الخميس، 19 مايو 2016

زيدالذاري ومقاله جديده

 لعبة الكبار القذرة على أرض اليمن
- ليكون اليمن أرض تلاقٍ سعودي -إيراني على قاعدة المصالح المشتركة
- عن الشراكة وثقافة الإلغاء
إيران في نصرتها للقضية اليمنية لا يتجاوز سقف التصريحات⁠⁠⁠⁠⁠
 
بول باسيل - الثبات
 
اليمن ينزف منذ أكثر من عام على مرأى أعين الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمنظمات الدولية والقوى الكبرى التي تحكم العالم.. ما همّهم؟ فهم يتلهّون في عقد صفقات بيع الأسلحة والنفظ والغاز في الأسواق المالية..
 
إنها معضلة الإنسان، الذي ما إن يتطور للحظات نحو الأفضل، يأتِ من يعيده إلى الخلف. هذه المعضلة على حالها بانتظار صحوة الإنسان على ذاته.
 
جريدة "الثبات" حاورت السياسي اليمني مستشار الدائرة السياسية في المؤتمر الشعبي اليمني زيد الذاري، وإليكم أبرز ما جاء:
 
تأسف الذاري لتجاهل العرب والمسلمين الشعب اليمني الذي ينزف منذ أكثر من عام وشهرين، ويشير إلى أن "اليمن يُطحَن، بعد أن كان مستقراً، مستلحقاً بعض الدول التي لحقها الخراب والدمار والتفكك ضمن سياق التيَهان الذي يعيشه العرب".
 
يرفض الذاري لوم الخارج فقط، لأن لومه الأساسي ينصبّ باتجاه الإنسان اليمني والقادة السياسيين والنُّخب اليمنية التي عجزت عن المضي بوطنها نحو الاستقرار، كونها تتصرف من منطلق مشاريع خاصة وفئوية وحزبية وجغرافية، يقول: أين المشروع الوطني الجامع من هؤلاء؟ وضع اليمن اليوم ضعيف، والقصف الممنهَج يطال البنى التحتية، واقتتال داخلي يزيد التمزق للإنسان، وهذه الخسارة في النسيج الاجتماعي أنشأت مناخات مساعدة لتحقيق مشاريع الانفصال، لتجزئة اليمن، تحت غطاء شعارات الحرب الممتدة، والتي إذ ما استمرّت ستُنتج مفاهيم اشتراطية على مستوى رسم الخرائط والأحجام.
 
يضيف الذاري: نحن نعرف أن اليمنيين تقاتلوا فيما بينهم، كما أنهم تقاتلوا مع الخليجيين، والاعتداء السعودي على اليمن لا لبس فيه اليوم، لكن مع رفع الجميع شعار "السلام"بعد إنهاك هذا الجميع، من شأن ذلك إيجاد حلول ومخارج لوقف الحرب. عُقدت جولتان من المفاوضات في جنيف من دون نتائج مثمرة، وحصلت مفاوضات مباشرة بين الجانب اليمني بين "أنصار الله" (الحوثيون) والمملكة العربية السعودية، ­وحصلت تفاهمات مهدت لانعقاد جولة الكويت الراهنة. هذا التواصل أدى إلى تهدئة بخصوص الاشتباكات على الحدود السعودية اليمنية، لكنها لم توقف الاشتباكات على بقية الجبهات، ولم توقف قصف طيران دول التحالف على مواقع كثيرة، وهذا ما يؤشر إلى عدم نضوح حالة التسوية، رغم توافُر مناخات إقليمية ودولية لـ"السلام". يتابع الذاري حديثه: مع الأسف الشديد، الدماء اليمنية تُدفع من أجل تطبيق سيناريوهات دولية استراتيجية على المستوى الدولي، إنها لعبة الكبار القذرة على أرض اليمن.
 
يربط الذاري العدوان على اليمن المستمر منذ زمن طويل، بلحظات عقد اتفاقيات دولية معيّنة، من أجل ترتيب وإعادة تموضعات معيّنة، ضمن صراع الملفات في المنطقة. نسأله عما إذا كان يقصد بذلك التفاهم الأميركي - الإيراني، سيما أن الأخيرة تعلن أنها مع فصل ملفها النووي عن بقية الملفات العالقة، يردّ الذاري: العدوان على اليمن جاء ضمن سياق خلافات بينيّة دولية وإقليمية، والهدف منه إعادة ترتيب الأوضاع والأحجام والاستراتيجيات، ومن بين دوافع العدوان على اليمن، ريبة السعودية (سواء كان حقيقية أو لا) من تمدد النفوذ الإيراني، وأن تكون اليمن ملحقة بمحور إيران، فشنّت السعودية عدوانها على اليمن وبرّرته.. وفي العموم، هناك مسار دولي وقرار دولي سار  فيه الرئيس الأميركي باراك أوباما، خلاصته إيجاد تفاهم مع الجمهورية الإسلامية، وهذا ما تحوّل فيما بعد إلى قناعة غربية، بدليل أن المفاوضات الغربية كانت الدول الخمسة زائد واحد.
 
برأي الذاري، يوجد قرار دولي كبير بطيّ صفحة العداء بين الغرب وإيران، والقضية ليست محصورة في الجانب النووي، وإن كانت محصورة في هذا الملف فتداعياته ستؤدي إلى فتح باب العلاقة لمناقشة كل نقاط التماس الخلافية بين هذه القوى الدولية وإيران، التي يزداد حضورها الكبير على مستوى العالمين العربي والإسلامي.
 
يلفت الذاري هنا إلى مخاوف السعودية من توجّهات الغرب الجديدة، يقول: الرياض تشعر أن التوجُّه الأميركي صوب إيران سيكون على حسابها، وربما تشعر أن إيران ستُمنح دوراً مهيمناً يفوق دورها.. ضمن هذا السايق وهامش حراك الرياض، ما زالت السعودية عضواً مؤثراً داخل الأسرة الدولية، ويمكن لها أن تتحرك من خلال تحالفاتها وعلاقاتها، وأميركا بهذا المعنى أعطت اليمن جائزة ترضية للسعودية لتمرير اتفاقها  مع ايران.
 
نسأل مستشار الدائرة السياسية في المؤتمر الشعبي اليمني زيد الذاري: وهل نجحت السعودية في تحقيق أهدافها؟ يقول: بمعزل عن حقيقة حجم حضور إيران في اليمن، والذي اتضح انه مبالغ فيه وليس مخيفاً كما تزعم السعودية، إيران في نصرتها للقضية اليمنية لا يتجاوز سقف التصريحات التي لا تعدل شيئاً في مواقف وموازين القوى على المستوى السياسي والدبلوماسي ومجلس الأمن والأمم المتحدة والمنظمات. ولعل ذلك ربما أحد الالتزامات والقيود التي سارت بها إيران في إطار الاتفاق مع القوى الدولية.
 
يفسّر الذاري أكثرمقاربته فيقول: السعودية لم تحقق أهدافها، مقولة ناقصة، فالرياض قبل العدوان ليست كما بعده، وبرأيي، أهدافها الخفيّة تحققت، وهذا الأمر قد يُفهم لأي دولة جارة لا تريد اليمن أن يكون قوياً ضمن إطار الوضع الدولي المتعارَف عليه، فاليمن القوي أصبح ضعيفاً، واليمن الموحَّد بات ممزَّقاً، واليمن الذي كان بإمكانه أن يستغني صار يمناً محتاجاً..
 
برأي الذاري، من أهداف السعودية إضعاف حركة "أنصار الله"، وهذا ما تمّ فعله، كون هذه المنظمة التي كانت فتية وقوية وقادرة، باتت ملتهية بصراعات داخلية، يضيف: من الأهداف السعودية الأخرى التي تحققت، إبعاد "شبح الوجود الإيراني في الخليج"، وبهذا المعنى: "نعم، السعودية أراحت بالها، وكرست محوريتها وقطبيتها في عالمنا العربي والاسلامي ولكن..".
 
لكن
واقعية الذاري تجعله ينطر إلى المخاطر التي تحدق بالسعودية إن بقيت في عدوانها، يقول: لكن هناك جوانب أخرى ربما لا يدركها أشقاؤنا في الخليج، وهي أن حالة الضعف والتفكك والفقر والمعاناة للإنسان اليمني في منطقة التماس معهم قد يكون في لحظة معيّنة وظروف ومناخات إقليمية دولية خطرة عليهم، إن لم يتمّ تصويب وترميم وتضميد الجراحات التي حدثت من خلال إعمار النفوس التي تمزّقت، وإعمار البنى التي دُمِّرت.
 
يقرّ الذاري انّ الشعب اليمني جزءاً لا يتجزأ من محيطه، لهذا يقول: مصالحنا مترابطة وعلاقاتنا وثيقة، والوقائع تثبت أن الجارّ اقدر على ايذاءك وأقدر على مساعدتك، والبعيد يمكن أن يكون قادراً على ايذاءك ولكنه قد يعجز عن مساعدتك ان اراد أصلاً..
 
يرفض الذاري وضع اللائمة لما يحصل في اليمن على الأسباب الخارجية، مشيراً إلى أن باب ولوج أية مؤامرة أو مخططات خارجية سيّرنا بمنطق الشعور القبلي، فيما النُّخب السياسية تتلهى في رؤاها الضيقة؛ كما كان حاصلاً أيام تحالف الحكم برئاسة علي عبد الصالح، ورغم تنحّيه عن الحكم، وهذا يُحسب لصالحه، واستغلال منافسيه التاريخيين حالة الشباب الصادقة مع بداية أحداث الثورة عام 2011، امتطت مشاريع خبيثة خارجية وسياسات مصلحية ضيقة هذا الزخم الوطني، فاستعان بعض الداخل مع قوى دولية وإقليمية لمواجهة الرئيس، وتحديداً قطر، ضمن سياسة مشروع "الإخوان المسلمين"، لحكم الدول العربية، بعد ترهُّل أنظمتها، لـ"مواجهة إيران ومدّها نتيجة الفراغ الذي قد يطرأ".
 
الشراكة
 
برأي الذاري، لا خلاص إلا باعتماد الشراكة سبيلاً في حكم اليمن، يقول: مشكلتنا أننا نسير بثقافة الاستئثار وإلغاء الآخر، وهذا ما يدخلنا في دوامة الصراعات، وهكذا دواليك في اليمن منذ الحرب الأولى ضد "الحوثيين"، فالبعض يريد إلغاءهم، لكن لم يُلغَوْا، وفي لحظة محددة كاد "الحوثيون" أن يسطروا على اليمن، ويلغوا خصومهم. وفي عام 2011 سعى معارضو الرئيس اليمني علي عبدالله صالح إلى إلغائه، رغم شعبيته وشرعية الحكم، ورغم تنحيه من السلطة.. ثقافة الإلغاء هي المعتمَدة. والتي لا تنتج الا دورات متتاليه من الصراعات والحروب ، وكل حرب الغائيه تستولد من رحمها حربا تالية .
 
نسأل الذاري عن مفاوضات الكويت، يقول: أدعو إلى جعل اليمن أرض تلاقٍ سعودي -إيراني على قاعدة المصالح المشتركة المشروعة، لا نريد من اليمن ساحة صراع، كون معادلة الصراع والتقاتل نتيجتها معادلة صفرية. نحن نصرّ على العلاقة الخاصة التي تجمع الشعبين السعودي مع اليمني، لكن هذا الأمر لا يخوّل أحداً حكم اليمن من الرياض أو طهران أو أية دولة.. وبرأينا، ساحة التلاقي التي أدعو إليها تُقرّ بالحضور السعودي، كونها أصلاً مفروضة من خلال عوامل التاريخ والجغرافيا التي يستحيل مغادرتها او القفز عليها وما تحتمانه من اولويات في سلم العلاقة والمصالح المشتركه  القائمة على قيم الأخوّة والنديه والاحترام المتبادل . وفي السياق يلفت الذاري الى ما باتت السعوديه تجيد استخدامه وتوظيفه من الاوراق الناعمة التي تمتلكها بما جعلها شبه مهيمنه على فضاء الفعل والتأثير  السياسي والحركة الدبلوماسيه على مسرح عالمنا العربي والاسلامي ، ولهذا السبب برأينا أن اتفاق السعودية وإيران من شأنه إطفاء وإخماد جميع الحروب في المنطقة.
 
تحذير
يضيف الذاري: انها اللحظة الحاسمة لأخذ الجميع قرار السلم، والسعودية التي كانت قوية وشجاعة في حمل السلاح لتقتل الإنسان اليمني، فلتكن شجاعة بمدّ اليد بصدق من اجل السلام واعادة الإعمار وبلمسة النفوس، واليمنيون الذين كانوا شجعاناً بما في الكفاية ليظهروا بطولاتهم في الدفاع عن وطنهم والتقاتل فيما بينهم، عليهم أن يكونوا اليوم شجعاناً بمستوى المسؤولية بمدّ يد التلاقي من اجل السلام، كون الناس يصعب عليهم التلاقي مع عدوها لأنّهم معتادون على اتخاذ قرارات الحرب والقتال.
 ينهي الذاري حديثه بالإشارة إلى أهمية مفاوضات الكويت، يقول: الشعب اليمني يعوّل عليها تحقيق نتائج إيجابية، لتنفيذ خطوات نحو السلام، وفشل هذه الخطوة ستؤدي إلى مزيد من الصراعات، ليس في اليمن وحسب، بل في الجوار ايضاً. العقد ليست مستحيلة يمكن تجاوزها. وإذا ما وجدت الإرادة للخير بنفس درجة إرادة الحرب والعدوان، يمكن ان يتحقق كل شيء. أمّا مسألة تدوير الزوايا فيمكن للمفاوضين حلّها بساعات... لهذا السبب اتمنى من كل اصدقاء اليمن ومحبيه الإقليميين والدوليين أن يدفعوا باتجاه تسهيل اتفاق اليمنيين لأنه في السلام تعمر الأوطان والبلدان