ندرة حداد .. وليم كاتسليف .. وديع باموط الياس عبدالله
بعض تأمل .. وسنعود لنكمل هذه الرحلة في هذا الأدب المختلف
والذي في رأي أنه أحدث طفرة أدبية .. وللأمانة الأسماء هنا لم أقرأ عنها ما يكفي ..
وربما هي فرصة بحث جديدة ..
( وطبعا ً الباب مفتوح لجميع الإضافات )
!! أنا القاك صباحا ً ومساء .. في خيالي أنت يا أغلا رجاء !!
!! .. للناي أحلامه.. !!
إضافة رد رد مع اقتباس شكراً
--------------------------------------------------------------------------------
05-05-2009 06:11PM #9 ابتســام
الملف الشخصي مشاهدة المشاركات رسالة خاصة إضافة إلى قائمة الإتصال
الحالة: غير متصل
تاريخ التسجيل : 20 - 02 - 2004
الدولة : شرق عدن ، غرب الله .
الجنس: فتاة
العمر: 22
المشاركات : 12,621
شكراً
19
تم شكره 74 مرة في 37 مشاركةمعدل تقييم المستوى : 28
My SMS:
العمْر يهوِي في أبشَع فصُوله !
الـ نَّاي
أسْمَاء وَشَمَت نفْسَها على عِرْقِ التّارِيخ
فَ لَا زَالوُا يَرْوُون الأدَب بِ أعْمَالِهِم الخَالِدَة
أكثَر مالفَت نَظَرِي الطّلَاسِم لِ إيليا أبو مَاضي
رَائِعَةٌ حَقًّا ،،
ومِين عَارف يمكن تُضِيف إسْمِي هَهُنا مُسْتَقْبَلًا
أضحَك طَبْعًا لا تَقُومُ قِيَامَتِهِم ^_^ ،،
إنْ شَاءَ الله سَ تَكُونُ لِي بَصْمَة هُنَا
عَافَاكَ يَـ بَاذِخ
عبثاً أستردُّ شجاعتي وبأسي
المأساةُ ليست هنا
في السوط أو المكتب أو صفارات الإنذار
إنها هناك
في المهد… في الرَّحم
فأنا قطعاً
ما كنت مربوطاً إلى رحمي بحبل سرّة
بل بحبل مشنقة.
م. الماغوط
إضافة رد رد مع اقتباس شكراً
--------------------------------------------------------------------------------
05-07-2009 04:58AM #10 أحلام الناي
الملف الشخصي مشاهدة المشاركات رسالة خاصة إضافة إلى قائمة الإتصال
الحالة: غير متصل
تاريخ التسجيل : 04 - 05 - 2007
الدولة : على تلّة ِ حلم !!
الجنس: شاب
المشاركات : 6,774
شكراً
7
تم شكره 25 مرة في 14 مشاركةمعدل تقييم المستوى : 22
رشيد أيوب
1288 - 1360 هـ / 1871 - 1941 م رشيد أيوب. شاعر لبناني، اشتهر في (المهجر) الأميركي، ولد في سبكتنا (من قرى لبنان) ورحل سنة 1889 م، إلى باريس، فأقام ثلاث سنوات، وانتقل إلى مانشستر فأقام نحو ذلك، وهو يتعاطى تصدير البضائع، وعاد إلى قريته، فمكث أشهراً. وهاجر إلى نيويورك، فكان من شعراء المهجر المجلين، واستمر إلى أن توفي، ودفن في بروكلن. كان ينعت بالشاعر الشاكي، لكثرة ما في نظمه من شكوى عنت الدهر. له: (الأيوبيات - ط) من نظمه، نشره سنة 1916، و(أغاني الدرويش - ط) نشره سنة 1928، و(هي الدنيا - ط) سنة 1939
من قصائده :
( آن النشور )
آن الـنّــشُــورُ وَجــــاءَت ســاعَـــةُ الأُمَــــمِ
واعـتَـلّــتِ الأرضُ إِذ حَــرُّ الـوَطِـيــس حــمــي
طَـمـى بِـهَـا الـخَـطـبُ حـتــى كــادَ مـحـوَرُهــا
يـزيــح عَــن مَـركَــزِ الـقُـطـبَـيــنِ مــن ألَــمِ
مـكـمـدةُ الـوَجـهِ تـبـكــي مَــن أقـامــوا بـهــا
كـالـقـلـبِ فـي الـجـسـمِ أو كـالـنـورِ فـي الـظـلـمِ
مـصـيـبَــة مَــا دَهَـتـهــا مـنــذ نـشـأتــهــا
حـتــى وَلا نَـكـبَــةُ الـطّـوفَــانِ فـــي الــقِــدَمِ
كُــنّــا ظّـنَــنّــا بـــأنّ الـسَــيــفَ دَولَــتُــهُ
دالَــت وأنّ الـقَـضَـايــا فـــي يَـــدش الـقَــلَــمِ
فَـخَـانَــنــا الأمـــرُ لــمّــا جــاءنَــا نَــبَــأ
أنّ الـقَـضَـايــا بِـغَـيــرِ الـسّـيــفِ لــم تُـــرَمِ
كـانَــت أوربّــا قُـبَـيــلَ الـيــومِ نـحـسَـبُــهــا
أمُّ الــتّــمــدّنِ نُــــورَ الــنـــاسِ كُــلّــهــمِ
فـيـهــا الـمُـلــوكُ الألـــى مَـــدّوا أكُـفّــهــمُ
نـحــوَ الـسّــلامِ لِـرَفــعِ الـضّــيــمِ والـنّــقــمِ
حَــتّــى إِذا مَـحّـصَـتــهُــم نـــارُ تَـجــرِبَــةٍ
خـانــوا الـعُـهــودَ وداســوا حُـرمَــةَ الـقَــسَــمِ
قـامَـت قِـيَـامـتـهــم مــن غـيــرِ مــا سَـبَــبٍ
حـتــى كَــأنّ بِـهِــم ضـربــاً مـــن الـلَّــمَــمِ
حُـلّــت مَـوَاثـيـقـهــم جـاشَــت ضَـغـائِـنُـهــم
عـافــوا الإخـــاءَ وفّــكّــوا عُــقــدَةَ الــرّحِــمِ
واسـتَـنــكُــروا الله حــتــى بــــاتَ دأبُــهُـــمُ
حَـشــدَ الـجُـيــوشِ ودَفــعَ الـنــاسِ لـلــضــرَمِ
أعـطــوا الـعَـلامَــةَ لـلـمـرَيــخِ عــن بَــشَــرٍ
مــن بـحــرِ حــربٍ بِـنَــارِ الـمــوتِ مــضــط
مِـن كُــلّ مــاشٍ صَـلِـيــلُ الـسـيــفِ يـطـربُــهُ
أو فــارِسٍ عِــنــدَه الـتّـصــهــالُ كـالـنّــغَــمِ
لاحَــت بَـيـارِقُــهُــم فـــي كـــلّ مُـعــتَــرَكٍ
فـي الـبـرِّ فـي الـبـحـرِ فـي الأوداءِ فــي الـقـمَــمِ
مُـسـتَـنـشِـقـيـنــض مــن الـبــارُودِ رَائِــحَــةً
كَـأنّــهــا مـــن أريـــجِ الــرّنــد والــخـــزَمِ
طــارُوا لـخــوضِ الـمَـنـايــا فــي مَـرَاكِـبِـهــم
وإن تـخُـنــهُــم لَــطــارُوا فـــي قُـلـوبِــهــمِ
فَـلَـيـلُـهُـم مـن شـعــاع الـبـيــض صُـبـحُـهــمُ
وصـبـحُـهُــم مــن دُخــانِ الـحَــربِ كـالـقَـتَــمِ
كَــم نـاشــرٍ عَـلَـمــاً فــي طَـيّــهِ كـمــنَــت
لـــهُ الـمَـنِــيّــةُ وهـــوَ نــاشــرُ الـعَــلًَــمِ
باللهِ يــا قَـبــرَ نـابـولــيــون هَـــل فَـلِــقَــت
عـظـامُــه فـانـبــرَت فــي مـجـدهــا الــهَــرِمِ
وقــامَ فَــوقَ صـفــوفِ الـجَــيــشِ تـرقُـبُــهــا
نَـفــسٌ لــهُ لِـسِــوَى الـعـلـيــاءِ لـــم تَــقــمِ
حـتــى كَــأنّ فــتــى الـهَـيــجــاءِ أودَعَــهــا
صُــدورَهُــم فَـتَـمَــشّــت فـــي نُـفُـوسِــهِــم
لــلــهِ حَـــرَبٌ بــهــا الأبــطــالُ عـاكِــفَــةٌ
مِــن كــلّ مُـقـتَـحِــمٍ لـلــمَــوتِ مُـبـتــسِــمِ
حَـــربٌ أضـــاعَ ذوُو الألــبَـــابِ فَـهــمــهُــمُ
فـيـهـا وكــلّ بـصـيــرٍ مــن لـظـاهــا عَـمِــي
حَــربٌ تـفـتّــحُ أبـــواب الـجَـحــيــمِ بِــهَــا
وَيَـفـخــرُ الـدّهــرُ فــي أحــداثِــهِ الـحــطــمِ
تَــصُــبّ نـــاراً عَــلــى الأبــطَــالِ آكِــلَــةً
مِـــنَ الـمــدافِــعِ والـمِـنــطَــادِ كَــالــديــمِ
أثــارَهَــا سَــيّــدُ الألــمَــان عَـــن طَــمَـــعٍ
وســوفَ لا يـجـتَـنــي مـنـهــا سِــوَى الــنّــدمِ
تـلــكَ الـحـقــولُ الـتــي كـانَــت تـقـيـتـهُــمُ
قَــد أصـبَـحَــت تَـغـتَــذي غـربـانـهــا بــهــمِ
ظـمــآنَــةٌ لا يُـــرَوّي الـغَــيــثُ تُـربـتَــهَــا
وفــوقــهــا جُــثَـــثُ الأشــــلاءِ كَــالأكَـــمِ
يَـبـكــي الـتـمَــدّنُ أزمـانــاُ بِـهــا خَـفَــقَــت
رَايــاتُـــهُ بِــسَـــلامٍ فــــي رُبُــوعِــهِـــم
تـلــك الـرّبــوع الـتــي شــادوا بِـسـاحَـتِــهَــا
مـعـاهِــدَ الـعِـلــمِ أمـسَــت وهــيَ كـالــرّجَــمِ
هُــنَــاكَ حُــرّيّــةٌ مــقــروحَــةٌ لَــطَــمَــت
وَجـهــاً يَـعِـيــثُ بِــه جـيــشٌ مــن الـسـقــمِ
يـــا حـاكــمــيــنَ عِــبَـــادَ اللهِ ويــحَــكُــمُ
أيــــن الــعَــدالــة والإيــفَـــاء لــلــذّمَــمِ
مَـــاذا يــحــلّ بِــكُــم لــمّــا نُـفُـوســهــمُ
تـشـكــو إِلــى بـاعــث الأمــوَاتِ مـــن رَمَـــمِ
كَــم والـــدٍ قـلــبُــه قـــد ذابَ مـــن أســـفٍ
عَــلـــى بَــنِــيــهِ وأمٍّ دَمــعُــهَــا كَـــــدَمِ
تَـرنُــو ِإلـــى قُــبّــةِ الأفـــلاك مـجـهِــشَــةً
وتَـسـتَـغِـيــثُ بـبــاري الـخـلــقِ مِــن عَـــدَمِ
وغـــادةٍ كُـلَّــمــا جـــنَّ الــظَّــلامُ هَــــوَت
عـلــى فِــراشٍ تـقـاســي مـحــنــةَ الـحُــلُــمِ
طَـوراً تـرَى حـبّـهــا فــي الـحــرب مـنـهَـزمــاً
وَتـــارَةً تَـلـتَـقِـيــهــش غــيــر مُــنــهَــزِمِ
يـبــدو لـهــا وجــهــه فـــي زيِّ مُـبـتَــهِــجٍ
أو شــاحِــبٍ بــوشــاحِ الــمَــوتِ مُـلــتَــثِــمِ
إن كــان مــا قــد جَـنَــاهُ الـعـلــمُ مَـهـلَــكَــةً
لـلـنّــاس يــا لَــيــتَ دامَ الـجــهــلُ لِــلأُمَــمِ
أو كــان لا بُــدّ فــي الـحـالَـيــنِ مـــن كَـــدَرٍ
لـلـنّـاس يــا لَـيــتَ هــذا الـعـيــش لــم يَــدُمِ
( جلست عند الروض )
جلستُ في الروض وحدي عند ساقيةٍ يُرَدّدُ المـاءُ فيهـا صـوتَ ألحانـي
والرّيحُ تخفقُ مِـن حولـي مهينمـة كما يُهَينـمُ قلبـي الخافـقُ العانـي
وعن يمينيَ فوقَ الغُصـنِ صائحَـةٌ مخضوبةُ الكفّ لونَ الأحمَرِ القانـي
طَـوراً تُغَـرّدُ تَغريـدي وآونَــةًُ تنوحُ نَوحي إذا ما الشـوقُ أبكانـي
والزّهرُ فاحَ شذاها في الفضاء كمـا يفوحُ شِعريَ من روحي ووجدانـي
فقلتُ لمّا رأيتُ الـرّوضَ مملكتـي وأنّنـي بيـنَ أنصـاري وأعوانـي
يا لَيتَ محبُوبتي في الرّوضِ حاضرةٌ كَيما ترانيَ فـي عِـزّي وسُلطانـي
( أفيقي كفاك مناما ً )
أفيقـي كفـاكِ مَنـام بدا الفَجرُ كم تهجعيـن
وقامت لِتنعى الظـلام طيـورٌ ألا تَسمَعـيـن
فقُومي نجـدّ المَسيـر إلى الحَقلِ قبل الضّحى
ونشدو بشاطي الغدير فها جوّنا قـد صَحـا
وهَيّا اسمعي فالرّعـاة وقطعانهم في الجبـال
ألا ما أُحَيلـى الحيـاة بأرضِ البَها والجَمَـال
حبيبَـةَ قَلبـي أتــى زمانُ الجنى والحصاد
أفيقـي فَحَتّـى متـى لقد طالَ هـذا الرّقـاد
وهبّي فصافي النّسيـم بصنّيـنَ قَـد هَينَـمـا
لِنمشي معـاً فالنّعيـم بِلُبنَـانـنـا أيـنَـمَـا
بدا الفجرُ حانَ اللحاق فقُومي لننفي الهمـوم
أفيقـي فـإنّ الرّفـاق مشوا قبلنَـا للكُـروم
تَجَلّى لنفسـي السّفـر فقلتُ لها بعـد حيـن
فسيقت بمـوجِ القـدر وضاعت ببحرِ السّنينالتعديل الأخير تم بواسطة أحلام الناي ; 05-17-2009 الساعة 11:29AM
!! أنا القاك صباحا ً ومساء .. في خيالي أنت يا أغلا رجاء !!
!! .. للناي أحلامه.. !!
إضافة رد رد مع اقتباس شكراً
--------------------------------------------------------------------------------
+ الرد على الموضوع
صفحة 1 من 2
1
2
الأخيرة
إذهب إلى الصفحة: الإنتقال السريع شرفات الأدب الأعلى
أقسام المنتدىلوحة التحكمالرسائل الخاصةالاشتراكاتالمتواجدون الآنالبحث في المنتدىالصفحة الرئيسية للمنتدىالمنتدياتأسطورة العظماء أسطورة العظماءمولد البرنس الثامنمكتبة البرنس شرفات الكتابشرفات الأدبواحة مضيئةالمنتديات العامة تهاليل الـ هلا .. بأعازيف الـ غلانفحات إيمانية ، روحانية أناشيدمسابقات روحانيةإبحار قلم ، عبر حرف و مقالطلابنا وطالباتنا (ـ English language forum ـ)امتزاج أرواح آل البرنسقلب الحدثسياحتناالمنتديات الأدبية إيقاع رذاذ المطروزن وقافية مائدة القافية بـ ألق الإنتقاءجدائل المطرثرثرة الأرواحقوافل الحكايةالمنتديات الإجتماعية مملكة الحب الأبديةوطن لكل أنثى البرنس مولفنجان قهوةالمنتديات الترفيهية وناسة في وناسةعدسة التصوير الضوئي صيد الكاميراعدسة الفيديوأهل الفنصدى الملاعبالمنتديات التقنية تقنية الأجيال الألعاب الإلكترونيةماسنجريريشة مبدع دروسهمملحقاتهمموبايلي بلاك بيري و آي فون - Blackberry & iPhoneقنوات أقمارناسيارتيالمنتديات الإدارية نقطة تواصلقسم تحميل الملفاتخفايا القلوب رسالة إدارية. إلغاء التغييرات
الأخطاءحدثت الأخطاء التالية عند الإرسال.نجحت
(( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ))
ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س
ش ص ض ط ظ ع غ ف ق ك ل م
ن ه و ي ة أ إ آ ء ؤ ئ ى
الخطوط ArialArial BlackArial NarrowBook AntiquaCentury GothicComic Sans MSCourier NewDecoType Naskh VariantsDecoType ThuluthDiwani LetterFixedsysFranklin Gothic MediumGaramondGeorgiaImpactLucida ConsoleLucida Sans UnicodeMicrosoft Sans SerifMS Sans SerifMonotype KoufiMudir MTPalatino LinotypeSimplified ArabicSystemTahomaTimes New RomanTraditional ArabicTrebuchet MSVerdana الأحجام 1234567
.
. اضافة الرد السريع إلى المشاركة قيد التنفيذ - يرجى الإنتظار...
.« مزرعة الحيوان ...جورج أورويل
مدن الملح ....رائعة عبدالرحمن منيف » معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (1 من الأعضاء و 0 زائر)
مطهرالديلمي,
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
إضافة/ تعديل الكلمات الدلالية
لا يوجد
عرض سحابة الكلمة الدلالية
مواقع النشر (المفضلة)
مواقع النشر (المفضلة)
Digg del.icio.us StumbleUpon Google . ضوابط المشاركة
تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك
أكواد المنتدى متاحة
الابتسامات متاحة
كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة
قوانين المنتدى
. -- 8White -- 8years -- Flowers_albrens -- SimpleBlack V4 -- albrens 4.0.0 -- Arabic -- English الاتصال بناشبكة البرنسالأرشيفPrivacy Policy الأعلى
.الساعة الآن 01:04PM
Powered by vBulletin™ Version 4.0.8
Copyright © 2010 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.5.2
تصميم واستضافة: فنتاستك للإستضافة والتصميم
المواضيع و المشاركات المنشورة تمثل وجهة نظر كاتبها وليست بالضرورة أن تمثل الرأي الرسمي لإدارة منتديات البرنس
مطهرالديلميالتنبيهات
لا توجد رسائل جديدة
صندوق الوارد
ملفي الشخصيلوحة التحكمتسجيل الخروج
--------------------------------------------------------------------------------
.
المنتدى
المشاركات الجديدةالرسائل الخاصةالتعليمـــاتالتقويمالمجموعات
المجموعاتألبوماتيالاتصالات والأصدقاءقائمة الأعضاءتطبيقات عامة
اجعل كافة الأقسام مقروءة الخيارات العامة تعديل بياناتي خيارات سريعة
مواضيع مشترك بهافتح نافذة جهات الإتصالمشاهدة طاقم الإدارة .الأوسمةما الجديد؟مركز التحميلمركز رفع الملفات. البحث المتقدمالمنتدىمكتبة البرنسشرفات الأدبالأدب المهجري.
--------------------------------------------------------------------------------
لطلب الإعلان: اضغط هنا
لطلب الإعلان: اضغط هنا
مطهرالديلمي يمكنك تصفح المنتدى والمشاركة فيه على جوالك بإستخدام برنامج Tapatalk
آخـــر الــمــواضــيــع
ختم جديد رآيكم ياحلوات
المخدرات تجبر باريس هيلتون علي تنظيف الشوارع
منع رولا سعد من الغناء في مصر بقرار من النقابه
السيرة الذاتيه للفنان حسن الجسمي
الرُوحْ / ابن القَيِمْ ( نَادي القراءَة 2 )
رئيس الاتحاد الألماني يترشح لتنفيذية الفيفا
:: [ نشيد وفلاش : عائشة الطهر
أبيات : نبض السوسن
أداء وألحان : أبو يـزن ] ::
طفله تطلب من شاب ان يعلمها كلمه.....قصه مؤثره
شاركونا أرغفة التجارب
كتالوج اشجان فاشن روووعة نصيحه لايفوتكم
+ الرد على الموضوع
صفحة 1 من 2
1
2
الأخيرة
إذهب إلى الصفحة: النتائج 1 إلى 10 من 14 الموضوع: الأدب المهجري LinkBack LinkBack URL About LinkBacks Bookmark & ShareDigg this Thread!Add Thread to del.icio.usBookmark in TechnoratiTweet this Thread!أدوات الموضوعمشاهدة صفحة طباعة الموضوعأرسل هذا الموضوع إلى صديق…الإشترك في هذا الموضوع… بحث في الموضوع البحث المتقدم
05-05-2009 05:18PM #1 أحلام الناي
الملف الشخصي مشاهدة المشاركات رسالة خاصة إضافة إلى قائمة الإتصال
الحالة: غير متصل
تاريخ التسجيل : 04 - 05 - 2007
الدولة : على تلّة ِ حلم !!
الجنس: شاب
المشاركات : 6,774
شكراً
7
تم شكره 25 مرة في 14 مشاركةمعدل تقييم المستوى : 22
الأدب المهجري
في فترة من الفترات .. كان هذا الأدب يسرق فكري ويشغل بالي
وبالذات عند الطرفين جبران خليل جبران و إيليا أبوماضي
فالشعر ينصب منهم كالنهر العذب بعيدا ً عن الشوائب كأغنية من شلال طهر
هكذا كانت رحلتي معهم .. وهكذا الآن أقف محتارا ً .. من أي رحيق البحوث أختار
التقديم لهذا البحث ...
ألآتي بقلم موسى الكايد ..
بدايـة الطـريق :
يقول الكثير من المؤرخين إن الولادة الحقيقية لشعــر المهجــر تعود الى أواخر القرن التاسع عشر حيث تعتبر الأندلس .. " أسبانيا حالياً " الحاضنة الحقيقية للجماعات القادمة من البلاد العربية كلبنان وسوريا بعضها هرباً من ظلم الأتراك وبعضها بحثاً عن الرزق وبين الجماعات المهاجرة كانت هناك طائفة من الشبان ترفرف بين جوانحهم قلوب تملؤها الحرية وفي رؤوسهم آفاق رحاب من الفكر النير والخيال الخصب أولئك كانوا من الرعيل المثقف الواعي الذي عز عليه أن يعيش أسيراً للظلم والعوز فانطلقوا باحثين عن الحرية والاكتفاء .
فئات شعـر المهجـر :
ينقسم معشر شعراء المهجر الى فئتين :
الأولى المهجر الشمالي أي " الولايات المتحدة الأميركية " أمريكا الشمالية أما . .
الفئة الثانية فكانت في أمريكا الجـنوبية والمعروف أن الشمال أغنى من الجنوب الفقير الذي يدخل في صلبه شعراؤنا المتواجدون في البرازيل وبلدان أمريكا الجنوبية فلكل من هاتين الفئتين خصائص ومميزات منها الأصيل ومنها المكتسب والتي تتفق تارة مع خصائص الأخرى ومميزاتها وقد تختلف أحياناً أخرى فقد ظهرت الفئتان في وقت واحد وفترة متقاربة جداً تبدأ منذ أوائل القرن العشرين تحديداً مع بداية الحرب العالمية الأولى 1914م- 1918م حيث أسهمت كلتا " الفئتين" في تكوين في تكوين ما عرف بالمدرسة المهجرية الأدبية التي تركت كل منها أثرها على الأخرى .
إن فئة المهجر الشمالي على قلة عددهم كانت أبعد أثراً من فئة الجنوب وعلى الرغم من أن الذين ظهروا في الحقل الأدبي هم مهاجرو الجـنوب الذين ذاع صيتهم وأعمالهم في العالم العربي إلاّ أنهم كانوا لا يتجاوزن عدد الأصابع حتى فئة الشمال فقد تفوق منهم قلة ومن ذاع صيتهم أيضاً قلة إلاّ أنهم أيضاً اثروا الأدب العربي بالعناصر والأوزان الجديدة التي تجلت مع منتصف الخمسينات من القرن الماضي .
رواد شعـر المهجـر :
هناك العديد ممن يشار إليهم بالبنان على أنهم أصحاب الفضل في إنارة الأدب العربي منهم الشعراء : جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة إيليا أبو ماضي ونسيب عريضة ورشيد أيوب وعبدالمسيح حداد وندرة حداد ووليم كاتسفليس والريحاني وأمين مشرق ومسعود سماحة ونعمة الحاج . .
فالثمانية المتواجدون في السطور الأولى هم من أعضاء " الرابطة القلمية " التي أنشئت في نيويورك عام 1920م برئاسة جبران خليل جبران وسكرتيره ميخائيل نعيمة فأعضاء الرابطة القلمية سرعان ما انتشرت أعمالهم في المهجر والوطن وأقبل المثقفون في العالمين القديم والجديد " العربي والأمريكي " على إشباع ذروة عطشهم من القصة والنثر والشعر لما رأوا فيه من حيوية وأساليب غاية في الجمال .
استطاع أدباء المهجـر الشـمالي أن يبدعوا في أكثر من ميدان عنوانه الأدب حيث أغرموا بالأدب العربي وجعلوه مملوءاً بأساليب فنية وشقوا طرقاً وفنوناً جديدة حتى لتعد مؤلفات بعضهم أحداثاً لها قيمتها الكبرى في حياة النهضة الأدبية في الشرق العربي .
فمن أبرز الأعمال التي ما زالت حية حتى يومنا هذا قصيدة . .
المواكب " لجبران " . .
و" الجداول " و " الخمائل " لإيليا أبو ماضي مع عدد من قصائد الجزء الثاني من ديوانه . .
و " الأرواح الحائرة " لنسيب عريضة . .
و" همس الجفون " لميخائيل نعيمة . .
النسـوة في أدب المهجـر :
نظر الأدب المهجري إلى المرأة على أنها عنصر روائي مهم وشعري لا يشق له غبار وقصصي انحنت له الأقلام فهناك مجموعة من النساء اللواتي أسهمت لكن ليس بمستوى جبران ونعيمة والآخرين فمن أديبات المهجر اللواتي حظين بالشهرة عبر صحافة المهجر السيدة سلمى صائغ مؤلفة كتاب "ذكريات وصور" وأيضاً السيدة ماري عطا الله و مريانا دعبول فاخوري رئيسة تحرير مجلة " المراحل" والتي تصور في مدينة سان باولو وأنجال عون شليطا الاديبة والفنانة التي كانت تحب النثر والكتابة وتسهم في الخدمة الاجتماعية أيضاً سلوى أطلس رئيسة تحرير مجلة "الكرامة" التي عاشت أكثر من ربع قرن حيث ولدت سلوى في حمص بسوريا وهاجرت إلى البرازيل عام 1913م حيث توفيت هناك.
خصائص ومميزات أدب المهجـر :
ما يميز أدب المهجـر عن باقي دواوين الأدب العـربـي :
الوفرة الكبيرة في العناصر القوية حيث كان الأدب العربي قبلها في عصر الانحطاط لا يزال يزحف كالسلحفاة ينوء بما يجرجره من ركام الألفاظ والأساليب القديمة البالية التي تكبله وتثقله فتعوق مسيرته وتقيد حركته.
من هنا نستطيع القول إن ما تميزت به مـدرسـة المهجــر الأدبـية تسع مـزايـا هي :
- التحرر التام من قـيود القديم .
- الأسـلوب الفني والطابع الشخصي المتميز.
- والسبع البقية : هي جوهر العمل الأدبي .
- الحنين الى الوطن .
- التأمل.
- النزعة الإنسانية .
- عمق الشعور بالطبيعة .
- براعة الوصف والتصوير .
- الغنائية الرقيقة في الشعر .
- الحرية الدينية .
!! أنا القاك صباحا ً ومساء .. في خيالي أنت يا أغلا رجاء !!
!! .. للناي أحلامه.. !!
إضافة رد رد مع اقتباس شكراً
--------------------------------------------------------------------------------
05-05-2009 05:23PM #2 أحلام الناي
الملف الشخصي مشاهدة المشاركات رسالة خاصة إضافة إلى قائمة الإتصال
الحالة: غير متصل
تاريخ التسجيل : 04 - 05 - 2007
الدولة : على تلّة ِ حلم !!
الجنس: شاب
المشاركات : 6,774
شكراً
7
تم شكره 25 مرة في 14 مشاركةمعدل تقييم المستوى : 22
جبران خليل جبران
القادم مأخوذ من القصة السورية ...
واجه جبران خليل جبران (1883 - 1931) عصره; فتعارفا وكان صراع .. سافر شاعرًا في أبعاد العصر ليبلور الحكمة الكامنة, علّه يدفع بالإنسان نحو ذاته الفضلى.
من (بشرِّي) لبنان (1883 - 1895), حيث ولد وحيث تفتح وجدانه وخياله, انتقل إلى (بوسطن) (1895 - 1898) التي كانت تشهد -آنذاك- نهضة فكرية, وعاد إلى (بيروت) (1898 - 1902) ليعيش نكبات شرقه وتخلّفه, بينما كان يستزيد من تعلم العربية في بلاده. ثم إلى (بوسطن) ثانية (1902 - 1908), ليعيش تجربة الموت الذي حصد أسرته (1902 - 1904), ثم إلى (باريس) (1908 - 1910) ليسبر عمق التحول الثقافي والفني الذي كانت تشهده, وبعدها (نيويورك) (1911 - 1913), حيث يدرك معنى المدينة الحديثة في أوسع مفاهيمها.
ووسط (العالم الجديد), يناديه التاريخ في الحواضر العريقة فيسيح في مصر وفلسطين وسورية (1903), وتجذبه روما ولندن; فيقرأ فيهما نموّ الوعي الخلاّق في رحم التاريخ.
وتقدم الحرب العالمية الأولى لجبران أغزر وأغنى مادة للتأمل الجذري في طبيعة القوة وماهية الضعف في النفس البشرية. وينتهي إلى اكتشاف مكنون إنساني أعمق وأبعد من ظواهر القوة والضعف, هو قدرة الإنسان الروحية اللامتناهية, التي رأى التوصل إليها ممكنًا عبر الحوار الباطني مع النفس ومع الإنسانية.
كان ذلك الحوار هو طريق جبران إلى التجربة الصوفية, وكان -أيضًا- مصدر تحوّله من الرومنسي إلى رافض الحَرْفية والأنظمة الفكرية والفلسفية, ليركن إلى شاعرية الحكمة.
منذ أوّل مقال نشره بعنوان (رؤيا), وأول معرض للوحاته (1904) حتى اليوم, تتشاسع مدارات انتشار نتاج جبران; فيزداد -باضطراد- عدد ترجمات مؤلفه (النبي) ليتجاوز الثماني والعشرين لغة. وتقف العواصم الحضارية بإجلال أمام أعماله التشكيلية التي يقتنيها عدد من أهم متاحف العالم.
ويتكثف حضور جبران: الشاعر, والحكيم و(خلاّق الصور) كما كان يسمي نفسه. ويتفرّد نتاجه بمخيلة نادرة, وبإحساس خلاق مرهف, وبتركيب بسيط. وبهذه الخصائص, تبلور في لغته العربية -كما في الإنكليزية- فجر ما سيُدعى - فيما بعد- (القصيدة النثرية) أو (الشعر الحديث).
ويمكن تبيّن أربع مراحل في إنتاج جبران:
الرومنسية: كما تنعكس في كتيب (نبذة في الموسيقى) (1906), وأقصوصات (عرائس المروج) (1906), و(الأرواح المتمردة) (1908), و(الأجنحة المتكسرة) (1912), ومقالات (دمعة وابتسامة) (1914), والمطوّلة الشعرية (المواكب) (1919).
الثورية الرافضة: تتصعّد الرومنسية لتنتهي إلى اكتشاف أن القوة الإنسانية تكمن في الروح الخاص والعام, كما في مقالات وأقصوصات وقصائد (العواصف) (1920), و(البدائع والطرائف) (1923), وفي كتابه بالإنكليزية (آلهة الأرض) (1931).
الحِكَمية: تعتمد المثل أسلوبًا, كما في ثلاثيته إنكليزية اللغة: (المجنون) (1918), (السابق) (1920), و(التائه) (1923).
التعليمية: وفيها يختصر جبران خلاصات تجاربه وتأمله الحياة, والإنسان, والكون والعلاقات المتسامية. وهي المرحلة التي تُعَدّ ذروة نضجه الذي يتبدّى في ثلاثية أخرى باللغة الإنكليزية: (النبي) (1923), (يسوع ابن الإنسان) (1928), و(حديقة النبي) (1933).
ويكاد هذا النتاج / الموقف أن يكون علامة فارقة في تراث تباينت حوله الآراء, لكن كان هناك دائمًا إجماع على شموليته الإنسانية التي تروحن الغرب بحكمتها الصوفية, وتُخرج الشرق من المطلقات المسبقة إلى التجربة الشخصية الحية باتجاه المطلق.
بدايات في حياته
قليلون جدا من لم يسمعوا بـ "جبران" حول العالم، والأقل منهم من لم يسمعوا بكتاب "النبي". وهذا الكتاب يختصر بالفعل فلسفة جبران ونظرته إلى الكون والحياة. وقد ترجم إلى لغات العالم الحية كلها، وكانت آخرها اللغة الصينية ( هذا العام)، وقد حققت مبيعاته أرقاما قياسية بالنسبة إلى سواه من الكتب المترجمة إلى تلك اللغة.
صحيح أن معظم كتب جبران وضعت بالإنكليزية، وهذا ما ساعد كثيرا على انتشارها، ولكن جبران كتب ورسم و "فلسف" الأمور بروح مشرقية أصيلة لا غبار عليها، سوى غبار المزج بين ثقافات متعددة وعجنها ثم رقها وخبزها على نار الطموح إلى مجتمع أفضل وحياة أرقى وعلاقات بين البشر تسودها السعادة المطلقة التي لم يتمتع بها جبران نفسه. وكأن قدر كل عظماء العالم من فلاسفة ومفكرين ان يعانوا الآلام النفسية والجسدية في سبيل بلوغ الغاية القصوى واكتشاف أسرار الحياة والمعرفة.
ولد هذا الفيلسوف والأديب والشاعر والرسام من أسرة صغيرة فقيرة في بلدة بشري في 6 كانون الثاني 1883. كان والده خليل جبران الزوج الثالث لوالدته كاملة رحمة التي كان لها ابن اسمه بطرس من زواج سابق ثم أنجبت جبران وشقيقتيه مريانا وسلطانة .
كان والده، خليل سعد جبران، الذي ينحدر من أسرة سورية الأصل، يعمل راعياً للماشية ويمضي أوقاته في الشرب ولعب الورق. "كان صاحب مزاج متغطرس، ولم يكن شخصاً محباً"، كما يتذكر جبران، الذي عانى من إغاظته وعدم تفهمه. وكانت والدته "كاملة رحمة"، من عائلة محترمة وذات خلفية دينية، واستطاعت ان تعتني بها ماديا ومعنويا وعاطفيا.. وكانت قد تزوجت بخليل بعد وفاة زوجها الأول وإبطال زواجها الثاني. كانت شديدة السمرة، ورقيقة، وصاحبة صوت جميل ورثته عن أبيها.
لم يذهب جبران إلى المدرسة لأن والده لم يعط لهذا الأمر أهمية ولذلك كان يذهب من حين إلى آخر إلى كاهن البلدة الذي سرعان ما أدرك جديته وذكاءه فانفق الساعات في تعليمه الأبجدية والقراءة والكتابة مما فتح أمامه مجال المطالعة والتعرف إلى التاريخ والعلوم والآداب.
وبفضل أمه، تعلم الصغير جبران العربية، وتدرب على الرسم والموسيقى. ولما لاحظت ميل الرسم لديه،زودته بألبوم صور لـ "ليوناردو دفنشي"، الذي بقي معجباً به بصمت. بعد وقت طويل، كتب يقول: "لم أر قط عملاً لليوناردو دفنشي إلاّ وانتاب أعماقي شعور بأن جزءاً من روحه تتسلل إلى روحي...".
تركت أمه بصمات عميقة في شخصيته، ولم يفته أن يشيد بها في "الأجنحة المتكسرة": "إن أعذب ما تحدثه الشفاه البشرية هو لفظة "الأم"، وأجمل مناداة هي "يا أمي". كلمة صغيرة كبيرة مملوءة بالأمل والحب والانعطاف وكل ما في القلب البشري من الرقة والحلاوة والعذوبة. الأم هي كل شيء في هذه الحياة، هي التعزية في الحزن، والرجاء في اليأس، والقوة في الضعف، هي ينبوع الحنو والرأفة والشفقة والغفران، فالذي يفقد أمه يفقد صدراً يسند إليه رأسه ويداً تباركه وعيناً تحرسه...".
سنواته الأولى أمضاها جبران لا مبالياً، رغم الشجارات بين والديه والسقوط من فوق ذلك المنحدر الذي ترك فيه التواء في الكتف. تتلمذ في العربية والسريانية على يد الأب "جرمانوس". وعلمه الأب "سمعان" القراءة والكتابة في مدرسة بشري الابتدائية. ويروي صديقه الكاتب "ميخائيل نعيمة" أن الصغير جبران كان يستخدم قطعة فحم ليخط بها رسومه الأولى على الجدران. ويحكى أنه طمر يوماً، وكان عمره أربع سنوات، ورقة في التراب وانتظر أن تنبت.
في العاشرة من عمره وقع جبران عن إحدى صخور وادي قاديشا وأصيب بكسر في كتفه اليسرى ، عانى منه طوال حياته.
لم يكف العائلة ما كانت تعانيه من فقر وعدم مبالاة من الوالد، حتى جاء الجنود العثمانيون عام (1891) والقوا القبض عليه أودعوه السجن بسبب لسوء إدارته الضرائب التي كان يجيبها. أدين، وجرد من كل ثرواته وباعوا منزلهم الوحيد، فاضطرت العائلة إلى النزول عند بعض الأقرباء ولكن الوالدة قررت ان الحل الوحيد لمشاكل العائلة هو الهجرة إلى الولايات المتحدة سعيا وراء حياة أفضل !!
هجرة العائلة إلى أمريكا
أربك دخول خليل والدة جبران تماماً. كيف ستطعم أولادها الأربعة ولا تملك أي شيء. فكرت بالهجرة. ولكن، أين ستجد نفقات السفر.. باعت ما تبقى لها من تركة والدها. والتمست تدخل أحد الأساقفة للحصول على إذن السفر من السلطات الأمريكية. ورحلت الأسرة بحراً عام 1895 إلى العالم الجديد، إلى بوسطن.
عام 1894 خرج خليل جبران من السجن، وكان محتارا في شأن الهجرة، ولكن الوالدة كانت قد حزمت أمرها، فسافرت العائلة تاركة الوالد وراءها.
حطت الأسرة الرحال في "إليس إيسلاند"، نيويورك، في 17 حزيران 1895. ووصلوا إلى نيويورك بالتحديد في 25 حزيران 1895 ومنها انتقلوا إلى مدينة بوسطن حيث كانت تسكن اكبر جالية لبنانية في الولايات المتحدة.بعد ذلك بوقت قصير وهي المدينة التي ترتبط بها قضايا التاريخ الأمريكي الكبيرة: الثورة، والاستقلال، وإلغاء العبودية، وتحرير النساء... . ونزلت العائلة في بوسطن في ضيافة أقارب كانوا قد جاءوا من بشري قبل سنوات قليلة وبذلك لم تشعر الوالدة بالغربة، بل كانت تتكلم اللغة العربية مع جيرانها، وتقاسمهم عاداتهم اللبنانية التي احتفظوا بها.
اهتمت الجمعيات الخيرية بإدخال جبران إلى المدرسة، في حين قضت التقاليد بأن تبقى شقيقتاه في المنزل، في حين بدأت الوالدة تعمل كبائعة متجولة في شوارع بوسطن على غرار الكثيرين من أبناء الجالية. وقد حصل خطأ في تسجيل اسم جبران في المدرسة وأعطي اسم والده، وبذلك عرف في الولايات المتحدة باسم "خليل جبران". وقد حاول جبران عدة مرات تصحيح هذا الخطأ فيما بعد إلا انه فشل.
بدأت أحوال العائلة تتحسن ماديا حيث راح الأخ البكر غير الشقيق بطرس يبحث عن عمل. ووجده في محل للمنسوجات. وكان على الأم كاملة أن تحمل على ظهرها بالة صغيرة من الشراشف والأغطية والحريريات السورية وتنتقل بها من بيت إلى بيت لبيعها. ثم عملت في الخياطة، بمساعدة ابنتيها سلطانة وماريانا، وعندما جمعت الأم مبلغا كافيا من المال أعطته لابنها بطرس الذي يكبر جبران بست سنوات وفتحت العائلة محلا تجاريا.
وكان معلمو جبران في ذلك الوقت يكتشفون مواهبه الأصيلة في الرسم ويعجبون بها إلى حد ان مدير المدرسة استدعى الرسام الشهير هولاند داي لإعطاء دروس خاصة لجبران مما فتح أمامه أبواب المعرفة الفنية وزيارة المعارض والاختلاط مع بيئة اجتماعية مختلفة تماما عما عرفه في السابق.
في نفس الوقت أشفقت كاملة على بطرس وهي تراه يكد لإعالة الأسرة، بينما كان يمضي جبران وقته في القراءة والرسم والاستغراق في الأحلام. وطلبت منه مساعدة أخيه. لكنه رفض صراحة، معلناً إن إصبع رسام صغيرة لتساوي ألف تاجر ـ ما عدا بطرس؛ وإن صفحة من الشعر لتساوي كل أنسجة مخازن العالم!. في الواقع، أخذ جبران يواظب على التردد إلى مؤسسة خيرية تعطي دروساً في الرسم اسمها "دنسيون هاوس"،حيث لفتت موهبته انتباه مساعدة اجتماعية نافذة جداً اسمها "جسي"، التي عرّفته من خلال صديق لها إلى المصور الشهير "فرد هولاند داي"، الذي كان يدير داراً للنشر في بوسطن.
كان داي بحاجة لموديلات شرقية لصوره. وقد راقه جبران بوجهه المسفوع، وشعره الأسود، ونظراته التأملية. ألبسه راعيه إياه ثياباً جديدة، وأولمه، وعرّفه إلى عالم الرسام والشاعر "وليم بليك"، الذي اكتشف فيه جبران عالماً أسطورياً وتنبؤياً، وبهره تنوع الينابيع التي أثرت مفرداته الشعرية، وتأثر بخصوبة أعماله الرمزية الموسومة بالجدل الروحي بين الخير والشر والجنة والجحيم... . لم يكن بعد، لصغر سنه، بمستوى الارتقاء إلى فكر "بليك" كله، غير أنه تمثل بعض أفكاره كنقد المجتمع والدولة، وفضيلة الرغبة الخلاقة، ووحدة الكائن، وراح يخط رسوماً مشحونة بالرموز مستوحاة من رسوم الفنان والشاعر اللندني الشهير...
كان لداي فضل اطلاع جبران على الميثولوجيا اليونانية، الأدب العالمي وفنون الكتابة المعاصرة والتصوير الفوتوغرافي، ولكنه شدد دائما على ان جبران يجب ان يختبر كل تلك الفنون لكي يخلص إلى نهج وأسلوب خاصين به. وقد ساعده على بيع بعض إنتاجه من إحدى دور النشر كغلافات للكتب التي كانت تطبعها. وقد بدا واضحا انه قد اختط لنفسه أسلوبا وتقنية خاصين به، وبدأ يحظى بالشهرة في أوساط بوسطن الأدبية والفنية.
العودة إلى لبنان
قررت عائلة جبران وخصوصا أمه أن الشهرة المبكرة ستعود عليه بالضرر، وانه لا بد أن يعود إلى لبنان لمتابعة دراسته وخصوصا من أجل إتقان اللغة العربية .. وكان قد أثار تردد جبران المتزايد إلى أوساط "داي"، الذي لم تكن سمعته تدعو للارتياح، قلق الأسرة. وازدادت الأمور سوءاً بعد أن وقع في شراك زوجة تاجر في الثلاثين من عمرها، وغيابه المتكرر عن البيت ليلاً. وكان قد فتن قبلها بامرأة أخرى... وفكرت كاملة بإعادة ابنها المراهق إلى لبنان. ولم يعترض جبران فوصل جبران إلى بيروت وهو يتكلم لغة إنكليزية ضعيفة، ويكاد ينسى العربية أيضا.
رحل إلى بيروت في 30 آب 1898. كان بين أمتعته الأناجيل وكتاب لـ "توماس بلفنيتش" في الميثولوجيا اكتشف فيه الفنان الناشئ جبران دراما "بروميثيوس"، وأسطورة "أورفيوس"، والنبي الفارسي "زرادشت"، والفلسفة الفيثاغورسية، والأساطير الهندية...
هرع جبران فوراً إلى بشري، وحضن أبيه، وتوافد الأقارب والأصدقاء لرؤية "الأمريكي". كان بينهم أستاذه الشاعر والطبيب "سليم الضاهر"، الذي نصحه بمتابعة دروسه في "كوليج دو لا ساجيس"، التي بقي فيها زهاء ثلاث سنوات. ورغم تأخره في العربية الفصحى، "طلب" الفتى قبوله في صف أعلى وعدم سؤاله قبل ثلاثة أشهر. وقبل القيمون "شروط" جبران، الذي أعجبتهم جرأته وقوة شخصيته. كان من بين أساتذته الأب "يوسف حداد"، الشاعر والكاتب المسرحي الذي اكتشف برفقته كنوز اللغة العربية، وابن خلدون، والمتنبي، وابن سينا، والشعراء الصوفيين. وبدأ يجيد التعبير عن أفكاره بلغته الأم، وكتب أولى نصوصه بالعربية. وتعلم الفرنسية وأخذ يقرأ آدابها. ويتذكر جبران أن تلك المدرسة كانت صارمة؛ وأنه لم يكن يمتثل لمعلميه؛ وأنه كان أقل تعرضاً للعقاب من بقية التلاميذ، لأنه كان يدرس كثيراً. كان في الصف يسرح في فكره دائماً، ويرسم، ويغطي كتبه ودفاتره برسوم كاريكاتورية لأساتذته. كان جبران في نظر رفاق الصف غريباً، بشعره الطويل الذي يرفض قصه، ومواقفه غير المألوفة.
في بداية العام 1900، مع مطلع القرن الوليد، تعرف جبران على يوسف الحويك واصدرا معا مجلة "المنارة" وكانا يحررانها سوية فيما وضع جبران رسومها وحده. وبقيا يعملان معا بها حتى أنهى جبران دروسه بتفوق واضح في العربية والفرنسية والشعر (1902) وكان في عام 1901 تم اختيار إحدى قصائده لنيل الجائزة التقديرية. وكان يتوق بحماس لنيل هذه الجائزة، لأن التلميذ الممتاز في هذه المدرسة هو الأكثر موهبة في الشعر، كما قال.
عودته إلى أمريكا .. والمآسي في انتظاره
وقد وصلته أخبار عن مرض أفراد عائلته، فيما كانت علاقته مع والده تنتقل من سيء إلى أسوأ فغادر لبنان عائدا إلى بوسطن، ولكنه لسوء حظه وصل بعد وفاة شقيقته سلطانة. وخلال بضعة اشهر كانت أمه تدخل المستشفى لإجراء عملية جراحية لاستئصال بعض الخلايا السرطانية. قرر شقيقه بطرس ترك المحل التجاري والسفر إلى كوبا. وهكذا كان على جبران ان يهتم بشؤون العائلة المادية والصحية. ولكن المآسي تتابعت بأسرع مما يمكن احتماله. فما لبث بطرس ان عاد من كوبا مصابا بمرض قاتل هو ( السل ) وقضى نحبه بعد أيام قليلة (12 آذار 1903) فيما فشلت العملية الجراحية التي أجرتها الوالدة في استئصال المرض وقضت نحبها في 28 حزيران من السنة نفسها.
إضافة إلى كل ذلك كان جبران يعيش أزمة من نوع آخر، فهو كان راغبا في إتقان الكتابة باللغة الإنكليزية، لأنها تفتح أمامه مجالا أرحب كثيرا من مجرد الكتابة في جريدة تصدر بالعربية في أميركا ( كالمهاجر9 ولا يقرأها سوى عدد قليل من الناس. ولكن انكليزيته كانت ضعيفة جدا. ولم يعرف ماذا يفعل، فكان يترك البيت ويهيم على وجهه هربا من صورة الموت والعذاب. وزاد من عذابه ان الفتاة الجميلة التي كانت تربطه بها صلة عاطفية، وكانا على وشك الزواج في ذلك الحين (جوزيفين بيبادي)، عجزت عن مساعدته عمليا، فقد كانت تكتفي بنقد كتاباته الإنكليزية ثم تتركه ليحاول إيجاد حل لوحده. في حين ان صديقه الآخر الرسام هولاند داي لم يكن قادرا على مساعدته في المجال الأدبي كما ساعده في المجال الفني.
مع فجر القرن العشرين، كانت بوسطن، التي سميت "أثينا الأمريكية"، مركزاً فكرياً حيوياً اجتذب فنانين مشهورين وواعدين. وكان بعضهم راغباً في الخروج من معاقل المادية للبحث عن سبل فنية جديدة واستكشاف ميثولوجيا وحضارات الشرق بل وعلومه الباطنية والروحية. وغاص جبران في هذا المجتمع البوسطني الذي تزدهر فيه حركات صوفية كان أبلغها تأثيراً "الحكمة الإلهية" التي أنشأتها عام 1875 الأرستقراطية الروسية "هيلينا بتروفنا بلافاتسكي" التي اطلعت على تراث الهند، والتيبت وشجعت نهضة البوذية والهندوسية. وشيئاً فشيئاً، اتضح له أن الروحانية الشرقية التي تسكنه يمكن أن تجد تربة خصبة في هذه البيئة المتعطشة للصوفية... .
في 6 كانون الثاني 1904، عرض "داي" على جبران عرض لوحاته في الربيع القادم. لم يكن أمامه سوى أربعة أشهر. وبتأثيرات من عالم "وليم بليك"، أنجز رسوماً عديدة تفيض بالرمزية. اجتذبت أعماله كثيراً من الفضوليين، ولكن قليلاً من الشارين. وعبر عدد من النقاد عن إعجابهم بها.
قدمته جوزفين إلى امرأة من معارفها اسمها ماري هاسكل (1904)، فخطّت بذلك صفحات مرحلة جديدة من حياة جبران.
كانت ماري هاسكل امرأة مستقلة في حياتها الشخصية وتكبر جبران بعشر سنوات، وقد لعبت دورا هاما في حياته منذ ان التقيا. فقد لاحظت ان جبران لا يحاول الكتابة بالإنكليزية، بل يكتب بالعربية أولا ثم يترجم ذلك. فنصحته وشجعته كثيرا على الكتابة بالإنكليزية مباشرة. وهكذا راح جبران ينشر كتاباته العربية في الصحف أولا ثم يجمعها ويصدرها بشكل كتب ، ويتدرب في الوقت نفسه على الكتابة مباشرة بالإنكليزية.
عزم جبران على البحث عن عمل أكثر ربحاً من الرسم. ولما علم بأن شاباً لبنانياً يدعى "أمين غريّب" أصدر صحيفة بالعربية في نيويورك اسمها "المهاجر"، تقرب منه وأطلعه على رسومه وكتاباته وقصائده. قبل "غريب" مقابل دولارين في الأسبوع لجبران. وظهرت أول مقالة له في "المهاجر" بعنوان "رؤية". كان نصاً مفعماً بالغنائية أعطى الكلام فيه لـ "قلب الإنسان، أسير المادة وضحية قوانين الأنام".
وفي 12 تشرين الثاني 1904، احترق مبنى معرض "داي"، وأتى على موجوداته كلها، بما في ذلك رسوم جبران. وتحت صدمة الحريق، الذي وصفه بأنه مشهد جديد من التراجيديا التي يعيشها منذ سنتين، أصبح جبران يكتب أكثر مما يرسم. وخصه "أمين غريب" بزاوية منتظمة بعنوان "أفكار"، ثم استبدله بعنوان "دمعة وابتسامة"، حيث راح جبران يتحدث عن المحبة، والجمال والشباب والحكمة. ونشرت له "المهاجر" عام 1905 كتاباً بعنوان "الموسيقى".
باريس .. مرحلة جديدة
كانت باريس في بدايات القرن العشرين حلم فناني العالم كله. بعد وصوله إليها بوقت قصير، أقام في "مونبارناس"، وسرعان ما انتسب إلى "أكاديمية جوليان"، أكثر الأكاديميات الخاصة شعبية في باريس، التي تخرج منها فنانون كبار، "ماتيس"، و"بونار"، و"ليجيه"... وانتسب كطالب مستمع إلى "كلية الفنون الجميلة". أوقات فراغه، كان جبران يقضيها ماشياً على ضفاف نهر السين ومتسكعاً ليلاً في أحياء باريس القديمة. بعد أن ترك باريس لاحقاً، قال لصديقه "يوسف حويك" الذي عاش معه سنتين في مدينة النور: "كل مساء، تعود روحي إلى باريس وتتيه بين بيوتها. وكل صباح، أستيقظ وأنا أفكر بتلك الأيام التي أمضيناها بين معابد الفن وعالم الأحلام...".
لم يستطع جبران البقاء طولاً في "أكاديمية جوليان"، حيث وجد أن نصائح أستاذه فيها لم تقدم له أية فائدة. من المؤكد أن أسلوبه لم يستطع إرضاء روح جبران الرومانسية. في بداية شباط 1909، عثر الفنان على أستاذ جديد: "بيير مارسيل بيرونو"، "الفنان الكبير والرسام الرائع والصوفي.."، حسب عبارة جبران. لكنه تركه أخيراً، بعد أن نصحه الفنان الفرنسي بالانتظار والتمهل حتّى ينهي كل قاموس الرسم، فجبران نهم إلى المعارف والإبداع وراغب في حرق المراحل.. .
تردد حينذاك إلى أكاديمية "كولاروسي"، المتخصصة في الرسم على النموذج، والتي كانت تستقبل فنانين أجانب، غير أن جبران كان يفضل العمل وحيداً وبملء الحرية في مرسمه، وزيارة المعارض، والمتاحف، كمتحف اللوفر، الذي كان يمضي ساعات طويلة في قاعاته الفسيحة. وأعطى دروساً في الرسم لبعض الطلبة. وانخرط في مشروع طموح: رسم بورتريهات شخصيات شهيرة، وقد ابتدأها بالنحات الأمريكي "برتليت"، دون أن نعرف بدقة إن كان قد التقى بهؤلاء.
في هذه الأثناء، توفي والده. وكتب إلى "ميري هاسكل" يقول: "فقدت والدي.. مات في البيت القديم، حيث ولد قبل 65 سنة.. كتب لي أصدقاؤه أنه باركني قبل أن يسلم الروح. لا أستطيع إلاّ أن أرى الظلال الحزينة للأيام الماضية عندما كان أبي، وأمي وبطرس وكذلك أختي سلطانة يعيشون ويبتسمون أمام وجه الشمس...".
كان جبران دائم الشك، طموحاً، ومثالياً، متصوراً أنه يستطيع إعادة تكوين العالم، وسعى إلى إقناع الآخرين بأفكاره ونظرياته حول الفن، والطبيعة...، وقلقاً، وكثير التدخين، وقارئاً نهماً، وقد أعاد قراءة "جيد" و"ريلكه" و"تولوستوي" و"نيتشه"، وكتب نصوصاً بالعربية وصفها المحيطون به بأنها "حزينة ووعظية".
في ذلك الوقت، قدم إلى باريس عدد كبير من دعاة الاستقلال السوريين واللبنانيين، المطالبين بحق تقرير المصير للبلدان العربية الواقعة تحت النير العثماني. وظهرت فيها جمعيات سرية تطالب بمنح العرب في الإمبراطورية العثمانية حقوقهم السياسية وبالاعتراف بالعربية لغة رسمية... وتردد جبران إلى هذه الأوساط وتشرب بأفكارها. ورأى أن على العرب أن يثوروا على العثمانيين وأن يتحرروا بأنفسهم.
رغب جبران في التعريف بفنه. ونجح في الوصول إلى أشهر معارض باريس السنوية، معرض الربيع، حيث استطاع أن يعرض لوحة عنوانها "الخريف"، آملاً أن يمر بها "رودان العظيم" فيعجب بها ويثمنها. جاء الفنان الفرنسي، ووقف لحظة أمامها، وهز رأسه، وتابع زيارته. بعد ذلك، راح يهيئ اللوحات التي دعي لعرضها في معرض الاتحاد الدولي للفنون الجميلة في باريس الذي دعي إليه بشكل رسمي. إلاّ أن عدم الاستقرار أتعبه، فتخلى عن المشروع ليترك باريس ولم تتسن له بعد ذلك العودة قط إلى مدينة الجمال والفنون، ولا إلى مسقط رأسه لبنان. ولم تأته فرصة لرؤية إيطاليا التي طالما حلم بزيارتها... !!
غادر باريس ليعود إلى بوسطن
عام 1908 غادر جبران إلى باريس لدراسة الفنون وهناك التقى مجددا بزميله في الدراسة في بيروت يوسف الحويك. ومكث في باريس ما يقارب السنتين ثم عاد إلى أميركا بعد زيارة قصيرة للندن برفقة الكاتب أمين الريحاني.
وصل جبران إلى بوسطن في كانون الأول عام 1910، حيث اقترح على ماري هاسكل الزواج والانتقال إلى نيويورك هربا من محيط الجالية اللبنانية هناك والتماسا لمجال فكري وأدبي وفني أرحب. ولكن ماري رفضت الزواج منه بسبب فارق السن، وان كانت قد وعدت بالحفاظ على الصداقة بينهما ورعاية شقيقته مريانا العزباء وغير المثقفة.
وهكذا انتقل جبران إلى نيويورك ولم يغادرها حتى وفاته . وهناك عرف نوعا من الاستقرار مكنه من الانصراف إلى أعماله الأدبية والفنية فقام برسم العديد من اللوحات لكبار المشاهير مثل رودان وساره برنار وغوستاف يانغ وسواهم.
ميري العزيزة
حال وصوله إلى بوسطن في بداية تشرين الثاني، هرع لرؤية أخته "مارينا". ثم مضى للقاء "ميري"، التي أعلمته على الفور ـ حرصاً منها على إبقاء الفنان تحت رعايتها ـ بأنها مستعدة للاستمرار في منحه الخمسة وسبعين دولاراً التي كانت تقدمها له إبان إقامته الباريسية. ونصحته باستئجار بيت أوسع لممارسة فنه بحرية. وساعدته في تحسين لغته الإنكليزية. وتعززت صداقتهما. وفي 10 كانون الأول، زارها في بيتها لمناسبة عيد ميلادها السابع والثلاثين، وعرض عليها الزواج. لكنها رفضت بحجة أنها تكبره بعشر سنوات. وكتب لها فيما بعد أنها جرحته بهذا الرفض. وقررت "ميري" أن تتراجع وتقبل. ثم عادت فرفضت مرة أخرى.. ربما بسبب علاقاته مع نساء أخريات، أو لخوفها من الزواج بأجنبي. وسعى جبران بعد ذلك لإغراق خيبة أمله في العمل. وسرعان ما شعر بأن بوسطن مدينة باردة وضيقة وأنها أصغر من طموحاته الفنية، خصوصاً بعد تلك الإقامة في باريس الرحبة والدافئة، عدا الجرح الذي تركته فيه "ميري". وقرر المغادرة إلى نيويورك. حزم حقائبه غير آسف، حاملاً معه مخطوطة "الأجنحة المتكسرة" ونسخة من "هكذا تكلم زرادشت" لنيتشه.
نيويورك
قال الشاعر والكاتب الفرنسي "بول كلودل" بعد وصوله إلى نيويورك عام 1838: ".... بالنسبة للغريب الذي يقع هنا، جاهلاً كل شيء ودواعي كل شيء، تكون أيامه الأولى مذهلة..". إلاّ أن جبران فهمها فوراً: "نيويورك ليست مكاناً يمكن أن يجد فيه المرء راحة". بدأ إقامته بزيارة متحف "متروبوليتان ميوزم أف آرت"، الذي خرج منه مندهشاً. تعرف إلى الجالية اللبنانية، وبعض مشاهير نيويورك. في هذه الأثناء، جاءت "ميري" إلى نيويورك ووجدته يرسم لوحة "إيزيس". زارا بعض المتاحف والأوابد. وبعد حين، عادا معاً إلى بوسطن، حيث تهيأت الصديقة لقضاء عطلة في غرب البلاد. وعرضت حينذاك على جبران مبلغ خمسة آلاف دولار دفعة واحدة بدلاً من المبالغ الصغيرة المتقطعة. قبل بالعرض وألح بأن يوصي لها بكل ما يملك، عرفاناً بجميلها. وكتب وصية أدهشت أصدقاءه. أوصى بكل لوحاته ورسومه إلى "ميري" أو، إن كانت متوفاة، إلى "فرد هولاند داي"؛ وبمخطوطاته الأدبية إلى أخته؛ وبكتبه في لبنان إلى مكتبة بشري... .
استغل جبران الصيف لإنهاء "الأجنحة المتكسرة" وروتشة لوحة "إيزيس"، وبدأ برسم لوحات جديدة، وزين بالرسوم كتاباً لأمين الريحاني، وكتب مقالتين، إحداهما بعنوان "العبودية"، حيث يندد بالعبودية التي تقود شعباً وفقاً لقوانين شعب آخر، والأخرى بعنوان "أبناء أمي" يتمرد فيها على مواطنيه الذين لا يثورون في وجه المحتل. وحضر محاضرة للشاعر والكاتب المسرحي الإيرلندي "وليم ييتس" (جائزة نوبل 1923)، وتعارفا والتقيا مراراً.
في 18 تشرين الأول عاد جبران إلى نيويورك وأقام في مبنى "تنث ستريت ستوديو" المخصص للفنانين. في هذه السنة نشر روايته "الأجنحة المتكسرة"، أكثر أعماله رومانسية، والتي أنبأت بأسلوبه وفكره المستقبليين.
في 15 نيسان 1912، هزت العالم حادثة غرق الـ "تيتانيك"، التي كان على متنها مئات الأشخاص، بينهم 85 لبنانياً، غرق 52 منهم. كانت الكارثة صدمة بالنسبة لجبران، الذي عز عليه النوم تلك الليلة. في اليوم نفسه، التقى بعبد البهاء، ابن بهاء الله مؤسس حركة البهائية الروحية في إيران، ودعاه لإلقاء خطاب أمام أعضاء "الحلقة الذهبية" حول وحدة الأديان.
في بداية الخريف، التقى جبران بالكاتب والروائي الفرنسي "بيير لوتي"، الذي جاء إلى نيويورك لحضور عرض مسرحية "بنت السماء" التي ألفها مع ابنة الأديب والشاعر الفرنسي "تيوفيل غوتيه". وقد عبر له "لوتي" عن قرفه من صخب أمريكا وقدم له نصيحة: "أنقذ روحك وعد إلى الشرق؛ مكانك ليس هنا!".
كيف يمكننا تصور جبران في هذه الفترة من حياته؟ كانت له ملامح أهل قريته: وجه ملوح بالسمرة، وأنف بارز، وشارب أسود وكثيف، وحاجبان مقوسن كثان، وشعر معقوص قليلاً، وشفتان ممتلئتان؛ وجبين عريض مهيب مثل قبة، وعينان يقظتان تنمان عن ذكاء هذا الشخص قصير القامة ذي الابتسامة المشرقة الموحية ببراءة الأطفال؛ "مكهرِب، ومتحرك كاللهب" (ميري)؛ وطبيعة هي أقرب إلى الحزن؛ محب للانعزال ("الوحدة عاصفة صمت تقتلع كل أغصاننا الميتة")، ويجد لذة في العمل؛ أنوف، وبالغ الحساسية، ولا يتسامح مع أي نقد؛ مستقل وثائر بطبيعته، يأبى الظلم بأي شكل.
كان يدخن كثيراً: "اليوم ـ كتب إلى ميري ـ، دخنت أكثر من عشرين سيجارة. التدخين بالنسبة لي هو متعة وليس عادة مستبدة...". وليلاً، كي يبقى متنبهاً ويستمر في عمله، كان يتناول القهوة القوية ويأخذ حماماً بارداً. إلا أن أسلوب الحياة إياه بدأ ينهك جسمه ويضفي عليه ملامح الكبر.
في العام 1913، التقى بعدد من مشاهير عالم الفن النيويوركيين، مثل الشاعر "ويتر بوينر". وفي شباط، تخلى لـ "ميري" عن مجموعة من لوحاته وفاء للدين، متمنياً أن يتخلص من هذا الوضع الذي كان يضايقه. وعاد إلى إكمال مجموعة بورتريهاته، مخصصاً إحداهاللمخترع الأمريكي "توماس إديسون" وأخرى لعالم النفس السويسري "كارل غوستاف يونغ" اللذين قبلا الجلوس ليرسمهما جبران. والتقى بالفيلسوف الفرنسي "هنري برجسون" الذي وعده بأن يسمح له برسمه في باريس، معتذراً آنئذ بسبب الإنهاك من السفر، وبالممثلة الفرنسية "ساره برنهاردت": "باختصار، كانت لطيفةـ يؤكد جبران. حدثتني بفرح غامر عن أسفارها إلى سورية ومصر، وأخبرتني أن أمها كانت تتكلم العربية وأن موسيقى هذه اللغة كانت وما تزال حية في نفسها". وقبلت أن تجلس ليرسمها، ولكن عن بعد "كي لا تظهر ملامح وجهها". كانت قد أصبحت في عامها التاسع والستين.
في نيسان 1913، ظهرت في نيويورك مجلة "الفنون"، التي أسسها الشاعر المهجري الحمصي "نسيب عريضة". ونشر فيها جبران مقالات متنوعة جداً وقصائد نثرية. ووقع فيها على دراسات أدبية كرسها لاثنين من كبار الصوفيين، الغزالي وابن الفارض، اللذين تأثر بأفكارهما.
الأديبة مي
"مي" هو الاسم الذي اختارته تلك المرأة القلقة، التي تبدو، كالبحر، تارة هادئة وشفافة، وأخرى ثائرة. ولدت عام 1886، من أب لبناني وأم فلسطينية. رحلت أسرتها عام 1908 إلى القاهرة. أتقنت لغات عدة، وأظهرت مواهب استثنائية في النقد والأدب والصحافة. حولت دارتها في القاهرة إلى صالون أدبي، وراحت تستقبل فيها كبار الأدباء والمثقفين، كـ "طه حسين" و"عباس محمود العقاد" و"يعقوب صروف". اكتشفت جبران عام 1912، عبر مقالته "يوم مولدي" التي ظهرت في الصحافة. وأسرها أسلوبه. وقرأت "الأجنحة المتكسرة" وأعجبت بآرائه حول المرأة فيه. تراسلا، وتبادلا في رسائلهما الإطراء وتحدثا عن الأدب. روى لها همومه اليومية، وطفولته وأحلامه وأعماله. وانعقدت بينهما علاقة ألفة وحب. وطلب منها عام 1913 تمثيله وقراءة كلمته في حفل تكريم شاعر القطرين "خليل مطران". كانت "مي" حساسة جداً وحالمة. ولما انقطعت رسائل جبران عقب قيام الحرب العالمية الأولى، تعلقت بذكرى مراسلها البعيد ورفضت كل الطامحين إلى الزواج منها. وتمنت في مقالة لها أن تكون بقرب ذلك الوجه الذي يمنع البعاد رؤيته.
لم يلتقيا قط، غير أن الكاتبين شعرا أنهما قريبان أحدهما من الآخر، وأحس أن "خيوطاً خفيفة" تربط بين فكرهما وأن روح "مي" ترافقه أينما اتجه.
في عام 1921، أرسلت له صورتها، فأعاد رسمها بالفحم. واكتشف بسعادة أنها امرأة مليئة الوجه، ذات شعر بني قصير، وعينين لوزيتي الشكل يعلوهما حاجبان كثان، وشفتين ممتلئتين. وجد في نظرتها البراقة شيئاً معبراً يجتذبه، وفي ملامحها بعضاً من الذكورة، صرامةً كامنة تضفي عليها مزيداً من الجاذبية: "مي" تجسد الأنوثة الشرقية. كان في هذه المرأة كل ما يعجبه، غير أنها بعيدة جداً. ولم يكن يشعر أنه مهيأ بعد لترك أمريكا فيتخلى عن حريته. هذا الحب الروحي، الفكري، أعجبه. ولكن هل فكر بمجرد ما لكماته من وقع على قلب مراسلته؟.
في عام 1923، كتب لها يقول دون كلفة: "أنت تعيشين فيّ وأنا أعيش فيك، تعرفين ذلك وأعرفه". كانت "مي"، كلما بدت عبارات مراسلها أكثر جرأة أو شابها بعض سخرية من تعبير اختارته دون قصد منها، تلجأ إلى "مقاطعته" وتلوذ بصمت يستمر أشهراً أحياناً. مشاعرها الحقيقية كانت تبوح بها في مقالاتها. وإن كانت قد خصت أعماله بمقالات نقدية مدحية، فقد نهرته في أخرى. وفي مقالة بعنوان "أنت، الغريب"، عبرت عن كل هواها نحو "ذاك الذي لا يعرف أنها تحبه" و"الذي تبحث عن صوته بين كل الأصوات التي تسمعها".
في رسالة له عام 1924، عبرت له "مي" عن خوفها من الحب. ورد عليها جبران: ".. هل تخافين ضوء الشمس؟ هل تخشين مد البحر وجزره؟...". فاجأه موقفها. وبدا أنه اختار التراجع لإنقاذ حريته أو وقته، مفضلاً عدم الانطلاق في علاقة قد تتطلب منه ومنها تضحيات كبيرة. أدركت "مي" حينذاك، بمرارة، سوء التفاهم بين رغبتها وفكرة جبران عن علاقتهما. وأسفت أنها كانت على هذا القدر من الصراحة والمباشرة. وصمتت ثمانية أشهر، رآها جبران "طويلة كأنها أزل".
رغم كل شيء، استمرت مراسلاتهما، متباعدة، حتى وفاة جبران، لتبقى واحدة من الأخصب والأجمل في الأدب العربي.
الحرب الكبرى
أقلقت الحرب جبران رغم بعده عن ساحات المعارك بآلاف الكيلومترات. وجعله الوضع في لبنان مضطرباً: استولت السلطات العثمانية على كل موارد البلد، وصادرت الماشية، وانتشرت المجاعة، وقمع المعارضون وعلق جمال باشا السفاح مشانق الوطنيين اللبنانيين والعرب في الساحات العامة. وشعر بالذنب لبعده عن "أولئك الذين يموتون بصمت". ولم يتردد في قبول منصب أمين سر لجنة مساعدة المنكوبين في سوريا وجبل لبنان. وساهم بمشاركة الجالية السورية ـ اللبنانية في بوسطن ونيويورك في إرسال باخرة مساعدات غذائية إلى مواطنيه.
دفع هذا النشاط بعض الكتاب لأن يجعلوا من جبران أيديولوجياً وصاحب نظرية سياسية، غير أنه لم يكن من ذلك في شيء. وقد رد على من حضه للقيام بدور الزعيم السياسي بالقول: "لست سياسياً، ولا أريد أن أكون كذلك". كان دافعه هو حس المسؤولية وتلبية نداء الواجب. كان همه إنسانياً، تحرير الوضع البشري من كل عبودية.
أبطأ هذا النشاط الإنساني والأخبار المأساوية التي توافدت عليه من أوروبا والمشرق نتاجه الأدبي. صحيح أنه نشر عام 1914 مجموعته "دمعة وابتسامة"، غير أنها لم تكن سوى جمع لمقالات بالعربية (56 مقالة) نشرت في "المهاجر"، وكان هو نفسه قد تردد في نشرها. كانت ذات نفحة إنسانية وضمت تأملات حول الحياة، والمحبة، والوضع في لبنان وسورية، وقد اتخذت شكل القصيدة المنثورة، الأسلوب غير المعروف في الأدب العربي، وقد كان رائده.
في هذه الفترة تقريباً، شعر بالحاجة للكتابة بالإنكليزية، هذه اللغة التي يمكن أن تفتح له الكثير من الأبواب وتمكنه من ملامسة الجمهور الأمريكي. قرأ "شكسبير" مرة أخرى، وأعاد قراءة الكتاب المقدس مرات عدة بنسخة "كينغ جيمس".. . كانت إنكليزيته محدودة جداً، غير أنه عمل طويلاً وبجد حتى أتقن لغة شكسبير ولكن دون أن يتخلى عن لغته الأم: "بقيت أفكر بالعربية". ".. كان غنى العربية، التي أولع بها، يدفعه دائماً إلى سبر الكلمة التي تتوافق بأفضل شكل مع مثيلتها في الإنكليزية، بأسلوب بسيط دائماً..."، كما ذكرت مساعدته "بربارة يونغ".
من أين يبدأ؟ كان أمامه مشروع "النبي"، الذي نما معه منذ الطفولة. سار العمل بطيئاً جداً. أراد أخيراً أن يجد موضوعاً يستقطب أفكاره ولغته الثانية. وفكر جبران: ما الذي يمكن، مع الإفلات من العقاب، أن يكشف حماقة الناس وجبنهم وينتزعه حُجُب المجتمع وأقنعته؟. المجنون. أغرته الفكرة. لم ينس "قزحيّا" في الوادي المقدس وتلك المغارة التي كانوا يقيدون فيها المجانين لإعادتهم إلى صوابهم، كما كانوا يعتقدون. في "يوحنا المجنون"، كان قد كتب يقول إن "المجنون هو من يجرؤ على قول الحقيقة"، ذاك الذي يتخلى عن التقاليد البالية والذي "يصلب" لأنه يطمح إلى التغيير. برأيه، "أن الجنون هو الخطوة الأولى نحو انعدام الأنانية... هدف الحياة هو تقريبنا من أسرارها، والجنون هو الوسيلة الوحيدة لذلك". وهكذا، عنوان كتابه القادم: The Madman . وبقي أن يكتبه
في هذه الأثناء، شارك في مجلة جديدة، The Seven Arts¡ التي كان ينشر فيها كتاب مشهورون، مثل "جون دوس باسوس" و"برتراند راسل"، ومن خلالها أضحى مشهوراً في الأوساط الفنية النيويوركية، حيث نشر رسومه ونصوصه الأولى بالإنكليزية.
كانت فترة 1914 ـ 1916 غنية باللقاءات: تردد جبران إلى صالونات المجتمع الراقي الذي كانت تديره نساء متنفذات. تعرف إلى الفنانة الشهيرة "روز أونيل"، وعمدة نيويورك، والشاعرة "آمي لويل"، والرسام الرمزي "ألبرت رايدر". ودعي عدة مرات إلى Poetry Society of America¡ التي ألقى فيها مقتطفات من كتاب Madman¡ الذي كان بصدد تأليفه، أمام حضور منتبه.
في خريف 1916، التقى مرة أخرى بمخائيل نعيمة، الذي ألف فيه كتاباً، جبران خليل جبران". كان "نعيمة" يدرس في روسيا قبل أن يتوجه إلى الولايات المتحدة، حيث درس أيضاً القانون والآداب. كتب كلاهما في "الفنون"، وكلاهما آمنا بالتقمص، وناضل كلاهما من أجل تحرير بلدهما عبر لجنة المتطوعين، جبران كمسؤول عن المراسلات بالإنكليزية ونعيمة كمسؤول عن المراسلات بالعربية.
في كانون الأول 1916، التقى أخيراً بـ "رابندراناته طاغور"، الشاعر الهندي الشهير، المتوج بجائزة نوبل في الآداب لعام 1913. وكتب إلى "ميري" في وصفه قائلاً: "حسن المنظر وجميل المعشر. لكن صوته مخيِّب: يفتقر إلى القوة ولا يتوافق مع إلقاء قصائده...". بعد هذا اللقاء، لم يتردد صحفي نيويوركي في عقد مقارنة بين الرجلين: كلاهما يستخدمان الأمثال في كتاباته ويتقنان الإنكليزية واللغة الأم. وكل منهما فنان في مجالات أخرى غير الشعر".
مع اقتراب الحرب من نهايتها، أكب جبران أكثر على الكتابة. ألف مقاطع جديدة من "النبي"، وأنهى كتابه "المجنون"، التي اشتملت على أربعة وثلاثين مثلاً (قصة قصيرة رمزية) وقصيدة. أرسلها إلى عدة ناشرين، لكنهم رفضوها جميعاً بحجة أن هذا الجنس الأدبي "لا يباع". لكنه وجد ناشراً أخيراً، وظهر العمل عام 1918 مزيناً بثلاثة رسوم للمؤلف. وكان جبران قد كتب بعض نصوصه بالعربية أصلاً، ثم ترجمها إلى الإنكليزية. ويروي فيه حكاية شخص حساس ولكن "مختلف"، يبدأ بإخبارنا كيف أصبح مجنوناً. "... في قديم الأيام قبل ميلاد كثيرين من الآلهة نهضت من نوم عميق فوجدت أن جميع براقعي قد سرقت... فركضت سافر الوجه في الشوارع المزدحمة صارخاً بالناس: "اللصوص! اللصوص! اللصوص الملاعين!" فضحك الرجال والنساء مني وهرب بعضهم إلى بيوتهم خائفين مذعورين... هكذا صرت مجنوناً، ولكني قد وجدت بجنوني هذا الحرية والنجاة معاً...". تميز أسلوب جبران في "المجنون" بالبساطة واللهجة الساخرة والمرارة، وشكل هذا العمل منعطفاً في أعمال الكاتب، ليس فقط لأنه أول كتاب له بالإنكليزية، بل لما فيه من تأمل وسمو روحي. وأرسل نسخة منه إلى "مي زيادة"، التي وجدته سوداوياً ومؤلماً. وأرسل نسخة أخرى إلى "جيرترود باري"، حبيبته الخبيئة. ربما أخفى جبران هذه العلاقة كي لا يجرح "ميري" ومن أجل أن لا تمس هذه العلاقة اللاأفلاطونية صورته الروحية. كان لجبران علاقات غير محددة، أفلاطونية وجسدية: "جيرترود شتيرن" التي التقاها عام 1930 واعتبرت نفسها حبه الأخير، و"ماري خواجي" و"ماري خوريط، و"هيلينا غوستين" التي أكدت، كما فعلت "شارلوت" و"ميشلين" بأن جبران "زير نساء"، وقد روت، مازحةً ومداعبة، أنه طلب منها ذات مرة أن تشتري له مظلة ليقدمها إلى شقيقته "ماريانا"، لكنها اكتشفت بعد حين أنه قد أهداها لامرأة أخرى. هذه المغامرات عاشها جبران سراً, إما حفاظاً على سمعة تلك العشيقات أو خوفاً من تشويه الصورة التي كان يريد أن يعطيها حول نفسه: صورة الناسك، صورة الكائن العلوي، عاشق الروح وليس الجسد.
في تشرين الثاني 1918، أعلن الهدنة أخيراً. وكتب جبران إلى "ميري" يقول: "هذا أقدس يوم منذ ميلاد اليسوع!".
في أيار 1919، نشر جبران كتابه السادس بالعربية، "المواكب". كان قصيدة طويلة من مائتين وثلاثة أبيات فيها دعوة للتأمل، كتبها على شكل حوار فلسفي بصوتين: يسخر أحدهما من القيم المصطنعة للحضارة؛ ويغني الآخر، الأكثر تفاؤلاً، أنشودةً للطبيعة ووحدة الوجود. وقد تميز الكتاب بتعابيره البسيطة والصافية والتلقائية.
في نهاية عام 1919، نشر مجموعة من عشرين رسماً تحت عنوان Twenty Drawings. وقد أدخل الناشر إلى مقدمتها نصاً للناقدة الفنية "أليس رافائيل إكستين"، حيث جاء فيها أن جبران "يقف في أعماله الفنية عند الحدود بين الشرق والغرب والرمزية والمثالية". وقد قيل إن "جبران يرسم بالكلمات"، إذ يبدو رسمه في الواقع تعبيراً دقيقاً عن أفكاره.
منتدى الشعراء المنفيين
في ليلة 20 نيسان 1920، رأى الكتاب السوريون واللبنانيون في اجتماع لهم في نيويورك أنه يجب التصرف من أجل "إخراج الأدب العربي من الموحل، أي الركود والتقليد الذي غاص فيهما". يجب حقنه بدم جديد. وقرر المشاركون تأسيس تنظيم يتمحور حول الحداثة ويكرس لجمع الكتاب وتوحيد جهودهم لخدمة الأدب العربي. وجد جبران الفكرة ممتازة ودعا الأعضاء للاجتماع عنده بعد أسبوع لاحق.
اجتمعوا في 28 التالي وحددوا أهداف التنظيم الذي أسموه "الرابطة القلمية"، التي ضمت جبران، و"إيليا أبو ماضي" و"ميخائيل نعيمة" و"عبد المسيح حداد" صاحب مجلة "السايح" وآخرين، في نشر أعمال أعضائها وأعمال الكتاب العربي الآخرين وتشجيع تعريب أعمال الأدب العالمي، فضلاً عن أهداف أخرى. انتخب جبران رئيساً، وميخائيل نعيمة أميناً للسر.
بقيت الرابطة تجتمع دورياً تقريباً حتى وفاة جبران. نشر الأعضاء مقالات في مجلة "السايح" وكرسوا عدداً في العام للمختارات. وأضحت الرابطة بأفكارها المتمردة رمزاً لنهضة الأدب العربي... رأى جبران أنه لن يكون للغته العربية مستقبل إذا لم تتحرر من القوالب القديمة ومن "عبودية الجمل الأدبية السطحية"، وإذا لم تتمكن من إرساء حوار حقيقي مع الغرب وتتمثل تأثير الحضارة الأوروبية دون أن تجعلها تهيمن عليها.
في آب 1920، أصدرت منشورات الهلال القاهرية مجموعة تضم 31 مقالة لجبران كانت قد ظهرت في صحف مختلفة ناطقة بالعربية. حملت "العواصف" على عيوب الشرقيين ـ تعلقهم بالماضي بالتقاليد القديمة ـ، رافضة حالة خنوع المضطهدين وضعفهم، داعيةً إياهم إلى الطموح والرفعة.
بعد أسابيع لاحقة، نشر جبران كتابه الثاني بالإنكليزية، "السابق"، الذي زينه بخمسة من رسومه. وقد جاء على شكل أمثال وحكايات صغيرة مفعمة بالحكمة والتصوف، وكان بمثابة تهيئة لكتاب جبران الأهم، "النبي".
سنة 1923 نشر كتاب جبران باللغة الإنكليزية، وطبع ست مرات قبل نهاية ذلك العام ثم ترجم فورا إلى عدد من اللغات الأجنبية، ويحظى إلى اليوم بشهرة قل نظيرها بين الكتب.
في هذه الأثناء، حينما كان يعمل بمثابرة على مخطوطة "النبي"، ساءت صحته، ولم يداوها الفرار إلى الطبيعة برفقة الأصدقاء. آثر البقاء في بوسطن قرب شقيقته "ماريانا"، ولم يعد يطمح إلا إلى إنهاء مخطوطته والعودة إلى مسقط رأسه، غير أن أمنية العودة اصطدمت بمشكلة كبيرة: ملاحقة دائني والده القضائية لاسترجاع ديونهم ممن تبقى من أفراد الأسرة، جبران وماريانا.
رائعة جبران الكبيرة .. النبي
سنة 1923 ظهرت إحدى روائع جبران وهي رائعة ( النبي ) ففي عام 1996، بيعت من هذا الكتاب الرائع، في الولايات المتحدة وحدها، تسعة ملايين نسخة. وما فتئ هذا العمل، الذي ترجم إلى أكثر من أربعين لغة، يأخذ بمجامع قلوب شريحة واسعة جداً من الناس. وفي الستينيات، كانت الحركات الطلابية والهيبية قد تبنت هذا المؤلف الذي يعلن بلا مواربة: "أولادكم ليسوا أولاداً لكم، إنهم أبناء وبنات الحياة المشتاقة إلى نفسها...". وفي خطبة شهرية له، كرر "جون فيتزجرالد كندي" سؤال جبران: "هل أنت سياسي يسال نفسه ماذا يمكن أن يفعله بلده له [...]. أم أنك ذاك السياسي الهمام والمتحمس [...] الذي يسأل نفسه ماذا يمكن أن يفعله من أجل بلده؟".
حمل جبران بذور هذا الكتاب في كيانه منذ طفولته. وكان قد غير عنوانه أربع مرات قبل أن يبدأ بكتابته. وفي تشرين الثاني 1918، كتب إلى "مي زيادة" يقول "هذا الكتاب فكرت بكتابته منذ ألف عام..". ومن عام 1919 إلى عام 1923، كرس جبران جل وقته لهذا العمل، الذي اعتبره حياته و"ولادته الثانية". وساعدته "ميري" في التصحيحات، إلى أن وجد عام 1923 أن عمله قد اكتمل، فدفعه إلى النشر، ليظهر في أيلول نفس العام.
"النبي" كتاب شبيه بالكتاب المقدس وبالأناجيل من حيث أسلوبه وبنيته ونغمية جمله، وهو غني بالصور التلميحية، والأمثال، والجمل الاستفهامية الحاضة على تأكيد الفكرة نفسها، "من يستطيع أن يفصل إيمانه عن أعماله، وعقيدته عن مهنته؟"، "أو ليس الخوف من الحاجة هو الحاجة بعينها؟".
أمكن أيضاً إيجاد تشابه بين "النبي" و"هكذا تكلم زرادشت" لنيتشه. من المؤكد أن جبران قرأ كتاب المفكر الألماني، وثمّنه. اختار كلاهما حكيماً ليكون لسان حاله. الموضوعات التي تطرقا إليها في كتابيهما متشابهة أحياناً: الزواج، والأبناء، والصداقة، والحرية، والموت... . كما نعثر على بعض الصور نفسها في العملين، كالقوس والسهم، والتائه.... . مع ذلك، ففي حين تتسم الكتابة النيتشوية برمزية شديدة وفصاحة تفخيمية، تمتاز كتابة "النبي" بالبساطة والجلاء وبنفحة شرقية لا يداخلها ضعف. ونيتشه أقرب بكثير إلى التحليل الفلسفي من جبران، الذي يؤثر قول الأشياء ببساطة.
"النبي" هو كتاب في التفاؤل والأمل. وبطريقة شاعرية، وأسلوب سلس، يقدم لنا جبران فيه برسالة روحية تدعونا إلى تفتح الذات و"إلى ظمأ أعمق للحياة".
ماذا يقول لنا جبران في "النبي" على لسان حكيمه؟. عندما طلبت منه المطرة، المرأة العرافة، خطبة في المحبة، قال: "المحبة لا تعطي إلا نفسها، ولا تأخذ إلا من نفسها. المحبة لا تملك شيئاً، ولا تريد أن يملكها أحد، لأن المحبة مكتفية بالمحبة". ولما طلبت رأيه في الزواج، أجاب: "قد ولدتم معاً، وستظلون معاً إلى الأبد. وستكونون معاً عندما تبدد أيامكم أجنحة الموت البيضاء.. أحبوا بعضكم بعضاً، ولكن لا تقيدوا المحبة بالقيود.. قفوا معاً ولكن لا يقرب أحدكم من الآخر كثيراً: لأن عمودي الهيكل يقفان منفصلين، والسنديانة والسروة لا تنمو الواحدة منهما في ظل رفيقتها". وفي الأبناء، يقول: أولادكم ليسوا أولاداً لكم. إنهم أبناء وبنات الحياة المشتاقة إلى نفسها، بكم يأتون إلى العالم ولكن ليس منكم. ومع أنهم يعيشون معكم فهم ليسوا ملكاً لكم". وفي العمل: "قد طالما أُخبرتم أن العمل لعنة، والشغل نكبة ومصيبة. أما أنا فأقول لكم إنكم بالعمل تحققون جزءاً من حلم الأرض البعيد، جزءاً خصص لكم عند ميلاد ذلك الحلم. فإذا واظبتم على العمل النافع تفتحون قلوبكم بالحقيقة لمحبة الحياة. لأن من أحب الحياة بالعمل النافع تفتح له الحياة أعماقها، وتدنيه من أبعد أسرارها".......
في عام 1931، كتب جبران بخصوص "النبي": "شغل هذا الكتاب الصغير كل حياتي. كنت أريد أن أتأكد بشكل مطلق من أن كل كلمة كانت حقاً أفضل ما أستطيع تقديمه". لم تذهب جهوده عبثاً: بعد سبعين سنة على وفاته، ما يزال يتداوله ملايين القراء في أنحاء العالم.
بقي جبران على علاقة وطيدة مع ماري هاسكال، فيما كان يراسل أيضا الأديبة مي زيادة التي أرسلت له عام 1912 رسالة معربة عن إعجابها بكتابه " الأجنحة المتكسرة". وقد دامت مراسلتهما حتى وفاته رغم انهما لم يلتقيا أبدا.
رحيل جبران إلى الآخرة
كانت صحة جبران قد بدأت تزداد سوءاً. وفي 9 نيسان، وجدته البوابة يحتضر فتوفي جبران في 10 نيسان 1931 في إحدى مستشفيات نيويورك وهو في الثامنة والأربعين بعد أصابته بمرض السرطان فنقل بعد ثلاثة أيام إلى مثواه الأخير في مقبرة "مونت بنيديكت"، إلى جوار أمه وشقيقته وأخيه غير الشقيق. ونظمت فوراً مآتم في نيويورك وبيونس آيرس وساوباولو حيث توجد جاليات لبنانية هامة. وبعد موافقة شقيقته "ماريانا"، تقرر نقل جثمان جبران في 23 تموز إلى مسقط رأسه في لبنان. واستقبلته في بيروت جموع كبيرة من الناس يتقدمها وفد رسمي. وبعد احتفال قصير حضره رئيس الدولة، نقل إلى بشري، التي ووري فيها الثرى على أصوات أجراس الكنائس. وإلى جوار قبره، نقشت هذه العبارة: "كلمة أريد رؤيتها مكتوبة على قبري: أنا حي مثلكم وأنا الآن إلى جانبكم. أغمضوا عيونكم، انظروا حولكم، وستروني....".
عملت شقيقته على مفاوضة الراهبات الكرمليات واشترتا منهما دير مار سركيس الذي نقل إليه جثمان جبران، وما يزال إلى الآن متحفا ومقصدا للزائرين.
وفضلاً عن الأوابد التي كرست للفنان في وطنه الأم (متحف جبران، وساحة جبران التي دشنت في وسط بيروت عام 2000)، هنالك مواقع، وتماثيل، ولوحات تذكارية تكرم ذكراه: في الولايات المتحدة نصبان تذكاريان لجبران، أحدهما في بوسطن، والآخر في واشنطن. ويضم عدد من أشهر المتاحف الأمريكية العديد من لوحات جبران. وكانت الجالية اللبنانية في البرازيل قد دشنت أيضاً مركزاً ثقافياً سمي "جبران".
مؤلفات حبران خليل جبران
بالعربية:
الأرواح المتمردة 1908
الأجنحة المتكسرة 1912
دمعة وابتسامة 1914
المواكب 1918
بالإنكليزية:
المجنون 1918
السابق 1920
النبي 1923
رمل وزبد 1926
يسوع ابن الإنسان 1928
آلهة الأرض 1931
التائه 1932
حديقة النبي 1933
-------------
المراجع المستخدمة : ترجمة: محمد الدنيا "خليل جبران، مؤلف النبي"، بالفرنسية، تأليف ألكسندر نجار، دار نشر "بيغماليون" /باريس ـ فرنسا، أيلول/ سبتمبر 2002 (الكتاب غير معرب)
( يتبع قصائد ومقالات جبران )التعديل الأخير تم بواسطة أحلام الناي ; 05-17-2009 الساعة 11:21AM
!! أنا القاك صباحا ً ومساء .. في خيالي أنت يا أغلا رجاء !!
!! .. للناي أحلامه.. !!
إضافة رد رد مع اقتباس شكراً
--------------------------------------------------------------------------------
05-05-2009 05:34PM #3 أحلام الناي
الملف الشخصي مشاهدة المشاركات رسالة خاصة إضافة إلى قائمة الإتصال
الحالة: غير متصل
تاريخ التسجيل : 04 - 05 - 2007
الدولة : على تلّة ِ حلم !!
الجنس: شاب
المشاركات : 6,774
شكراً
7
تم شكره 25 مرة في 14 مشاركةمعدل تقييم المستوى : 22
قصائد ومقالات لجبران خليل جبران
أمام عرش الجمال
هربتُ من الاجتماع وهِمْتُ في ذاك الوادي الواسع...
مصغيًا إلى محاورات العصافير... وجلستُ أسامِرُ وَحْدَتي وأناجي نفسي.
نفس ظامئة رأت كل ما يرى سرابًا وكل ما لا يرى شرابًا.
ولما انطَلَقَتْ عاقِلَتي من محبس المادة إلى فضاء الخيال,
التفتُّ فإذا... حورية لم تتخذ من الحلي والحلل سوى غصن من الكرمة تستر
به بعضَ قامَتِها, وإكليلٍ من الشقيق يجمع شعرها الذهبي...
وإذ عَلمَتْ من نظراتي أنني مسلوب الفجأة والحيرة, قالت:
أنا ابنة الأحراج فلا تجزع.
... أنا رمز الطبيعة.
أنا العذراء التي عبدها آباؤك فبنوا لها مذابح وهياكل في بعلبك وأفقا وجبيل...
أما ألوهيتي فهي مستمدة من جمال تراه كيفما حولت عينيك.
جمال هو الطبيعة بأسرها.
جمال كان بدء سعادة الراعي بين الربى,
والقروي بين الحقول,
والعشائر الرحل بين الجبل والساحل.
جمال كان للحكيم مرقاة إلى عرش حقيقة لا تجرح.
قلتُ ودقاتُ قلبي تقول ما لا يعرفه اللسان:
إن الجمال قوة مخيفة رهيبة.
فقالت وعلى شفتيها ابتسامة الأزهار,
وفي نَظَرِها أسرارُ الحياة:
أنتم البشر تخافون كل شيء حتى ذواتكم.
تخافون السماء وهي منبع الأمن.
تخافون الطبيعة وهي مرقد الراحة...
وبعد سكينة مازَجَتْهَا الأَحلامُ اللَّطيفة سألتها:
ما هذا الجمال...?
قالت:
هو ما كان بنفسك جاذب إليه.
هو ما تراه وتودُّ أن تُعطِي لا أن تأخذ.
هو ما شَعَرْتَ, عند ملقاه, بأيد ممدودةٍ لضمّه إلى أعماقك.
هو ما تحسبه الأجسام محنة والأرواح منحة.
هو ألفة بين الحزن والفرح.
هو ما تراه محجوبًا وتعرفه مجهولاً وتسمعه صامتًا.
هو قوة تبتدئ في قدس أقداس ذاتك وتنتهي فيما وراء تخيلاتك...
واقتَرَبَت ابنَةُ الأحراج منِّي,
ووضعت يدها المُعَطَّرة على عيني, ولما رَفَعَتْهَا رأيْتُنِي وحيدًا في ذلك الوادي.
فرجعت ونفسي مردّدة:
إن الجمال هو ما تراه وتود أن تعطي لا أن تأخذ
بين الحقيقة والخيال
تحْملنا الحياة من مكان إلى مكان.
وتنتقل بنا التقادير من محيط إلى آخر...
ونحن لا نرى إِلاَّ ما وَقَفَ عثرة في سبيل سيرنا
ولا نسمع سوى صوتٍ يخيفنا.
يتجلى لنا الجمال على كرسي مجده فنقترب منه.
وباسم الشوق ندنّس أذياله,
ونخلع عنه تاج طهره.
يمرُّ بنا الحبُّ مكتسيًا ثوبَ الوداعة, فنخافه ونختبئ في
مغاور الظلمة, أو نتبعه ونفعل باسمه الشرور. والحكيم
بيننا يحمّله نيرًا ثقيلاً وهو ألطف من أنفاس الأزهار
وأرق من نسيماتِ لبنان.
تقف الحكمة في منعطفات الشوارع,
وتنادينا على رؤوس الأشهاد,
فنحسبها بُطلاً ونحتقر متَّبِعِيها.
تدعونا الحرية إلى مائدتها لنلتذَّ بخمرها وأطعمتها, فنذهب ونشره...
فتصير تلك المائدة مسرحًا للابتذال ومجالاً لاحتقار الذات.
تمدُّ الطبيعَةُ نحونا يد الولاء,
وتطلب منا أن نتمتع بجمالها, فنخشى سكينتها ونلتجئ
إلى المدينة, وهناك نتكاثر بعضُنَا على بعض كقطيع رأى ذئبًا خاطفًا.
تزورنا الحقيقة منقادة بابتسامة طفل, أو قبلة محبوبة,
فنوصد دونها أبواب عواطفنا ونغادرها كمجرم دنس
القلب البشري يستنجد بنا,
والنفس تنادينا...
ونحن أشدُّ صَمَمًا من الجماد لا نعي ولا نفهم.
وإذا ما سمع أحد صراخ قلبه ونداء نفسه, قلنا:
هذا ذو جِنَّة, وتبرَّأنا منه.
هكذا تمر الليالي ونحن غافلون.
وتُصَافِحُنَا الأيَّامُ ونحن خائفون من الليالي والأيام.
نقترب من التراب,
والآلهة تنتمي إلينا.
ونمرُّ على خبز الحياة, والمجاعة تتغذى من قوانا.
فما أحب الحياة إلينا,
وما أبعَدَنَا عن الحياة
ابتهال للموسيقى
أيتها الموسيقى!
يا (أوتربي) المقدسة.
لقد رقصت أَخَوَاتُكِ الفنونُ فيما غبر من الأجيال زمنًا
وَوُضِعْن في معاقل النسيان آخر...
وأنتِ تهزئين بهنّ,
ولم تتنازلي عن مسرح النفس يومًا واحدًا,
كأنَّك صدى القبلة الأولى التي وضعها آدم على شفتيْ حوَّاء.
صدًى له صدًى له صدى تتناقل وتتناسخ وتكتنف الكلّ وتحيا بالكلّ...
يا بْنة النفس والمحبة.
يا إناء مرارة الغرام وحلاوته.
يا أخيِلةَ القلب البشري.
يا ثمرَةَ الحزن وزهرةَ الفرح.
يا رائحةً متصاعدة من طاقة زهور المشاعر المضمومة.
يا لسان المحبين ومذيعة أسرار العاشقين.
يا صائغة الدموع من العواطف المكنونة.
يا موحِيَةَ الشّعر ومنظّمَةَ عقودِ الأوزان.
يا موحّدة الأفكار مع نتف الكلام,
ومؤلّفةَ المشاعر من مؤثِّرات الجمال...
ياأيتها التموّجات الأثيريَّة الحاملة أشباح النفس...
إلى أمواجِكِ نُسَلّم أنفُسَنَا
وفي أعماقك نستودع قلوبنا,
فاحمليها إلى ما وراء المادّة
وأَرِينَا ما تُكِنُّه عوالم الغيب
يوم مولدي
في مثلِ هذا اليوم وَلَدَتْنِي أُمّي.
في مثلِ هذا اليوم منذ خمس وعشرين سنة
وَضَعَتْنِي السَّكِينَةُ بين أيدي هذا الوجود المملوء بالصراخِ والنزاعِ والعراك.
... قد سرت خمسًا وعشرين مرة مع الأرض والقمر والشمس والكواكب
حول الناموسِ الكلّي الأعلى، ولكن:
هوذا نفسي تهمس الآن أسماء ذلك الناموس
مثلما ترجّع الكهوفُ صَدَى أمواجِ البحر...
منذ خمسٍ وعشرين سنة خَطَّتْنِي يَدُ الزَّمان كَلِمةً
في كتاب هذا العالم الغريب الهائل. وهاأنذا كلمة مبهمة،
ملتَبِسَةُ المعاني، تَرْمُزُ تارَةً إلى لا شيء وطورًا إلى أشياءَ كثيرة.
... في هذا اليوم تنتصب أمامي معاني حياتي الغابرة،
كأنَّها مرآة ضئيلة أنظر فيها طويلاً فلا أَرَى سِوَى أوجُهِ
السّنينَ الشاحبة، وملامحِ الآمالِ والأحلامِ والأماني
المتجعِّدة كملامِحِ الشيوخ. ثم أغمض عيني وأنظر ثانية
في تلك المرآة فلاَ أرى غيرَ وجهي. ثم أُحدِّق إلى وجهي
فلا أرى فيه غيرَ الكآبة. ثم أستنطِقُ الكآبة فَأَجِدُهَا خرساء
لا تتكلَّم. ولو تكلّمَتِ الكآبة لكانت أكثَرَ حَلاَوَة من الغبطة.
في الخمس والعشرين سنة الغابرة قد أحببت كثيرًا.
وكثيرًا ما أحببتُ ما يكرهُه الناس وكرِهْتُ ما يستحسنونه.
والذي أَحْبَبْتُه عندما كنتُ صَبِيًّا ما زلت أحبُّه الآن.
والذي أحبُّه الآن سأحبُّه إلى نهاية الحياة.
فالمَحَبَّةُ هي كل ما أستطيع أن أحصل عليه
ولا يقدر أَحَدٌ أَنْ يُفْقِدَني إِيَّاه....
أحببتُ الحرِّيَّة فكانت محبتي تنمو بِنُمُوِّ معرِفَتِي عبودِيَّةَ الناس للمجد
والهوان، وتتَّسِعُ باتِّساعِ إدراكي خُضُوعَهُم
للأصنامِ المخيفة التي نَحَتَتْهَا الأجيالُ المظلمة،
ونَصَبَتْهَا الجَهَالة المستَمِرّة،
ونَعَّمَتْ جَوَانِبَهَا ملامِسُ شِفَاهِ العبيد،
لكنَّني كنتُ أحبُّ هؤلاءِ العبيد بمحَبَّتي الحرية،
وأُشفِقُ عَلَيهم لأنّهم عميان يُقَبِّلونَ أحناك
الضواري الدامية ولا يبصرون، ويمتصُّون
لهاث الأفاعي الخبيثة ولا يشعرون، ويَحْفِرُون
قبورَهُمْ بأظافِرِهِم ولا يعلمون.
أَحْبَبْتُ الحرّيَّة أكثرَ من كلِّ شيء لأنَّني وجدتُهَا فتاة
قد أضناها الانفراد، وأَنْحَلَهَا الاعتزال... حتى صارت
خيالاً شَفَّافًا يَمُرُّ بين المنازِلِ،
ويَقِفُ في منعَطَفَاتِ الشَّوارع،
وينادي عابِرِي الطريق... فلا يسمعون ولا يلتفتون.
في الخمسِ والعشرين سنة أحببتُ السعادة... لكنني
لم أجدها... ولما انفَرَدْتُ بطلبها سمعت نفسي تهمس في أذني قائلة:
السعادة صَبِيَّةٌ تولَدُ وتحيا في أعماق القلب ولن
تجيء إليه من محيطه. ولمَّا فَتَحْتُ قلبي لكي أرى السعادة
وجدت هناك مرآتها وسريرها وملابسها، لكنني لم أجدها.
وقد أحببت الناس. أحببتهم كثيرًا.
والناس في شرعي ثلاثة:
واحد يلعن الحياة،
وواحد يباركها،
وواحد يتأمل بها.
فقد أحببت الأول لتعاسته، والثاني لسماحته، والثالث لمداركه...
واليوم... أقف بجانب نافذتي،... ثم أنظر مُتَأَمِّلاً بما وراءَ المدينة، فأرى
البرِّيَّةَ بكلِّ ما فيها من الجمال الرهيب...
ثم أنظر متأمِّلاً بما وراءَ البحر فأرى الفضاءَ غيرَ المُتَنَاهِي
بكلّ ما فيه من العوالِمِ السَّابِحة،
والكواكبِ اللاَّمِعَة،
والشموسِ والأقمارِ والسيَّاراتِ والثَّوابِتِ وما بينها
من الدوافِعِ والجواذِبِ المتسالمة المتنازعة، المتولَّدة، المتحوِّلة،
المُتَمَاسِكَة بِناموسٍ لا حدَّ له ولا مدى...
أنظُرُ وأتأمَّل بجميعِ هذه الأشياء... فأنسى الخمس
والعشرين... ويظهر لي كِيَانِي ومحيطي بكلِّ ما أخفاه
وأعلَنَهُ كَذَرَّةٍ من تنهُّدَةِ طفلٍ ترتجف في خلاء أَزَليِّ
الأعماق، سرمديِّ العُلُوّ، أبديّ الحدود. لكني أشعر
بكيانِ هذه الذرة، هذه النفس، هذه الذات التي أدعوها
أنا... وبصوتٍ مُتَصَاعِدٍ من قُدْسِ أقْدَاسِهَا تصرخ:
سلام أيتها الحياة.
سلام أيتها اليقظة.
سلام أيتها الرؤيا.
سلام أيها النهار الغامِرُ بنورِكَ ظلمَةَ الأرض.
سلام أيها الليل المظهِّر بظلمتِكَ أنوارَ السماء.
سلام أيتها الفصول.
سلام أيها الربيع المُعِيدُ شَبِيبَةَ الأرض.
سلام أيها الصيف المذيعُ مجدَ الشمس.
سلام أيها الخريف الواهبُ ثمارَ الأتعاب وإلَّةَ الأعمال.
سلام أيها الشتاء المُرجعُ بثوراتك عزمَ الطبيعة.
سلام أيتها الأعوام الناشِرَة ما أخفته الأعوام.
سلام أيتها الأجيال المُصلِحَة ما أفسدته الأجيال.
سلام أيها الزمن السائرُ بنا نحو الكمال.
سلام أيها الروح الضابطُ أعنَّةَ الحياة.
والمحجوبُ عنا بِنِقَابِ الشَّمْس .
باريس، 6 كانون الثاني 1908
على باب الهيكل
قد طهَّرتُ شفتيَّ بالنار المقدَّسة لأتكلَّم عن الحب,
ولمَّا فتحت شفتيَّ للكلام وجدتُنِي أخرس.
كنت أترنّم بأغاني الحب قبل أن أعرفه.
ولما عرفتُه تحوَّلتِ الألفاظ في فمي إلى لهاث ضئيل,
والأنغام في صدري إلى سكينة عميقة.
وكنتم أيها الناس, فيما مضى, تسألونني عن غرائب
الحب وعجائبه, فكنت أحدّثكم وأُقنِعُكم. أما الآن, وقد
غمرني الحب بوشاحه, فجئتُ بدوري أسألكم عن
مسالكه ومزاياه فهل بينكم من يجيبني?
... هل بينكم من يستطيع أن يُبَيِّن قلبي
لقلبي ويوضحَ ذاتي لذاتي?
ألا فأخبروني ما هذه الشعلة التي تَتَّقِد في صدري
وتلتهم قواي وتُذيب عواطفي وميولي?
وما هذه الأيدي الخفية الناعمة الخشنة التي تَقِبضُ
على روحي في ساعة الوحدة والانفراد, وتسكب في
كبدي خمرةً ممزوجة بمرارَةِ اللذة وحلاوة الأوجاع?
وما هذه الأجنحة التي ترفرف حول مضجعي
في سكينة
الليل فأسهَرَ مترقّبًا ما لا أعرفه,
مُصغيًا إلى ما لا أسمعه,
مُحدّقًا إلى ما لا أراه,
مفكّرًا بما لا أفهمه,
شاعرًا بما لا أُدركه,
مُتأوِّهًا لأَنَّ في التأوُّهِ غصَّاتٍ أَحبَّ
لديَّ من رنَّةِ الضَّحِك والابتهاج,
مستسلمًا إلى قوة غيرِ منظورةٍ تُميتُني
وتُحييني ثم تُميتُني وتُحييني حتى يطلع الفجر
ويملأ النور
زوايا غرفتي فأنام إذ ذاك...
وبين أجفاني الذابلة ترتعش أشباح اليقظة
وعلى فراشِيَ الحجري تتمايل خيالات الأحلام.
وما هذا الذي ندعوه حبًا?
أخبِروني ما هذا السر الخفيّ
الكامِنُ خلفَ الدهور,
المختبِئ وراءَ المرئيَّات,
السَّاكِنُ في ضمير الوجود?
ما هذه الفكرة المطلقة التي تجيءُ سببًا
لجميع النتائج
وتأتي نتيجةً لجميعِ الأسباب?
ما هذه اليقظَةُ التي تتناول الموتَ والحياة,
وتبتَدِع منهما حلمًا أغرَبَ مِنَ الحياة
وأعمَقَ من الموت?
أخبروني أيها الناس.
أخبروني هل بينكم من لا يستيقظ من رقدة الحياة
إذا ما لمس الحبُّ روحَه بأطرافِ أصابعه?
هل بينكم من لا يترك أباه وأمَّه ومسقط رأسه
عندما تناديه الصَّبِيَّةُ التي أحبَّها قلبُه?
هل فيكم من لا يمخر البحر ويقطع الصحاري, ويجتاز
الجبال والأودية ليلتقي المرأة التي اختارتها روحه?
أيُّ فتًى لا يتبع قلبه إلى أقاصي الأرض إذا
كان له في أقاصي الأرض حبيبة
يستطيب نكهة أنفاسها,
ويستلطف ملامس يديها,
ويستعذب رنَّة صوتها?
أيُّ بشريّ لا يحرق نفسه بخورًا أمام إله
يسمَعُ ابتهاله ويستجيبُ صَلَوَاتِه?
وقفتُ بالأمس على باب الهيكل
أسأل العابرين عن خفايا الحب ومزاياه.
مرَّ أمامي كهل... وقال متأوهًا:
الحبُّ ضعف فطري ورثناه عن الإنسان الأوّل.
ومرَّ فتى... مفتول الساعدين وقال مترنّمًا:
الحبُّ عزم يلازم كياننا
ويصل حاضرنا بماضي الأجيال ومستقبلها.
ومرَّت امرأة كئيبة... وقالت متنهّدة:
الحب سمٌّ قتَّال تتنفسه الأفاعي السَّوداء...
ومرَّت صبيَّة مورّدة الوجنتين وقالت مبتسمة:
الحب كوثر تسكبه عرائس الفجر في الأرواح...
ومرَّ طفلٌ ابنُ خمسٍ وهتف ضاحكًا:
الحبُّ أبي والحبُّ أمّي.
وانقضى النَّهار.
والناس يَمُرُّون أمام الهيكل.
وكلٌّ يصوَّر نفسَه متكلّمًا عن الحب,
ويبوح بأمانيه مُعْلنًا سرَّ الحياة.
ولمَّا جاء المساء, وسكنت حركة العابرين,
سَمِعْتُ صوتًا آتيًا من داخل الهيكل يقول:
الحياة نصفان: نصف متجلّد ونصف ملتهب.
فالحب هو النصف الملتهب.
فدخلت الهيكل إذ ذاك,
وسجدت راكعًا, مبتهلاً, مصليًّا, هاتفًا:
اجعلني يا رب طعامًا للّهيب.
اجعلني أيّها الإله مأكلاً للنارِ المقدَّسة.
آمين
أَعْطِني النَّايَ وَغَنِّ
أعطنــــي النَّــــايَ وَغَـــنِّ فالغِنَــــا سِــــرُّ الخــــلود
وأنيــــنُ النَّــــايِ يبقــــى بعــــد أن يفنـــى الوجـــود
هـــل تَخِــذْتَ الغــابَ مِثــلي مــــــنزلاً دون القُصُـــــور
فَتَتَبَّعْـــــــتَ الســــــواقي وتســــــلَّقْتَ الصخـــــور?
هــــل تحــــمَّمْتَ بعِطـــرٍ وتَنَشَّـــــــفْتَ بنـــــــور
وَشَــــرِبْتَ الفَجْـــرَ خَـــمْرًا فـــي كـــؤوسٍ مِــنْ أثــير?
هــل جَلَسْــتَ العَصْــرَ مثــلي بيــــنَ جَفْنَــــاتِ العِنَــــب
والعنـــــــاقيدُ تــــــدلَّت كَثُرَيَّــــــاتِ الــــــذَّهَب?
فَهْــــيَ لِلصَّــــادي عُيُـــونٌ وَلِمَــــنْ جَــــاعَ الطعــــام
وهـــي شَـــهْدٌ وَهْــيَ عِطْــرٌ وَلِمَــــن شَــــاءَ المُــــدَام
أعطنــــي النَّــــايَ وَغَـــنّ فالغنــــا عــــزمُ النفـــوس
وأَنيــــنُ النَّــــايِ يبقــــى بَعْــــدَ أَن تَفْنَـــى الشـــموس
أعطنــــي النَّــــايَ وَغَـــنّ فالغنــــا خــــيرُ العُلُــــوم
وأنيــــنُ النَّــــايِ يبقــــى بعــــد أن تُطْفَــــا النجـــوم
هـــل فَرَشْــتَ العشــبَ ليــلاً وَتَلَحَّـــــــفْتَ الفَضَــــــا
زاهِـــدًا فـــي مـــا ســيأتي ناســـيا مـــا قـــد مضــى
وســــكون الليــــل بَحْـــرٌ موجُــــه فــــي مَسْـــمَعك
وبِصَــــدْرِ اللَّيــــلِ قلـــبٌ خَــــافِقٌ فـــي مَضْجَـــعك?
أَعطِنــــي النَّــــايَ وَغَـــنِّ فالغِنَــــا خَــــيْرُ الصَّـــلاَة
وأنيــــنُ النَّــــايِ يَبْقَــــى بَعْــــدَ أَن تَفْنَــــى الحَيَـــاة
سأكتفي بهذا القدر فقط للتعريف وسنعود لجمع القصائد الأخرى في متفرقات لشعراء المهجرالتعديل الأخير تم بواسطة أحلام الناي ; 05-17-2009 الساعة 11:23AM
!! أنا القاك صباحا ً ومساء .. في خيالي أنت يا أغلا رجاء !!
!! .. للناي أحلامه.. !!
إضافة رد رد مع اقتباس شكراً
--------------------------------------------------------------------------------
05-05-2009 05:38PM #4 أحلام الناي
الملف الشخصي مشاهدة المشاركات رسالة خاصة إضافة إلى قائمة الإتصال
الحالة: غير متصل
تاريخ التسجيل : 04 - 05 - 2007
الدولة : على تلّة ِ حلم !!
الجنس: شاب
المشاركات : 6,774
شكراً
7
تم شكره 25 مرة في 14 مشاركةمعدل تقييم المستوى : 22
ميخائيل نعيمة
ميخائيل نعيمة 1889 - 1988مفكر عربي كبير وهو واحد من ذلك الجيل الذي قاد النهضة الفكرية والثقافية وأحدث اليقظة وقاد إلى التجديد واقسمت له المكتبة العربية مكاناً كبيراً لما كتبه وما كتب حوله. فهو شاعر وقاص ومسرحي وناقد متفهم وكاتب مقال متبصر ومتفلسف في الحياة والنفس الانسانية وقد أهدى إلينا آثاره بالعربية والانجليزية والروسية وهي كتابات تشهد له بالامتياز وتحفظ له المنزلة السامية.
ولد في بسكنتا في جبل صنين في لبنان في شهر تشرين الأول من عام 1889 وانهى دراسته المدرسية في مدرسة الجمعية الفلسطينية فيها، تبعها بخمس سنوات جامعية في بولتافيا الأوكرانية بين عامي 1905 و 1911 حيث تسنّى له الاضطلاع على مؤلّفات الادب الروسي، ثم اكمل دراسة الحقوق في الولايات المتحدة الأمريكية (منذ كانون الاول عام 1911) وحصل على الجنسية الأمريكية. انضم إلى الرابطة القلمية التي أسسها أدباء عرب في المهجر وكان نائبا لجبران خليل جبران فيها. عاد إلى بسكنتا عام 1932 واتسع نشاطه الأدبي . لقّب ب"ناسك الشخروب" ، توفي عام 1988 عن عمر يناهز المئة سنة.
قصصه
نشر نعيمة مجموعته القصصية الأولى سنة 1914 بعنوان "سنتها الجديدة"، و كان حينها في أمريكا يتابع دراسته، وفي العام التالي نشر قصة "العاقر" وانقطع على ما يبدو عن الكتابة القصصية حتى العام 1946 إلى أن صدرت قمة قصصه الموسومة بعنوان "مرداد" سنة 1952، وفيها الكثير من شخصه وفكره الفلسفي. وبعد ستة أعوام نشر سنة 1958 "أبو بطة"، التي صارت مرجعاً مدرسياً وجامعياً للأدب القصصي اللبناني/العربي النازع إلى العالمية، وكان في العام 1956 قد نشر مجموعة "أكابر" "التي يقال أنه وضعها مقابل كتاب النبي لجبران".
سنة 1949 وضع نعيمة رواية وحيدة بعنوان "مذكرات الأرقش" بعد سلسلة من القصص والمقالات والأِشعار التي لا تبدو كافية للتعبير عن ذائقة نعيمة المتوسع في النقد الأدبي وفي أنواع الأدب الأخرى.
"مسرحية الآباء والبنون" وضعها نعيمة سنة 1917، وهي عمله الثالث، بعد مجموعتين قصصيتين فلم يكتب ثانية في هذا الباب سوى مسرحية "أيوب" صادر/بيروت 1967.
ما بين عامي 1959 و 1960 وضع نعيمة قصّة حياته في ثلاثة اجزاء على شكل سيرة ذاتية بعنوان "سبعون"، ظنا منه أن السبعين هي آخر مطافه، ولكنه عاش حتى التاسعة والتسعين، وبذلك بقي عقدان من عمره خارج سيرته هذه.
شعره
"مجموعته الشعرية الوحيدة هي "همس الجفون" وضعها بالإنكليزية، وعربها محمد الصابغ سنة 1945، إلا أن الطبعة الخامسة من هذا الكتاب (نوفل/بيروت 1988) خلت من أية إشارة إلى المعرب.
مؤلفاته
في الدراسات والمقالات والنقد والرسائل وضع ميخائيل نعيمة ثقله التأليفي (22 كتاباً)،
نجوى الغروب
الغربال 1927،
كان يا ماكان 1932،
المراحل، دروب 1934،
جبران خليل جبران 1936،
زاد المعاد 1945،
البيادر 1946،
كرم على درب الأوثان 1948،
صوت العالم 1949،
النور والديجور 1953،
في مهب الريح 1957،
أبعد من موسكو ومن واشنطن 1963،
اليوم الأخير 1965،
هوامش 1972،
في الغربال الجديد 1973،
مقالات متفرقة، يابن آدم، نجوى الغروب 1974،
مختارات من ميخائيل نعيمة وأحاديث مع الصحافة 1974.
رسائل، من وحي المسيح 1977،
ومضات، شذور وأمثال، الجندي المجهول
مسرحية الآباء والبنون
التعريب
قام ميخائيل نعيمة بتعريب كتاب "النبي" لجبران خليل جبران ، كما قام آخرون من بعده بتعريبه (مثل يوسف الخال ، نشرة النهار)، فكانت نشرة نعيمة متأخرة جداً (سنة 1981)، وكانت شهرة ( النبي ) عربياً قد تجاوزت آفاق لبنان.
المراجع
جورج نخل، "ميخائيل نعيمة"، الناشر: دار الشمال للطباعة والنشر والتوزيع
محمد شفيق شيا، فلسفة ميخائيل نعيمة، الناشر: مؤسسة بحسون للنشر والتوزيع
بعض قصائده
أخي
أخي ! إنْ ضَجَّ بعدَ الحربِ غَرْبِيٌّ بأعمالِهْ
وقَدَّسَ ذِكْرَ مَنْ ماتوا وعَظَّمَ بَطْشَ أبطالِهْ
فلا تهزجْ لمن سادوا ولا تشمتْ بِمَنْ دَانَا
بل اركعْ صامتاً مثلي بقلبٍ خاشِعٍ دامٍ
لنبكي حَظَّ موتانا
***
أخي ! إنْ عادَ بعدَ الحربِ جُنديٌّ لأوطانِهْ
وألقى جسمَهُ المنهوكَ في أحضانِ خِلاّنِهْ
فلا تطلبْ إذا ما عُدْتَ للأوطانِ خلاّنَا
لأنَّ الجوعَ لم يتركْ لنا صَحْبَاً نناجيهم
سوى أشْبَاح مَوْتَانا
***
أخي ! إنْ عادَ يحرث أرضَهُ الفَلاّحُ أو يزرَعْ
ويبني بعدَ طُولِ الهَجْرِ كُوخَاً هَدَّهُ المِدْفَعْ
فقد جَفَّتْ سَوَاقِينا وَهَدَّ الذّلُّ مَأْوَانا
ولم يتركْ لنا الأعداءُ غَرْسَاً في أراضِينا
سوى أجْيَاف مَوْتَانا
***
أخي ! قد تَمَّ ما لو لم نَشَأْهُ نَحْنُ مَا تَمَّا
وقد عَمَّ البلاءُ ولو أَرَدْنَا نَحْنُ مَا عَمَّا
فلا تندبْ فأُذْن الغير ِ لا تُصْغِي لِشَكْوَانَا
بل اتبعني لنحفر خندقاً بالرفْشِ والمِعْوَل
نواري فيه مَوْتَانَا
***
أخي ! مَنْ نحنُ ؟ لا وَطَنٌ ولا أَهْلٌ ولا جَارُ
إذا نِمْنَا ، إذا قُمْنَا رِدَانَا الخِزْيُ والعَارُ
لقد خَمَّتْ بنا الدنيا كما خَمَّتْ بِمَوْتَانَا
فهات الرّفْشَ وأتبعني لنحفر خندقاً آخَر
نُوَارِي فيه أَحَيَانَا
النهر المتجمد
يا نهرُ هل نضبتْ مياهُكَ فانقطعتَ عن الخريـر ؟
أم قد هَرِمْتَ وخار عزمُكَ فانثنيتَ عن المسير ؟
***
بالأمسِ كنتَ مرنماً بين الحدائـقِ والزهـور
تتلو على الدنيا وما فيها أحاديـثَ الدهـور
***
بالأمس كنتَ تسير لا تخشى الموانعَ في الطريـق
واليومَ قد هبطتْ عليك سكينةُ اللحدِ العميـق
***
بالأمس كنـتَ إذا أتيتُكَ باكيـاً سلَّيْتَنـي
واليومَ صـرتَ إذا أتيتُكَ ضاحكـاً أبكيتنـي
***
بالأمسِ كنتَ إذا سمعتَ تنهُّـدِي وتوجُّعِـي
تبكي ، وها أبكي أنا وحدي، ولا تبكي معي !
***
ما هذه الأكفانُ ؟ أم هذي قيـودٌ من جليـد
قد كبَّلَتْكَ وذَلَّلَتْـكَ بها يدُ البـرْدِ الشديـد ؟
***
ها حولك الصفصافُ لا ورقٌ عليه ولا جمـال
يجثو كئيباً كلما مرَّتْ بـهِ ريـحُ الشمـال
***
والحَوْرُ يندبُ فوق رأسِـكَ ناثـراً أغصانَـهُ
لا يسرح الحسُّـونُ فيـهِ مـردِّداً ألحانَـهُ
***
تأتيه أسرابٌ من الغربـانِ تنعـقُ في الفَضَـا
فكأنها ترثِي شباباً من حياتِـكَ قـد مَضَـى
***
وكأنـها بنعيبها عندَ الصبـاحِ وفي المسـاء
جوقٌ يُشَيِّعُ جسمَـكَ الصافي إلى دارِ البقـاء
***
لكن سينصرف الشتا ، وتعود أيـامُ الربيـع
فتفكّ جسمكَ من عِقَالٍ مَكَّنَتْهُ يـدُ الصقيـع
***
وتكرّ موجتُكَ النقيةُ حُرَّةً نحـوَ البِحَـار
حُبلى بأسرارِ الدجى ، ثملى بأنـوارِ النهـار
***
وتعود تبسمُ إذ يلاطف وجهَكَ الصافي النسيم
وتعود تسبحُ في مياهِكَ أنجمُ الليلِ البهيـم
***
والبدرُ يبسطُ من سماه عليكَ ستراً من لُجَيْـن
والشمسُ تسترُ بالأزاهرِ منكبَيْـكَ العارِيَيْـن
***
والحَوْرُ ينسى ما اعتراهُ من المصائـبِ والمِـحَن
ويعود يشمخ أنفُهُ ويميس مُخْضَـرَّ الفَنَـن
***
وتعود للصفصافِ بعد الشيبِ أيامُ الشبـاب
فيغرد الحسُّـونُ فوق غصونهِ بدلَ الغـراب
***
قد كان لي يا نـهرُ قلبٌ ضاحكٌ مثل المروج
حُرٌّ كقلبِكَ فيه أهـواءٌ وآمـالٌ تمـوج
***
قد كان يُضحي غير ما يُمسي ولا يشكو المَلَل
واليوم قد جمدتْ كوجهِكَ فيه أمواجُ الأمـل
***
فتساوتِ الأيـامُ فيه : صباحُهـا ومسـاؤها
وتوازنَتْ فيه الحياةُ : نعيمُـها وشقـاؤها
***
سيّان فيه غدا الربيعُ مع الخريفِ أو الشتاء
سيّان نوحُ البائسين ، وضحكُ أبناءِ الصفاء
***
نَبَذَتْهُ ضوضاء ُ الحياةِ فمـالَ عنها وانفـرد
فغـدا جماداً لا يَحِنُّ ولا يميلُ إلى أحـد
***
وغدا غريباً بين قومٍ كـانَ قبـلاً منهـمُ
وغدوت بين الناس لغزاً فيه لغـزٌ مبهـمُ
***
يا نـهرُ ! ذا قلبي أراه كما أراكَ مكبَّـلا
والفرقُ أنَّك سوفَ تنشطُ من عقالِكَ ، وهو لا
إلى دودة
تدبّين دبَّ الوهنِ في جسميَ الفاني وأجري حثيثاً خلف نعشي وأكفاني
فأجتاز عمري راكضاً متعثّراً بأنقاض آمالي وأشباح أشجاني
وأبني قصوراً من هباءٍ وأشتكي إذا عبثتْ كفُّ الزمانِ ببنياني
ففي كل يومٍ لي حياةٌ جديدةٌ وفي كلّ يومٍ سكرةُ الموتِ تغشاني
ولولا ضبابُ الشكّ يا دودةَ الثرى لكنتُ أُلاقي في دبيبِكِ إيماني
فأترك أفكاري تُذيع غرورَها وأترك أحزاني تكفّن أحزاني
وأزحف في عيشي نظيرَكِ جاهلاً دواعيَ وجدي أو بواعثَ وجداني
ومستسلماً في كلّ أمرٍ وحالةٍ لحكمةِ ربّي لا لأحكام إنسان
****
فها أنتِ عمياءٌ يقودكِ مُبصرٌ وأمشي بصيراً في مسالك عُميان
لكِ الأرضُ مهدٌ والسماءُ مظلّةٌ ولي فيهما من ضيق فكريَ سِجْنان
لئن ضاقتا بي لم تضيقا بحاجتي ولكنْ بجهلي وادّعائي بعرفاني
ففي داخلي ضدّان: قلبٌ مُسلِّمٌ وفكرٌ عنيد بالتساؤل أضناني
توهّم أن الكونَ سِرٌّ وأنّهُ يُنال ببحثٍ أو يُباح ببرهان
فراح يجوب الأرضَ والجوَّ والسَّما يُسائل عن قاصٍ ويبحث عن دان
وكنتُ قصيداً قبل ذلك كاملاً فضعضع ما بي من معانٍ وأوزان
****
وأنتِ التي يستصغر الكلُّ قدرَها ويحسبها بعضٌ زيادةَ نقصان
تدبّين في حضن الحياةِ طليقةً ولا همَّ يُضنيكِ بأسرارِ أكوان
فلا تسألين الأرضَ مَنْ مدَّ طولَها ولا الشمسَ من لظّى حشاها بنيران
ولا الريحَ عن قصدٍ لها من هبوبها ولا الوردةَ الحمراءَ عن لونها القاني
وما أنتِ في عين الحياةِ دميمةٌ وأصغرُ قَدْراً من نسورٍ وعُقبان
فلا التبرُ أغلى عندها من ترابها ولا الماسُ أسنى من حجارةِ صَوّان
هل استبدلتْ يوماً غراباً ببلبلٍ وهل أهملتْ دوداً لتلهو بغزلان؟
وهل أطلعتْ شمساً لتحرقَ عوسجاً وتملأ سطحَ الأرضِ بالآس والبان؟
لعمركِ، يا أختاه، ما في حياتنا مراتبُ قَدْرٍ أو تفاوتُ أثمان
مظاهرها في الكون تبدو لناظرٍ كثيرةَ أشكالٍ عديدةَ ألوان
وأُقنومُها باقٍ من البدء واحداً تجلّتْ بشُهبٍ أم تجلّتْ بديدان
وما ناشدٌ أسرارَها، وهو كشفُها، سوى مشترٍ بالماء حرقةَ عطشان
التعديل الأخير تم بواسطة أحلام الناي ; 05-17-2009 الساعة 11:26AM
!! أنا القاك صباحا ً ومساء .. في خيالي أنت يا أغلا رجاء !!
!! .. للناي أحلامه.. !!
إضافة رد رد مع اقتباس شكراً
--------------------------------------------------------------------------------
05-05-2009 05:41PM #5 أحلام الناي
الملف الشخصي مشاهدة المشاركات رسالة خاصة إضافة إلى قائمة الإتصال
الحالة: غير متصل
تاريخ التسجيل : 04 - 05 - 2007
الدولة : على تلّة ِ حلم !!
الجنس: شاب
المشاركات : 6,774
شكراً
7
تم شكره 25 مرة في 14 مشاركةمعدل تقييم المستوى : 22
إيليا أبو ماضي
الاسم الحقيقي إيليا ضاهر أبو ماضي1889-1957
محل الميلاد المحيدثة ـ المتن الشمالي - لبنان
سبب الشهرة يأتي ثالثا في شهرته بين شعراء المهجر، بعد جبران ونعيمة..
يزخر شعر أبي ماضي بالتفاؤل والإقبال على الحياة بإسباغ الجمال على البشر والطبيعة، ويستثنى من ذلك درته الشهيرة "الطلاسم" ..
وكمعظم المهجريين يتصف بالجرأة في التعامل مع اللغة ومع القالب العمودي الموروث .
نشأ أبو ماضي في عائلة بسيطة الحال لذلك لم يستطع أن يدرس في قريته سوى الدروس الابتدائية البسيطة؛
فدخل مدرسة المحيدثة القائمة في جوار الكنيسة.
عندما اشتد به الفقر في لبنان، رحل إيليا إلى مصر عام 1902 بهدف التجارة مع عمه الذي كان يمتهن تجارة التبغ،
وهناك التقى بأنطون الجميل، الذي كان قد أنشأ مع أمين تقي الدين مجلة "الزهور" فأعجب بذكائه وعصاميته إعجابا شديدا ودعاه إلى الكتابة بالمجلة، فنشرأولى قصائده بالمجلة، وتوالى نشر أعماله، إلى أن جمع بواكير شعره في ديوان أطلق عليه اسم " تذكار الماضي " وقد صدر في عام 1911م عن المطبعة المصرية، وكان أبو ماضي إذ ذاك يبلغ من العمر 22 عاما.
اتجه أبو ماضي إلى نظم الشعر في الموضوعات الوطنية والسياسية، فلم يسلم من مطاردة السلطات، فاضطر للهجرة إلى أمريكا عام 1912 حيث استقر أولا في مدينة " سنسناتي " بولاية أوهايو حيث أقام فيها مدة أربع سنوات عمل فيها بالتجارة مع أخيه البكر مراد، ثم رحل إلى نيويورك وفي "بروكلين"، شارك في تأسيس الرابطة القلمية في الولايات المتحدة الأمريكية مع جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة.
أصدر مجلة " السمير" عام 1929م، التي تعد مصدراً أولياً لأدب إيليا أبي ماضي، كما تعد مصدراً أساسياً من مصادر الأدب المهجري، حيث نشر فيها معظم أدباء المهجر، وبخاصة أدباء المهجر الشمالي كثيراً من إنتاجهم الأدبي شعراً ونثراً.
واستمرت في الصدور حتى وفاة الشاعر عام 1957م .
يعتبر إيليا من الشعراء المهجريين الذين تفرغوا للأدب والصحافة، ويلاحظ غلبة الاتجاه الإنساني على سائر أشعاره، ولاسيما الشعر الذي قاله في ظل الرابطة القلمية وتأثر فيه بمدرسة جبران.
أهم الأعمال دواوين:
(تذكار الماضي)، (إيليا أبو ماضي)، (الجداول)، (الخمائل)، (تبر وتراب).
إيليا أبوماضي .. أنشودة التفاؤل!
بقلم: أشرف السيد سالم
عالمٌ جديدٌ فسيح للثقافة العربية، أنشأه الأدباء المهاجرون في موطنهم الجديد البعيد .. لذا نقابل اليوم فارسًا من أدباء المهجر، وشاعرًا ممن تربعوا على قمة الشعر العربي في هذه البلاد .. إنه شاعر الأمل والتفاؤل "إيليا أبي ماضي".. هذا الشاعر الكبير الذي حملت قصائده روح الشرق وهمومه، وهو في أقصى الغرب، وكأنه شجرة أرزٍ لبنانية غُرست على ضفاف الميسيسيبي.
إيليا أبي ماضي هذا الشاعر الغزير الإنتاج، الذي خلَّف لنا عدة دواوين شعر تذخر بالمشاعر الوجدانية، وتفيض بالأحاسيس الرقيقة الراقية.. وأهم هذه الدواوين "تذكار الماضي"، و"الجداول"، و"الخمائل" .. و"تبرٌ وتراب".. كانت هذه الإبداعات نتاج فتراتٍ زمانية متعاقبة .. ومحطاتٍ مكانية متنوعة في حياة شاعرنا، من جبال لبنان إلى شواطئ الإسكندرية، إلى طرقات نيويورك.. ولكنه لم يَنْسَ قط الشرق العزيز، ولبنان الحبيب الذي قال عنه أبو ماضي:
لُبنانُ والأمــلُ الذي لذويــهِوالشِّعرُ قال بنيتُ عرشــي فيهِ
وتحبُّهُ والثلجُ فــي واديـــهِبقــلائد العقيان تستغويـــهِ
بالأنجم الزهـــراءِ تسترضيهِحتـــى أعودَ إليه أرضَ التيهِ
اثنـــان أعيا الدهرَ أن يُبليهماسألوا الجمـالَ فقال هذا هيكلي
تشتاقُهُ والصــيفُ فوق هضابهوإذا تمدُّ له ذُكــاء حبالــها
وإذا تُنَقِّطُهُ السمـــاءُ عشيـةًوطني ستبقى الأرضُ عندي كلها
وكما غنَّى أبي ماضي لوطنه الأول لبنان، فقد غنى لوطنه الثاني مصر التي كان لها في نفسه أثرٌ كبير .. فقد وجد فيها الرزق والعلم.. وخطت فيها أولى خطواته على طريق الأدب.. لذلك قال في حبها:
بروحــي وما ملكته يديويمشي الفناءُ إلـى الجلمدِ
فكم بي في الناس من مُقتدِأيا مصــرُ أفديك بالأنفسين
أحبك حتى تجف البحـــاروما أنا وحدي المحبُ الأمينُ
وشعر أبي ماضي يزخر بالأمل والتفاؤل، ويرد على من يدعي أن ظروف الحياة حولنا قد تدعو للتشاؤم؛ إذ يقول:
قلتُ ابتسم يكفي التجهمُ في السماقال السمــــاءُ كئيبةٌ وتجهمـا
لن يُرجع الأسف الصبا المتصرماقال الصبا ولَّـــى فقلتُ له ابتسم
صارت لنفسـي في الغرام جهنماقال التي كانت سمــائي في الهوى
قلبي فكيف أُطيقُ أن أتبسمــا؟خــــانت عهودي بعد ما ملَّكْتُها
قضَّيتَ عمـــركَ كلــه متألماقلتُ ابتسم واطـــرب فلو قارنتها
يأتي إلــى الدنيا ويذهبُ مرغماقال البشـــاشةُ ليس تُسعد كائنًا
شبرٌ فإنك بعــدُ لــن تتبسمـاقلت ابتســم ما دام بينك والـردى
متلاطــمٌ ولذا نُحــبُّ الأنجمافاضحك فإن الشهب تضحك والدجى
وأبي ماضي عاشق للحياة وجمالها رافض للشكوى والتبرم من عنائها، يقول لمن يضيق بهذا العناء المتجاهل للجمال من حوله:
كيف تغــدو إذا غدوت عليلاأيا هذا الشــاكي وما بك داءٌ
تتوقــى قبل الرحيل الرحيلاإن شر الجُناة في الأرضِ نفسٌ
أن تــرى فوقها الندى إكليلاوترى الشوك في الورود وتعمى
من يظــن الحياة عبئًا ثقيلاهو عبءٌ علـــى الحياة ثقيلٌ
لا يرى في الوجود شيئًا جميلاوالذي نفســـه بغير جمـالٍ
لا تخـف أن يزول حتى تزولافتمتع بالصبــح مـا دمتَ فيهِ
كما أنه عاشق متيم للطبيعة، ولعل هذا العشق هو سر تفاؤله فهاهو يتحدث عن الطبيعة حديث الصب المدله :
سرَّ اللطافة في النسيم السارييا ليتني لصٌ لأسرق في الضحى
في زرقة الأفقِ الجميلِ العاريوأَجسَّ مؤتلق الجمـالِ بأصبعي
والسرَّ في جذلِ الغدير الجاريويبين لـي كنهَ المهابة في الربى
الـوادي الكئيبِ وصولة التيارِوبشاشة المرجِ الخصيبِ ووحشة
ويرافقه حب الطبيعة إلى مهجره في أمريكا، فيرسم صورةً بديعة لشلال ميلفيرد الشهير لا تخلو من شوق وتحنان لبلاده؛ إذ يقول في أبيات يذكرنا نظمها بالشعراء العباسيين:
وأنا لشــوقي لا يقر قراريشـلال "ميلفيرد" لا يقر قرارُهُ
وله ضجيــج الجحفل الجرارِفيه من السيف الصقيل بريقه
أتراه يغسلها مـــن الأوزارِأبداً يرشُ صخـوره بدموعه
أبصرتَ حول السفح شبه غُبارِفإذا تطـاير مـــاؤه متناثرًا
ويصولُ كالضرغامِ ذي الأظفارِكالبحر ذي التيارِ يدفعُ بعضهُ
ولكن هذا العاشق للطبيعة والجمال والأمل .. يبدو أنه لاقى العناء في الحب .. إذ يصفه بقوله:
فقلتُ الردى والخوفَ في البعدِ والقربِوقائلةٍ ماذا لقيتَ مـــن الحُبِّ
شمـــائلَ غُرًا لا تُنال بلا حـــبِفقالت عهدت الحـبَّ يكسب ربَّه
نفــور المها راءً فأمسيتُ فيحربِفقلت لها قد كــان حبًّا فزاده
فلما عرفتُ الحــبَ صـرتُ بلا قلبِوقد كان لي قلبٌ وكنت بلا هوى
وإذا كان شاعرنا قد وجد الشقاء في الحب، فأين يجد السعادة إذن؟
كالفلك في النهر هاج النوءُ مجراهُمرت ليالٍ وقلبي حــائرٌ قلقٌ
أضنــى المسيرُ مطاياهُ وأضناهُأو كالمسافر في قفرٍ على ظمأٍ
وأبلغُ الأمــرَ نفسي ليس تهواهُلا أدرك الأمر أهـواهُ وأطلبه
عانٍ فأنت امرؤٌ في قلبــك اللهما دام قلبُــك فيه رحمةٌ لأخٍ
ولكن موقف أبي ماضي من الغرام وتباريحه لا ينعكس على رؤياه للحب بمعناه الرحيب الذي يحرص على إشاعته بين البشر، فيقول :
وابغض فيمسي الكونُ سجنًا مُظلماأحبب فيغدو الكــوخُ لونًا نيرًا
والمرءُ لــولا الحــبُ إلا أعظماما الكأسُ لولا الخمرُ غير زجاجةٍ
زهرًا وصــار سرابُها الخداعُ مالو تعشـقُ البيداءُ أصبح رملها
ورآهُ ذو جهــلٍ فظــنَّ ورَجَّمالاح الجمالُ لذي نهــى فأحبه
المــرءُ ليس يُحبُّ حتـى يفهمالا تطلبــن محبةً مـن جاهلٍ
ولا يعني ما سقناه من أشعار أن إيليا كان بمعزلٍ عن قضايا أمته السياسية والاجتماعية، فعندما كان في مصر وجد فيها مُستعمرا غاشما وحُكاما طغاة، يواجههم شعبٌ مطحون وثوارٌ مخلصون .. فوجد لزامًا عليه أن ينخرط في صفوفهم ويسهم بشعره في نضالهم.. فقال:
أنا لا أرضى لمصرٍ أن تُضاماخَلِّني أستصرخُ القومَ النياما
هاجـه العابثُ بالحـق فلامالا تلُم في نصرة الحقِ فتىً
نقـرئ النيل التحايا والسلاماوقفا في شاطـئ النيل معي
منعوهـا مــاءَهُ إلا لمامـاوأناجيه أمانــي أمــةٍ
بيننا تجمــع مصرًا والشآمالستُ مصـريًا ولكن نسبةً
مثلما يرتقبُ الصادي الغماماأمـةٌ ترتقـبُ استقـلالها
وعندما وجد الظلم الاجتماعي يسحق ملايين الكادحين البسطاء ليثري طبقة مسيطرة تحميها السلطة الظالمة، صرخ بوجههم قائلا:
وإن ملأ السكك الجائعونْكلوا واشربوا أيها الأغنياء
تُعلمهم كيف فتك المنونْمُروا فتصولُ الجنودُ عليهم
سُراةُ البلاد فمن يحرسونْإذا الجند لم يحرسوكم وأنتم
فيا ليت شعريَ من يقتلونْوإن هم لم يقتلـوا الأشقياء
فإنهمُ للـردى يولــدونْولا يحــزننكمُ مــوتُهمْ
وإن قـدر الله شيئًا يكونْوقولوا كذا قــد أراد الإله
ولكن مهما تلبدت السماء بالغيوم التي تحيل ضوءها ظلامًا، تعود أبيات قصائده لتحوم في رحاب الأمل الفسيح والأحلام الوردية:
وابسمي كالنجمِ إن جنَّ المساءْابسمي كالورد في فجر الصباء
وإذا ما تسترُ الغيــمُ السماءْوإذا ما كفـــن الثلجُ الثرى
وتوارى النورُ في كهفِ الشتاءْوتعـرى الروضُ من أزهاره
تخلقــي حولك زهرًا وشذاءْفاحلمـي بالصيفِ ثم ابتسمي
فهو هكذا دائمًا يجد في الطبيعة كنزًا شائع الملكية ومنجمًا للأمل والتفاؤل وبلسمًا لجراح المعذبين الذين يعاتبهم بقوله:
والأرضُ ملكُكَ والسما والأنجمُكــم تشتكي وتقــول إنك معدمٌ
ونسيمــها والبلبلُ المُتـرنمُولــك الحقـول وزهرُها وأريجها
دورًا مزخــرفةً وحينًا يهدمُوالنور يبني في السفوح وفي الذرى
آياتــه قُدَّام مــن يتعلـمُفكأنه الفنــنُ يعرض عــــابثًا
بحرٌ تعومُ به الطيورُ الحوَّمُوكأنــه لِصفائــِهِ وسنـــائِهِ
وتبسمـــت فعلام لا تتبسمُهشــت لك الدنيا فمـا لك واجمًا
لقد كان إيليا أبي ماضي شاعرًا صاحب رسالة يقول في وصف شعره ورسالته:
مالي وللتشبيبِ بالصهبــاءِأنا مـا وقفتُ لكــي أُشبب بالطلا
إني نبذتُ سفاسـف الشعراءِلا تسألوني المدح أو وصف الدُمى
مدحًا وبتُّ أصون ماءَ حيائيباعـــوا لأجل المالِ ماءَ حيائهم
قـد بات واسطةً إلى الإثراءِلم يفهمــوا بالشعــر إلا أنـه التعديل الأخير تم بواسطة أحلام الناي ; 05-17-2009 الساعة 11:27AM
!! أنا القاك صباحا ً ومساء .. في خيالي أنت يا أغلا رجاء !!
!! .. للناي أحلامه.. !!
إضافة رد رد مع اقتباس شكراً
--------------------------------------------------------------------------------
05-05-2009 05:43PM #6 أحلام الناي
الملف الشخصي مشاهدة المشاركات رسالة خاصة إضافة إلى قائمة الإتصال
الحالة: غير متصل
تاريخ التسجيل : 04 - 05 - 2007
الدولة : على تلّة ِ حلم !!
الجنس: شاب
المشاركات : 6,774
شكراً
7
تم شكره 25 مرة في 14 مشاركةمعدل تقييم المستوى : 22
بعض قصائد إيليا أبو ماضي
المساء
السحب تركض في الفضاء الرحب ركض الخائفين
والشمس تبدو خلفها صفـــراء عاصبة الجبين
والبحر ساجٍ صامــتٌ فيه خشــوع الزاهدين
لكنما عـيناك باهتتان في الأفق البعيــــــد
سلمى ...بماذا تفكرين؟
سلمى ...بماذا تحلمين؟
أرأيت أحلام الطفــــولة تختفي خلف التخوم؟
أم أبصرتْ عيناك أشـــباح الكهولة في الغيوم؟
أم خفتْ أن يأتي الدُّجى الجــاني ولا تأتي النجوم؟
أنا لا أرى ما تلمحين من المشاهد إنما أظلالها في ناظريك
تنم، ياسلمى، عليــك
إني أراك كســــائحٍ في القفر ضل عن الطريق
يرجو صديقاً في الفـلاة، وأين في القفـر الصديق
يهوى البروق وضوءها، ويـخاف تـخدعهُ البروق
بلْ أنت أعـظم حيرة من فــــارسٍ تحت القتام
لا يستطيع الانتــــصار
ولا يطيق الانــــكسار
هذي الهواجـس لم تكن مرســـومة في مقلتيك
فلقـد رأيـتـك في الضحى ورأيته في وجـنتيك
لكن وجدتُك في المساء وضـعت رأسك في يديك
وجلست في عينيك ألغازٌ، وفي النفــس اكتئاب
مــثل اكتئاب العاشقين
سـلمى ...بماذا تفكرين
بالأرض كيف هوت عروش النور عن هضباتها؟
أم بالمروج الخُضرِ ســاد الصمت في جنباتها؟
أم بالعصافـير التي تعـــــدو إلى وكناتها؟
أم بالمـــــــسا؟
إن المســــــــا يخـفي المدائن كالقرى
والكوخ كالقصر المكينْ
الشـوكُ مــــــــــــثلُ الياسمين
لا فـرق عـند الليل بين النهـــر والمستنقع
يخفي ابتسامات الطــــــــروب كأدمع المتوجع
المتوجعِ إن الجمالَ يغيبُ مثل القبح تحت البرقعِ
لـكن لماذا تجـــــــزعـــين على النهار وللدجى
أحــــــــلامه ورغائبه
وســـــــماؤُهُ وكواكبهْ؟
إن كان قد ستر البلاد سهـــولها ووعورها
لم يسلب الزهر الأريج ولا المياة خـــريرها
كلا، ولا منعَ النســـائم في الفضاءِ مسيرُهَا
ما زال في الوَرَقِ الحفيفُ وفي الصَّبَا أنفاسُها
والعـــــــندليب صداحُه
لا ظفــــــــرُهُ وجناحهُ
فاصغي إلى صوت الجداول جارياتٍ في السفوح
واسـتنشـقي الأزهار في الجنات مادامت تفوح
وتمتعي بالشهـب في الأفلاك مادامتْ تلوح
من قـبل أن يأتي زمان كالضباب أو الدخان
لا تبصرين به الغـدير
ولا يلـــذُّ لك الخريرْ
مات النهار ابن الصباح فلا تقولي كيف مات
إن التأمل في الحـــياة يزيد أوجاع الحياة
فدعي الكآبة والأسى واسـترجعي مرح الفتاةْ
قد كان وجهك في الضحى مثل الضحى متهللاً
فيه البشـــاشة والبهاءْ
ليكن كــذلك في المساءْ
الطلاسم
جئتُ لا أعلم من أين ولكني أتيتُ
ولقد أبصرت أمامي طريقا فمشيتُ
وسأبقى ماشيا إن شئت هذا أم أبيتُ
كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟
لست أدري!
أجديد أم قديم أنا في هذا الوجودْ
هل أنا حرٌ طليقٌ أم أسيرٌ في قيودْ
هل أنا قائدُ نفسي في حياتي أم مقود
أتمنّى أنني أدري ولكن
لست أدري!
أتراني قبلما أصبحتُ إنسانا سويا
أتراني كنت محواً أم تراني كنت شيئا
ألهذا اللغز حل أم سيبقى أبديا
لست أدري، ولماذا لست أدري؟
لست أدري!
قد سألت البحر يوما هل أنا يا بحر مِنكا
هل صحيح مارواه بعضهم عنِّي وعنكا
أم ترى مازعموا زورا وبهتانا وإفكا
ضحِكَتْ أمواجُه مني وقالت
لست أدري
أيها البحر أتدي كم مضت ألفٌ عليكا
وهل الشاطيء يدري أنه جاث لديكا
وهل الأنهارُ تدري أنها منك إليكا
ماالذي الأمواج قالت حين ثارت
لست أدري!
كم فتاةٍ مثل ليلى وفتىً كابن الملوّحْ
أنفقا الساعات في الشاطئ؛ تشكو وهو يشرحْ
كلّما حدَّثتَ أصغتْ وإذا قالت ترنّح
أحفيف الموج سر ضيعاه؟
لست أدري
إن في صدري يا بحرُ لأسراراً عجابا
نزل السِّتر عليها وأنا كُنت الحِجابا
ولِذا أزدادُ بُعداً كلّما ازددتُ اقترابا
وأُراني كلمّا أوشكت أدري
لست أدري!
فيك مثلي أيها الجبّارُ أصداف ورملُ
إنّما أنت بلا ظلِّ ولي في الأرض ظلُ
إنما أنت بلا عقل ولي يا بحرُ عقلُ
فلماذا يا ترى أمضي وتبقى؟
لست أدري!
التعديل الأخير تم بواسطة أحلام الناي ; 05-17-2009 الساعة 11:28AM
!! أنا القاك صباحا ً ومساء .. في خيالي أنت يا أغلا رجاء !!
!! .. للناي أحلامه.. !!
إضافة رد رد مع اقتباس شكراً
--------------------------------------------------------------------------------
05-05-2009 05:46PM #7 أحلام الناي
الملف الشخصي مشاهدة المشاركات رسالة خاصة إضافة إلى قائمة الإتصال
الحالة: غير متصل
تاريخ التسجيل : 04 - 05 - 2007
الدولة : على تلّة ِ حلم !!
الجنس: شاب
المشاركات : 6,774
شكراً
7
تم شكره 25 مرة في 14 مشاركةمعدل تقييم المستوى : 22
نسيب عريضة
ولد نسيب عريضة في شهر آب سنة 1887م في مدينة " حِمْص " بشمال سوريا ، لوالدين أرثوذكسيين هما أسعد عريضة وسليمة حداد .
- تلقى تعليمه الابتدائي بمدرسة حِمْص الروسية المجانية ، وعندما ظهر تفوقه في الدراسة اختارته الجمعية الروسية الإمبراطورية ليكمل تعليمه الثانوي في مدرسة المعلمين الروسية بمدينة الناصرة في فلسطين .
وقد عاش نسيب عريضة منذ سنة 1900 في القسم الداخلي لمدرسة " الناصرة" حيث التقى بعد سنتين قضاهما في مدرسة المعلمين الروسية بتلميذ جديد ، أصبح فيما بعد صديقاً وزميلاً له مدى حياته هو ميخائيل نعيمة ، كما التقى بزميل آخر هو الشاعر عبد المسيح حداد . وأمضى في مدرسة الناصرة مدة خمس سنوات أنهى خلالها تعليمه.
- أغرم بالقراءة والتأمل منذ صغره في الطبيعة والحياة ، فقرأ أمهات الكتب في الأدب العربي خاصة دواوين الشعراء ، ثم بدأ يقرض الشعر في مختلف موضوعات الحياة وغلب على شعره التأمل .
- سافر نسيب إلى نيويورك عام 1905 وكان عمره لا يتجاوز سبع عشرة سنة ، وكان مملوءاً بالتطلع والطموح فاشتغل في المصانع والمتاجر المختلفة ، وكانت الحياة شاقة ، ولم يخفف عنه آلامها إلا عالم الشعر الذي أحبه .
- في سنة 1912 أسس مطبعة وأصدر منها مجلة "الفنون " التي احتلت مكاناً محترماً في أمريكا والعالم العربي، حيث اهتمت بشؤون الآداب والفنون الرفيعة ، ولكنها احتجبت لظروف الحرب العالمية الأولى سنة 1914 بعد أن صدر منها عشرة أعداد ، ثم عاد ليصدرها مرة أخرى سنة 1916 وظلت تصدر حتى سنة 1918 ، ثم توقفت بسبب الظروف المادية فاشتغل في التجارة مع أبناء عمه ، ولكنه شعر أن آماله قد انهارت فامتلأت كتاباته الشعرية والنثرية بروح الحزن والأسى والوحدة والتشاؤم .
- تزوج نسيب عريضة سنة 1922 السيدة نجيبة شقيقة الشاعرين عبد المسيح الحداد وندرة حداد ولم ينجبا أطفالاً .
- ترك التجارة وتسلم رئاسة تحرير جريدة ( مرآة الغرب ) لصاحبها نجيب دياب ، ثم انتقل إلى جريدة ( الهدى ) لصاحبها نعُّوم مكرزل ، وفي أثناء الحرب العالمية الثانية عُيِّنَ كمحرر في القسم العربي في مكتب الاستعلامات الحربية الأمريكية ، وعمل فيها نحو سنتين ، ثم اعتزل العمل لمرضه حيث عانى من متاعب القلب والكبد ، وعكف على جمع ديوانه ، ولكنه مات والديوان بين يدي المُجَلِّد في بروكلين في 25 آذار 1946م .
مؤلفاته :
- ديوانه الوحيد "الأرواح الحائرة" الذي صدر سنة 1946 ، والذي يحتوي على 95 قصيدة ، منها مطوّلتان إحداهما بعنوان "على طريق إرم " في 236 بيتاً موزعة على ستة أناشيد ، والقصيدة المطولة الأخرى بعنوان " احتضار أبي نواس " ، في 72 بيتاً استوحى فيها احتضار الشاعر العباسي أبي نواس .
- أسرار البلاط الروسي ، رواية مترجمة عن الروسية .
- ديك الجن الحِمْصي (قصة منشورة في مجموعة الرابطة القلمية ) .
- الصمصامة ( قصة منشورة في مجموعة الرابطة القلمية ) .
- وله مقالات وفصول مختلفة نشرها في مجلات وجرائد المهجر .
من قصائده
يا نفسُ
يا نفسُ ، ما لكِ والأنينْ ؟ تتألَّميـنَ وتُؤلِميـنْ !
عذَّبْـتِ قلبـي بالحَنينْ وكَتَمْتِـهِ ما تَقْصُدينْ
قـد نامَ أربابُ الغـرامْ وتَدَثَّـروا لُحَفَ السـلامْ
وأَبَيْـتِ يا نفـسُ المنامْ أفأنتِ وَحْـدَكِ تشعُرينْ
الليلُ مَـرَّ على سِـوَاكْ أَفَمَا دَهَاهُـمْ ما دَهَـاكْ ؟
فَلِمَ التمـرُّدُ والعِـرَاكْ ما سُـورُ جِسْمِي بالمَتِيـن
أَطْلَقْـتِ نَوْحَـكِ للظلامْ إيَّـاكِ يَسمعكِ الأنَـامْ
فَيَظُـنَّ زَفْرَتَكِ النِّيَـامْ بُوقَ النُّشُورِ ليومِ دِيـنْ
يا نَفْسُ مَا لَكِ في اضْطِرَابْ كفريسةٍ بيـنَ الذئـابْ ؟
هَلاَّ رَجَعْتِ إلى الصَّوَابْ وَبَدَلْتِ رَيْبَـكِ باليَقِينْ !
أَحَمَامَـةٌ بينَ الرِّيَـاحْ قد سَاقَهَا القَـدَرُ المُتَاحْ
فَابْتَـلَّ بالمَطَـرِ الجَنَـاحْ يا نَفْسُ مَا لَكِ تَرْجُفِينْ ؟
أَوَمَا لِحُزْنِكِ من بَـرَاحْ حتَّى وَلَوْ أَزِفَ الصَّبَاحْ !
يَا لَيْتَ سَرّكِ لِي مُبَاحْ فأَعِي صَدَى ما قد تَعِينْ !
أَسَبَتْـكِ أرْوَاحُ القَتَـامْ فَأَرَتْكِ من خَلف اللِّثَـامْ
فطَمِعْتِ في ما لا يُرَامْ؟ يَا نَفْسُ , كم ذا تَطْمَحِينْ !
أَصَعِدْتِ في رَكْبِ لنُّزُوعْ حتَّى وَصَلْتِ إلى الرُّبُوعْ
فأَتَاكِ أَمْـرٌ بالرُّجُـوعْ أَعَلَى هُبُوطِكِ تَأْسَفِيـنْ ؟
أَمْ شَاقَكِ الذِّكْرُ القَدِيـمْ ذِكْرُ الحِمَى قَبْلَ السَّدِيـمْ
فَوَقَفْتِ في سِجْنِ الأَدِيـمْ نَحْوَ الحِمَـى تَتَلَفَّتِيـنْ ؟
أَأَضَعْتِ فِكْرَاً في الفَضَاءْ فَتَبَعْتِـهِ فـوقَ الهَـوَاء
فَنَأَى وَغَلْغَلَ في العَـلاَءْ فَرَجَعْتِ ثَكْلَى تَنْدُبِيـنْ ؟
أَسَلَكْتِ في قُطْرِ الخَيَالْ دَرْبَـاً يَقُودُ إلى المُحَالْ
فَحَطَطْتِ رَحْلَكِ عِنْدْ آلْ يَمْتَصُّ رَيَّ الصَّادِرِيـنْ
فَنَسيتِ قَصْـدَكِ والطِّلاَبْ وَوَقَفْتِ يُذْهِلُكِ السَّرَابْ
وَهَرَقْتِ فَضْلاَتِ الوِطَابْ طَمَعَـاً بِمَاءٍ تَأْمُلِيـنْ؟
حتَّى إذا اشْتَـدَّ الأوَامْ وَالآلُ أَسْفَـرَ عَنْ رُكَامْ
غَيَّبْـتِ رَأْسَـكِ كَالنَّعَامْ في رَمْـلِ قَلْبِي تَحْفرِينْ !
أَعَشِقْتِ مثلَكِ في السَّمَاءْ أُخْتَـاً تَحِنُّ إلى اللِّقَاءْ
فَجَلَسْتِ في سِجْنِ الرَّجَاءْ نَحْوَ الأعَالِي تَنْظُرِيـنْ ؟
لَوَّحْـتِ بِاليَـدِ والرِّدَاءْ لِتَرَاكِ , لكنْ لا رَجَـاءْ
لم تَدْرِ أَنَّـكِ في كِسَاءْ قَدْ حِيكَ مِنْ مَاءٍ وَطِيـنْ
أَتَحُـولُ دُونَكُمَا حَيَـاهْ لَوْ كَـانَ يَبْلُوهَـا الإلهْ
لبَكَى عَلَى بَشَـرٍ بَـرَاهْ رَحِمَاً يُصَارِعُهَا الجَنِيـنْ
يَا نَفْسُ ، أنتِ لكِ الخلودْ ومَصِيرُ جسمي لِلُّحُـود
سَيَعِيثُ عَيْثَـكِ فيهِ دُودْ فَدَعِي لَهُ مَا تَنْخَرِيـنْ
يَا نَفْسُ هلْ لَكِ في الفِصَالْ فالجِسْمُ أَعْيَـاهُ الوِصَالْ
حَمَّلْتِـهِ ثِقَـلَ الجِبَـالْ وَرَذَلْتِـهِ لا تَحْفِلِيـنْ
عَطَشٌ وَجُوعٌ وَاشْتِيَـاقْ أَسَفٌ وَحُزْنٌ وَاحْتِـرِاقْ
يَا وَيْحَ عَيْشِي ! هَلْ تُطَاقْ نَزَعَاتُ نَفْسٍ لا تَلِيـنْ !
والقَلْبُ , وَا أَسَفِي عَلَيـهْ ! كَالطِّفْلِ يَبْسُطُ لِي يَدَيـهْ
هَلاَّ مَدَدْتِ يَـدَاً إِلَيـهْ كَالأُمَّهَـاتِ إلى البَنِيـنْ !
غَذَّيْتِـهِ مُـرَّ الفِطَـامْ وَحَرَمْتِـهِ ذَوْقَ الغَـرَام
وَصَنَعْتِ شَيْخَاً مِنْ غُلامْ يَحْبُو إلى بَابِ السِّنِيـنْ
فَغَدَا كَحَفَّـارِ القُبُـورْ يَئِدُ العَوَاطِفَ في الصُّدُورْ
وَيَبِيتُ يَهْتِـفُ بِالثُّبُـورْ يَشْكُو إليكِ , وَتَشْمَتِيـنْ
أَعْمَى تُطَاعِنُـهُ الشُّجُونْ وَجِرَاحُـهُ صَارَتْ عُيُونْ
وَبِهَا يَرَى سُبُلَ المَنُـونْ فَيَسِير سَيْـرَ الظافِرِيـنْ
حتَّى إذا اقْتَـرَبَ المُـرَادْ تُطْلَـى رُؤَاهُ بالسَّـوَادْ
وَيَعُود مَكْفُوفَـاً يُقَـادْ بِرَنِيـنِ عُكَّـازِ الحَنِيـنْ
يَتَلَمَّـسُ النُّـورَ البَعِيـدْ بأنَامِـلِ الفِكْرِ الشَّرِيـدْ
وَيَسِيلُ مِنْ فَمِـهِ النَّشِيدْ سَيْلَ الدِّمَاءِ مِنَ الطَّعِيـنْ
أَرَأَيْتَ بَيْـتَ العَنْكَبُوتْ وَذُبَابَـةً فِيـهِ تَمُـوتْ !
رَقَصَتْ عَلَى نَغَمِ السُّكُوتْ أَلَـمَاً فَلَمْ يُغْنِ الطَّنِيـنْ
فَكَذاكَ في شَـرَكِ الرَّجَاءْ قَلْبِي يَلَـذُّ لَـهُ الغِنَـاءْ
مَا ذَاكَ شَدْوَاً , بَلْ رِثَـاءْ يَبْكِي بِـهِ الأَمَلُ الدَّفِيـنْ
يَا نَفْسُ إنْ حُـمَّ القَضَا وَرَجَعْتِ أنتِ إلى السَّمَا
وعَلَى قَمِيصِكِ مِنْ دِمَـا قَلْبِي فَمَـاذَا تَصْنَعِيـنْ ؟
ضَحَّيْـتِ قَلْبِي للوُصُولْ وَهَرَعْتِ تَبْغِيـنِ المُثُولْ
فَإذَا دُعِيتِ إلى الدُّخُولْ فَبِأَيِّ عَيْـنٍ تَدْخُلِيـنْ !
كِفِّنُوهُ !
كِفِّنُوهُ !
وادْفِنُوهُ !
أَسْكِنُوهُ
هُوَّةَ اللَّحْدِ العَمِيقْ .
وَاذْهَبُوا لاَ تَنْدِبُوهُ ، فَهْوَ شَعْبٌ
مَيِّتٌ لَيْسَ يُفِيقْ .
ذَلَّلُوهُ ،
قَتَّلُوهُ ،
حَمَّلُوهُ
فَوْقَ مَا كَانَ يُطِيقْ .
حَمَلَ الذُّلَّ بِصَبْرٍ مِنْ دُهُورٍ
فَهْوَ فِي الذُّلِّ عَرِيقْ .
هَتْكُ عِرْضٍ ،
نَهْبُ أَرْضٍ ،
شَنْقُ بَعْضٍ
لَمْ تُحَرِّكْ غَضَبَـهْ
فَلِمَاذَا نَذْرِفُ الدَّمْعَ جُزَافَـاً ؟
لَيْسَ تَحْيَا الحَطَبَـةْ !
لاَ ، وَرَبِّي
مَا لِشَعْبِ
دُونَ قَلْبِ
غَيْر مَوتٍ مِنْ هِبَـةْ
فَدَعُوا التَّارِيخَ يَطْوِي سِفْرَ ضُعْفٍ
وَيُصَفِّي كُتُبَـهْ .
وَلْنُتَاجِرْ
فِي المَهَاجِرْ
وَلْنُفَاخِرْ
بِمَزَايَانَا الحِسَانْ
مَا عَلَيْنَا إِنْ قَضَى الشَّعْبُ جَمِيعَاً ،
أَفَلَسْنَا فِي أَمَانْ
رُبَّ ثَارٍ ،
رُبَّ عَارٍ ،
رُبَّ نَارٍ ،
حَرَّكَتْ قَلْبَ الجَبَانْ
كُلُّهَا فِينَا وَلَكِنْ لَمْ تُحَرِّكْ
سَاكِنَاً إلاَّ اللِسَانْ
وَقَفْتُ
وَقَفْتُ وقد ضـاقَ بي سبيـلُ المُنَى الساخِـرةْ
ولم يبـقَ من مَذْهَبـي سوى كَـدَرِ الآخِـرَةْ
وقفتُ وحيـداً ضَلُـولاً ضعيفـاً حليفَ الشَّجَنْ
أُريـدُ الصـلاةَ طويـلاً لِمَنْ ؟ كِدْتُ أنسى لِمَنْ ؟
إلى مَنْ يُصـلِّي فتـى تَعَـوَّدَ غيرَ الصـلاةْ
وأَشْغَـلَ قلبـاً عَتَـا وَضَـلَّ بغيـرِ الإلـه
أيَا مَنْ سنـاهُ اختفى وراءَ حُـدودِ البَشَـرْ
نَسِيتُـكَ يومَ الصَّفَـا فلا تَنْسَنِي في الكَـدَرْ
أيَا غافـراً أَرْحَمَـا يَرَى ذلَّ أمْسِي وَغَـدْ
مَعَـاذَكَ أنْ تَنْقَمَـا وحِلْمُـكَ مِلءُ الأَبَـدْ
مَرَاعِيـكَ خُضْـرُ المُنَى هي المُشْتهى سَيِّـدِي !
وجِسْمِـي دَهَاهُ العَنَـا حَنَانَيْـكَ ، خُـذْ بِيَدِي !التعديل الأخير تم بواسطة أحلام الناي ; 05-17-2009 الساعة 11:30AM
!! أنا القاك صباحا ً ومساء .. في خيالي أنت يا أغلا رجاء !!
!! .. للناي أحلامه.. !!
إضافة رد رد مع اقتباس شكراً
--------------------------------------------------------------------------------
05-05-2009 05:51PM #8 أحلام الناي
الملف الشخصي مشاهدة المشاركات رسالة خاصة إضافة إلى قائمة الإتصال
الحالة: غير متصل
تاريخ التسجيل : 04 - 05 - 2007
الدولة : على تلّة ِ حلم !!
الجنس: شاب
المشاركات : 6,774
شكراً
7
تم شكره 25 مرة في 14 مشاركةمعدل تقييم المستوى : 22
هؤلاء هم رؤوس الأدب المهجري .. ويأتي بعدهم
رشيد أيوب .. عبد المسيح حداد .. ندرة حداد .. وليم كاتسليف .. وديع باموط الياس عبدالله
بعض تأمل .. وسنعود لنكمل هذه الرحلة في هذا الأدب المختلف
والذي في رأي أنه أحدث طفرة أدبية .. وللأمانة الأسماء هنا لم أقرأ عنها ما يكفي ..
وربما هي فرصة بحث جديدة ..
( وطبعا ً الباب مفتوح لجميع الإضافات )
!! أنا القاك صباحا ً ومساء .. في خيالي أنت يا أغلا رجاء !!
!! .. للناي أحلامه.. !!
إضافة رد رد مع اقتباس شكراً
--------------------------------------------------------------------------------
05-05-2009 06:11PM #9 ابتســام
الملف الشخصي مشاهدة المشاركات رسالة خاصة إضافة إلى قائمة الإتصال
الحالة: غير متصل
تاريخ التسجيل : 20 - 02 - 2004
الدولة : شرق عدن ، غرب الله .
الجنس: فتاة
العمر: 22
المشاركات : 12,621
شكراً
19
تم شكره 74 مرة في 37 مشاركةمعدل تقييم المستوى : 28
My SMS:
العمْر يهوِي في أبشَع فصُوله !
الـ نَّاي
أسْمَاء وَشَمَت نفْسَها على عِرْقِ التّارِيخ
فَ لَا زَالوُا يَرْوُون الأدَب بِ أعْمَالِهِم الخَالِدَة
أكثَر مالفَت نَظَرِي الطّلَاسِم لِ إيليا أبو مَاضي
رَائِعَةٌ حَقًّا ،،
ومِين عَارف يمكن تُضِيف إسْمِي هَهُنا مُسْتَقْبَلًا
أضحَك طَبْعًا لا تَقُومُ قِيَامَتِهِم ^_^ ،،
إنْ شَاءَ الله سَ تَكُونُ لِي بَصْمَة هُنَا
عَافَاكَ يَـ بَاذِخ
عبثاً أستردُّ شجاعتي وبأسي
المأساةُ ليست هنا
في السوط أو المكتب أو صفارات الإنذار
إنها هناك
في المهد… في الرَّحم
فأنا قطعاً
ما كنت مربوطاً إلى رحمي بحبل سرّة
بل بحبل مشنقة.
م. الماغوط
إضافة رد رد مع اقتباس شكراً
--------------------------------------------------------------------------------
05-07-2009 04:58AM #10 أحلام الناي
الملف الشخصي مشاهدة المشاركات رسالة خاصة إضافة إلى قائمة الإتصال
الحالة: غير متصل
تاريخ التسجيل : 04 - 05 - 2007
الدولة : على تلّة ِ حلم !!
الجنس: شاب
المشاركات : 6,774
شكراً
7
تم شكره 25 مرة في 14 مشاركةمعدل تقييم المستوى : 22
رشيد أيوب
1288 - 1360 هـ / 1871 - 1941 م رشيد أيوب. شاعر لبناني، اشتهر في (المهجر) الأميركي، ولد في سبكتنا (من قرى لبنان) ورحل سنة 1889 م، إلى باريس، فأقام ثلاث سنوات، وانتقل إلى مانشستر فأقام نحو ذلك، وهو يتعاطى تصدير البضائع، وعاد إلى قريته، فمكث أشهراً. وهاجر إلى نيويورك، فكان من شعراء المهجر المجلين، واستمر إلى أن توفي، ودفن في بروكلن. كان ينعت بالشاعر الشاكي، لكثرة ما في نظمه من شكوى عنت الدهر. له: (الأيوبيات - ط) من نظمه، نشره سنة 1916، و(أغاني الدرويش - ط) نشره سنة 1928، و(هي الدنيا - ط) سنة 1939
من قصائده :
( آن النشور )
آن الـنّــشُــورُ وَجــــاءَت ســاعَـــةُ الأُمَــــمِ
واعـتَـلّــتِ الأرضُ إِذ حَــرُّ الـوَطِـيــس حــمــي
طَـمـى بِـهَـا الـخَـطـبُ حـتــى كــادَ مـحـوَرُهــا
يـزيــح عَــن مَـركَــزِ الـقُـطـبَـيــنِ مــن ألَــمِ
مـكـمـدةُ الـوَجـهِ تـبـكــي مَــن أقـامــوا بـهــا
كـالـقـلـبِ فـي الـجـسـمِ أو كـالـنـورِ فـي الـظـلـمِ
مـصـيـبَــة مَــا دَهَـتـهــا مـنــذ نـشـأتــهــا
حـتــى وَلا نَـكـبَــةُ الـطّـوفَــانِ فـــي الــقِــدَمِ
كُــنّــا ظّـنَــنّــا بـــأنّ الـسَــيــفَ دَولَــتُــهُ
دالَــت وأنّ الـقَـضَـايــا فـــي يَـــدش الـقَــلَــمِ
فَـخَـانَــنــا الأمـــرُ لــمّــا جــاءنَــا نَــبَــأ
أنّ الـقَـضَـايــا بِـغَـيــرِ الـسّـيــفِ لــم تُـــرَمِ
كـانَــت أوربّــا قُـبَـيــلَ الـيــومِ نـحـسَـبُــهــا
أمُّ الــتّــمــدّنِ نُــــورَ الــنـــاسِ كُــلّــهــمِ
فـيـهــا الـمُـلــوكُ الألـــى مَـــدّوا أكُـفّــهــمُ
نـحــوَ الـسّــلامِ لِـرَفــعِ الـضّــيــمِ والـنّــقــمِ
حَــتّــى إِذا مَـحّـصَـتــهُــم نـــارُ تَـجــرِبَــةٍ
خـانــوا الـعُـهــودَ وداســوا حُـرمَــةَ الـقَــسَــمِ
قـامَـت قِـيَـامـتـهــم مــن غـيــرِ مــا سَـبَــبٍ
حـتــى كَــأنّ بِـهِــم ضـربــاً مـــن الـلَّــمَــمِ
حُـلّــت مَـوَاثـيـقـهــم جـاشَــت ضَـغـائِـنُـهــم
عـافــوا الإخـــاءَ وفّــكّــوا عُــقــدَةَ الــرّحِــمِ
واسـتَـنــكُــروا الله حــتــى بــــاتَ دأبُــهُـــمُ
حَـشــدَ الـجُـيــوشِ ودَفــعَ الـنــاسِ لـلــضــرَمِ
أعـطــوا الـعَـلامَــةَ لـلـمـرَيــخِ عــن بَــشَــرٍ
مــن بـحــرِ حــربٍ بِـنَــارِ الـمــوتِ مــضــط
مِـن كُــلّ مــاشٍ صَـلِـيــلُ الـسـيــفِ يـطـربُــهُ
أو فــارِسٍ عِــنــدَه الـتّـصــهــالُ كـالـنّــغَــمِ
لاحَــت بَـيـارِقُــهُــم فـــي كـــلّ مُـعــتَــرَكٍ
فـي الـبـرِّ فـي الـبـحـرِ فـي الأوداءِ فــي الـقـمَــمِ
مُـسـتَـنـشِـقـيـنــض مــن الـبــارُودِ رَائِــحَــةً
كَـأنّــهــا مـــن أريـــجِ الــرّنــد والــخـــزَمِ
طــارُوا لـخــوضِ الـمَـنـايــا فــي مَـرَاكِـبِـهــم
وإن تـخُـنــهُــم لَــطــارُوا فـــي قُـلـوبِــهــمِ
فَـلَـيـلُـهُـم مـن شـعــاع الـبـيــض صُـبـحُـهــمُ
وصـبـحُـهُــم مــن دُخــانِ الـحَــربِ كـالـقَـتَــمِ
كَــم نـاشــرٍ عَـلَـمــاً فــي طَـيّــهِ كـمــنَــت
لـــهُ الـمَـنِــيّــةُ وهـــوَ نــاشــرُ الـعَــلًَــمِ
باللهِ يــا قَـبــرَ نـابـولــيــون هَـــل فَـلِــقَــت
عـظـامُــه فـانـبــرَت فــي مـجـدهــا الــهَــرِمِ
وقــامَ فَــوقَ صـفــوفِ الـجَــيــشِ تـرقُـبُــهــا
نَـفــسٌ لــهُ لِـسِــوَى الـعـلـيــاءِ لـــم تَــقــمِ
حـتــى كَــأنّ فــتــى الـهَـيــجــاءِ أودَعَــهــا
صُــدورَهُــم فَـتَـمَــشّــت فـــي نُـفُـوسِــهِــم
لــلــهِ حَـــرَبٌ بــهــا الأبــطــالُ عـاكِــفَــةٌ
مِــن كــلّ مُـقـتَـحِــمٍ لـلــمَــوتِ مُـبـتــسِــمِ
حَـــربٌ أضـــاعَ ذوُو الألــبَـــابِ فَـهــمــهُــمُ
فـيـهـا وكــلّ بـصـيــرٍ مــن لـظـاهــا عَـمِــي
حَــربٌ تـفـتّــحُ أبـــواب الـجَـحــيــمِ بِــهَــا
وَيَـفـخــرُ الـدّهــرُ فــي أحــداثِــهِ الـحــطــمِ
تَــصُــبّ نـــاراً عَــلــى الأبــطَــالِ آكِــلَــةً
مِـــنَ الـمــدافِــعِ والـمِـنــطَــادِ كَــالــديــمِ
أثــارَهَــا سَــيّــدُ الألــمَــان عَـــن طَــمَـــعٍ
وســوفَ لا يـجـتَـنــي مـنـهــا سِــوَى الــنّــدمِ
تـلــكَ الـحـقــولُ الـتــي كـانَــت تـقـيـتـهُــمُ
قَــد أصـبَـحَــت تَـغـتَــذي غـربـانـهــا بــهــمِ
ظـمــآنَــةٌ لا يُـــرَوّي الـغَــيــثُ تُـربـتَــهَــا
وفــوقــهــا جُــثَـــثُ الأشــــلاءِ كَــالأكَـــمِ
يَـبـكــي الـتـمَــدّنُ أزمـانــاُ بِـهــا خَـفَــقَــت
رَايــاتُـــهُ بِــسَـــلامٍ فــــي رُبُــوعِــهِـــم
تـلــك الـرّبــوع الـتــي شــادوا بِـسـاحَـتِــهَــا
مـعـاهِــدَ الـعِـلــمِ أمـسَــت وهــيَ كـالــرّجَــمِ
هُــنَــاكَ حُــرّيّــةٌ مــقــروحَــةٌ لَــطَــمَــت
وَجـهــاً يَـعِـيــثُ بِــه جـيــشٌ مــن الـسـقــمِ
يـــا حـاكــمــيــنَ عِــبَـــادَ اللهِ ويــحَــكُــمُ
أيــــن الــعَــدالــة والإيــفَـــاء لــلــذّمَــمِ
مَـــاذا يــحــلّ بِــكُــم لــمّــا نُـفُـوســهــمُ
تـشـكــو إِلــى بـاعــث الأمــوَاتِ مـــن رَمَـــمِ
كَــم والـــدٍ قـلــبُــه قـــد ذابَ مـــن أســـفٍ
عَــلـــى بَــنِــيــهِ وأمٍّ دَمــعُــهَــا كَـــــدَمِ
تَـرنُــو ِإلـــى قُــبّــةِ الأفـــلاك مـجـهِــشَــةً
وتَـسـتَـغِـيــثُ بـبــاري الـخـلــقِ مِــن عَـــدَمِ
وغـــادةٍ كُـلَّــمــا جـــنَّ الــظَّــلامُ هَــــوَت
عـلــى فِــراشٍ تـقـاســي مـحــنــةَ الـحُــلُــمِ
طَـوراً تـرَى حـبّـهــا فــي الـحــرب مـنـهَـزمــاً
وَتـــارَةً تَـلـتَـقِـيــهــش غــيــر مُــنــهَــزِمِ
يـبــدو لـهــا وجــهــه فـــي زيِّ مُـبـتَــهِــجٍ
أو شــاحِــبٍ بــوشــاحِ الــمَــوتِ مُـلــتَــثِــمِ
إن كــان مــا قــد جَـنَــاهُ الـعـلــمُ مَـهـلَــكَــةً
لـلـنّــاس يــا لَــيــتَ دامَ الـجــهــلُ لِــلأُمَــمِ
أو كــان لا بُــدّ فــي الـحـالَـيــنِ مـــن كَـــدَرٍ
لـلـنّـاس يــا لَـيــتَ هــذا الـعـيــش لــم يَــدُمِ
( جلست عند الروض )
جلستُ في الروض وحدي عند ساقيةٍ يُرَدّدُ المـاءُ فيهـا صـوتَ ألحانـي
والرّيحُ تخفقُ مِـن حولـي مهينمـة كما يُهَينـمُ قلبـي الخافـقُ العانـي
وعن يمينيَ فوقَ الغُصـنِ صائحَـةٌ مخضوبةُ الكفّ لونَ الأحمَرِ القانـي
طَـوراً تُغَـرّدُ تَغريـدي وآونَــةًُ تنوحُ نَوحي إذا ما الشـوقُ أبكانـي
والزّهرُ فاحَ شذاها في الفضاء كمـا يفوحُ شِعريَ من روحي ووجدانـي
فقلتُ لمّا رأيتُ الـرّوضَ مملكتـي وأنّنـي بيـنَ أنصـاري وأعوانـي
يا لَيتَ محبُوبتي في الرّوضِ حاضرةٌ كَيما ترانيَ فـي عِـزّي وسُلطانـي
( أفيقي كفاك مناما ً )
أفيقـي كفـاكِ مَنـام بدا الفَجرُ كم تهجعيـن
وقامت لِتنعى الظـلام طيـورٌ ألا تَسمَعـيـن
فقُومي نجـدّ المَسيـر إلى الحَقلِ قبل الضّحى
ونشدو بشاطي الغدير فها جوّنا قـد صَحـا
وهَيّا اسمعي فالرّعـاة وقطعانهم في الجبـال
ألا ما أُحَيلـى الحيـاة بأرضِ البَها والجَمَـال
حبيبَـةَ قَلبـي أتــى زمانُ الجنى والحصاد
أفيقـي فَحَتّـى متـى لقد طالَ هـذا الرّقـاد
وهبّي فصافي النّسيـم بصنّيـنَ قَـد هَينَـمـا
لِنمشي معـاً فالنّعيـم بِلُبنَـانـنـا أيـنَـمَـا
بدا الفجرُ حانَ اللحاق فقُومي لننفي الهمـوم
أفيقـي فـإنّ الرّفـاق مشوا قبلنَـا للكُـروم
تَجَلّى لنفسـي السّفـر فقلتُ لها بعـد حيـن
فسيقت بمـوجِ القـدر وضاعت ببحرِ السّنينالتعديل الأخير تم بواسطة أحلام الناي ; 05-17-2009 الساعة 11:29AM
!! أنا القاك صباحا ً ومساء .. في خيالي أنت يا أغلا رجاء !!
!! .. للناي أحلامه.. !!
إضافة رد رد مع اقتباس شكراً
--------------------------------------------------------------------------------
+ الرد على الموضوع
صفحة 1 من 2
1
2
الأخيرة
إذهب إلى الصفحة: الإنتقال السريع شرفات الأدب الأعلى
أقسام المنتدىلوحة التحكمالرسائل الخاصةالاشتراكاتالمتواجدون الآنالبحث في المنتدىالصفحة الرئيسية للمنتدىالمنتدياتأسطورة العظماء أسطورة العظماءمولد البرنس الثامنمكتبة البرنس شرفات الكتابشرفات الأدبواحة مضيئةالمنتديات العامة تهاليل الـ هلا .. بأعازيف الـ غلانفحات إيمانية ، روحانية أناشيدمسابقات روحانيةإبحار قلم ، عبر حرف و مقالطلابنا وطالباتنا (ـ English language forum ـ)امتزاج أرواح آل البرنسقلب الحدثسياحتناالمنتديات الأدبية إيقاع رذاذ المطروزن وقافية مائدة القافية بـ ألق الإنتقاءجدائل المطرثرثرة الأرواحقوافل الحكايةالمنتديات الإجتماعية مملكة الحب الأبديةوطن لكل أنثى البرنس مولفنجان قهوةالمنتديات الترفيهية وناسة في وناسةعدسة التصوير الضوئي صيد الكاميراعدسة الفيديوأهل الفنصدى الملاعبالمنتديات التقنية تقنية الأجيال الألعاب الإلكترونيةماسنجريريشة مبدع دروسهمملحقاتهمموبايلي بلاك بيري و آي فون - Blackberry & iPhoneقنوات أقمارناسيارتيالمنتديات الإدارية نقطة تواصلقسم تحميل الملفاتخفايا القلوب رسالة إدارية. إلغاء التغييرات
الأخطاءحدثت الأخطاء التالية عند الإرسال.نجحت
(( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ))
ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س
ش ص ض ط ظ ع غ ف ق ك ل م
ن ه و ي ة أ إ آ ء ؤ ئ ى
الخطوط ArialArial BlackArial NarrowBook AntiquaCentury GothicComic Sans MSCourier NewDecoType Naskh VariantsDecoType ThuluthDiwani LetterFixedsysFranklin Gothic MediumGaramondGeorgiaImpactLucida ConsoleLucida Sans UnicodeMicrosoft Sans SerifMS Sans SerifMonotype KoufiMudir MTPalatino LinotypeSimplified ArabicSystemTahomaTimes New RomanTraditional ArabicTrebuchet MSVerdana الأحجام 1234567
.
. اضافة الرد السريع إلى المشاركة قيد التنفيذ - يرجى الإنتظار...
.« مزرعة الحيوان ...جورج أورويل
مدن الملح ....رائعة عبدالرحمن منيف » معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (1 من الأعضاء و 0 زائر)
مطهرالديلمي,
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
إضافة/ تعديل الكلمات الدلالية
لا يوجد
عرض سحابة الكلمة الدلالية
مواقع النشر (المفضلة)
مواقع النشر (المفضلة)
Digg del.icio.us StumbleUpon Google . ضوابط المشاركة
تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك
أكواد المنتدى متاحة
الابتسامات متاحة
كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة
قوانين المنتدى
. -- 8White -- 8years -- Flowers_albrens -- SimpleBlack V4 -- albrens 4.0.0 -- Arabic -- English الاتصال بناشبكة البرنسالأرشيفPrivacy Policy الأعلى
.الساعة الآن 01:04PM
Powered by vBulletin™ Version 4.0.8
Copyright © 2010 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.5.2
تصميم واستضافة: فنتاستك للإستضافة والتصميم
المواضيع و المشاركات المنشورة تمثل وجهة نظر كاتبها وليست بالضرورة أن تمثل الرأي الرسمي لإدارة منتديات البرنس